مع تجدد المظاهرات اليوم في مصر، تعرب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن مخاوفها من أن يواجه المتظاهرون قمعًا مكثفًا من جانب السلطات المصرية، في ظل صمت مستمر من المجتمع الدولي على التدخلات العنيفة السابقة لقوات الأمن المصرية. لذا نكرر التحذيرات الجماعية لجماعات حقوق الإنسان المصرية والتي ترجح المزيد من إراقة الدماء والفوضى في البلاد في غياب أي شكل من أشكال مساءلة المجتمع الدولي للحكومة المصرية.
في مساء يوم 20 سبتمبر، اندلعت الاحتجاجات في أنحاء مصر، وبخاصة في القاهرة والإسكندرية والسويس والمحلة، رغم حظر المظاهرات لمدة ست سنوات، وذلك على خلفية مزاعم بالفساد من مقاول الجيش الخاص محمد علي، الذي كشف في مقاطع مصورة- شاهدها الألاف حول العالم- وقائع إهدار للمال العام أدعى تورط الرئيس عبد الفتاح السيسي ومسئولين عسكريين رفيعي المستوى فيها. وفي مساء اليوم التالي تجمع المتظاهرون مرة أخرى في مدن مختلفة، وقد حاول ضباط الشرطة قمعهم بالرصاص المطاطي، وفقًا لشهود عيان. وبحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم القبض على أكثر من 2000 شخصًا، بينهم قُصّر، من 20 محافظة، كما تعرض المتظاهرين لقنابل الغاز المسيل للدموع، واختفى المئات منهم قسراً على أيدي قوات الأمن ولم يمثلوا أمام المحكمة بعد.
وفي محاولة واضحة لردع المزيد من المظاهرات بالخوف والترهيب، اعتقلت السلطات المصرية وأخفت قسريا العديد من المواطنين الفاعلين في الحياة العامة في مصر، بما في ذلك خمسة- على الأقل- من العاملين في وسائل الإعلام وعشرة من ممثلي وقيادات أحزاب المعارضة، فضلاً عن عدد من المحامين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ومن أبرز المعتقلين، المدافعة عن حقوق الإنسان ماهينور المصري، والرئيس السابق لحزب الدستور الليبرالي خالد داود، وأساتذة العلوم السياسية حازم حسني وحسن نافعة.
إن تصاعد العنف السياسي وخاصة خلال زيارة الرئيس السيسي لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، يأتي بعد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي بأنه “ديكتاتوره المفضل”، ومن ثم فلم يكن غريبًا أن يكرر ترامب في هذا الاجتماع أن “مصر لديها قائد عظيم، وأنه محترم للغاية.”
لقد فشل العديد من زعماء العالم حتى الآن في التعبير عن انتقادات علنية أو التنديد بموجة العنف التي شنتها الدولة المصرية مؤخرا ضد المتظاهرين، بما في ذلك وزير الخارجية الفرنسي لو دريان، الذي زار مصر على سبيل المجاملة قبل أسبوع.
ونحن من جانبنا ندين بشدة حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية الجماعية والمضايقة القضائية للمتظاهرين المسالمين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ونناشد المجتمع الدولي بإلحاح إدانة الموقف بشدة، ونحث السلطات المصرية على:
- وقف الممارسات المنهجية للاعتقالات التعسفية، والحبس الاحتياطي المطول، والإعدام خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
- الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الأشخاص، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين والأساتذة الجامعيين، المحتجزين حاليًا في مصر لممارستهم حقوقهم الدستورية في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات؛
- وضع حدّ لحملة تجريم جميع أشكال المعارضة والترهيب والمضايقة والمحاكمة لكل شخص ينتقد الحكومة أو يُنظر إليه على هذا النحو.
- فتح تحقيق مستقل في مزاعم تورط الرئيس المصري وأسرته والمؤسسة العسكرية في جرائم فساد، وإصدار ملخص شفاف عن هذا التحقيق للجمهور الوطني والدولي.
Share this Post