على الأمم المتحدة والدول الأعضاء المطالبة بتحقيق دولي في مجلس حقوق الإنسان بشأن جرائم الحرب والانتهاكات في ليبيا
دعا مسئولون رفيعو المستوى من الأمم المتحدة وعشرات الدول الأعضاء إلى إجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، وذلك خلال الجلسة الـ 42 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي عقدت بجنيف في الفترة بين 09-27 سبتمبر الماضي. فبحسب جيريمي سميث مدير مكتب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بجنيف: “شهدت هذه الجلسة أوضح وأقوى دعوة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بشأن الحاجة الملحة لفتح تحقيق أممي حول الجرائم في ليبيا منذ سقوط حكومة القذافي.” وتابع سيمث: “ويتعين على الدول الأعضاء الآن ضمان تحقق هذه الدعوات، وإجراء هذا التحقيق في أقرب وقت، إذ أن التراجع عن ذلك لن يؤدي إلا إلى تشجيع الجماعات المسلحة على مزيد من استخدام العنف، وخاصة ضد المدنيين والبنية التحتية والمحتجزين والمهاجرين والحقوقيين وممثلي الهيئات القضائية.”
كانت دعوات إضافية لإجراء هذا التحقيق الدولي بشأن ليبيا قد ترددت خلال الندوة رفيعة المستوى المنعقدة على هامش الجلسة في 20 سبتمبر الماضي تحت عنوان “ليبيا: التقدم نحو المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان”. نظم هذا اللقاء كل من هولندا وسويسرا وفنلندا ومكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان وعدد من منظمات المجتمع المدني الليبية والدولية البارزة، ومن بينهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، واللجنة الدولية للحقوقيين ومحامي العدالة في ليبيا.
وفي اصطفاف نادر واستثنائي للمجتمع الدولي، اجتمعت شخصيات بارزة من الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الهولندية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والليبية لمناقشة الوسائل المناسبة لتعزيز سيادة القانون في ليبيا، وكسر حلقة الإفلات من العقاب في البلاد، لا سيما من خلال إجراء تحقيق دولي مستقل في المجلس. فمن جانبه ذكر، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة: “أن المساءلة ضرورية لأي تقدم نحو السلام والاستقرار والعدالة في ليبيا، ولجنة التحقيق هي أبسط وأقوى طريقة لبلوغ محاسبة أكثر فعالية بخصوص الجرائم المرتكبة في ليبيا.” وعلق فرانشيسكو موتا، رئيس فرع آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية السامية أنه: “ولسوء الحظ، فإن النظام القضائي الليبي غير قادر حاليًا على ضمان المساءلة بسبب العنف المستمر في البلاد”، مؤكدًا على استعداد المفوضية دعم اقتراح “سلامة” بشأن إجراء تحقيق مستقل حول الوضع في ليبيا. وفي كلمته خلال الندوة أيضًا، شدد وزير العدل الليبي السابق صلاح الميرغني– الذي يمثل برنامج ليبيا، أنه: “وبينما نعقد نحن هذا اللقاء في جنيف هناك مدنيين أبرياء ومهاجرين ولاجئين في ليبيا يتعرضون للقتل والخطف والاغتصاب، فضلاً عن أشكال أخرى للعنف والوحشية.” بينما تطرق جيفري فان ليوين، مدير الشرق الأوسط بوزارة الشؤون الخارجية الهولندية، إلى أن العدالة في ليبيا “ليست اختيارية ولا قابلة للتفاوض”، متعهدًا بأن تتشاور هولندا مع الشركاء حول كيفية المضي قدمًا في هذا الشأن مع الشركاء.
“المفوضية تدعم بقوة إنشاء هيئة دولية مكلفة بالتحقيق في كامل نطاق انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في ليبيا، وعلى استعداد للقيام بدورها كاملاً في دعم هذه الهيئة” هكذا صرحت كيت غيلمور، نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان، في 25 سبتمبر، أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، خلال استعراضها تقرير المفوضية حول أخر المستجدات بشأن ليبيا. وقد كرر السيد سلامة، الممثل الخاص للأمين العام، التعهد نفسه بدعم هيئة التحقيق في كلمته بالجلسة نفسها عبر الفيديو. وفي السياق نفسه، دعمت العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال هذه الجلسة الدعوات الخاصة بفتح مثل هذا التحقيق من قبل مجلس حقوق الإنسان، وذلك في بيان مجمع نيابة عن جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، جاء فيه: “يجب تقديم المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان إلى العدالة ومحاسبتهم. ومن أجل تسهيل ذلك، يجب إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وذات مصداقية، بواسطة مجلس حقوق الإنسان.”
كما تطرق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في مداخلته أمام المجلس للشأن نفسه، والتي جاء فيها: “كان يبدو أن المحاولات الدولية للتوصل إلى اتفاق سلام وطني في ليبيا تهمش وتقلل من أهمية المساءلة الجنائية الوطنية والدولية، من أجل إرضاء الجماعات المسلحة داخل البلاد. وقد فشل هذا النهج في توفير رادع للعنف المستمر في ليبيا، كما ترك المواطنين الليبيين الذين كافحوا من أجل إصلاح قطاع المساءلة والعدالة على المستوى الوطني دون حماية أو دعم دولي. والآن مطلوب نهج جديد يضع المساءلة عن الانتهاكات المستمرة وانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني على رأس قائمة الأولويات … ولتكن الخطوة الأولى إعادة تشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن ليبيا في هذا المجلس.”
Share this Post