لطالما أيدت البرازيل بقوة حقوق الفلسطينيين ودعمت سعيهم لتحقيق الاستقلال والعدالة، ولكن في أعقاب انتخاب الحكومة الجديدة، بقيادة الرئيس جير بولسونارو، تغيرت السياسة البرازيلية بشكل كبير فيما يتعلق بفلسطين. إذ وقع تحول ملحوظ في نمط تصويت البرازيل في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة على القرارات المتعلقة بفلسطين.
ورغم أن البرازيل، في الماضي، أيدت جميع القرارات السنوية الأربعة، بشأن تطبيق القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أنها في مارس 2019، صوتت ضد القرار 40/13، المعنون “ضمان المساءلة والعدالة عن جميع انتهاكات القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.” بل وامتنعت البرازيل عن التصويت على القرار 40/24 بشأن “المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وفي الجولان السوري المحتل.”
هذه المواقف تؤكد نية البرازيل في تتبع خطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في انتهاك جديد للقانون الدولي. إذ سبق وأعلن بولسونارو في يناير 2019، أن البرازيل ستنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وأضاف: “لقد تم اتخاذ القرار؛ والمسألة الآن تتعلق فقط بتوقيت تنفيذه”.
بيان المجتمع المدني البرازيلي بخصوص ترشح البرازيل لعضوية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة
تود منظمات المجتمع المدني البرازيلية، وبدعم من العديد من المنظمات الأجنبية والإقليمية والدولية، أن تعبر عن قلقلها الشديد بخصوص ترشح البرازيل لعضوية مجلس حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات للفترة ما بين 2020 و2022، حيث تم التعبير عن هذ القلق في عدة مناسبات من قبل المجتمع المدني ويتم تكراره نظرا للموقف الذي تتبناه الحكومة البرازيلية في أطر ومساحات الأمم المتحدة ، بما في ذلك وخصوصا الموقف الذي كرره الرئيس شخصيا في خطابه خلال افتتاح أعمال الدورة ال74 للجمعية العامة في الأمم المتحدة.
إن المواقف التي تتخذها الحكومة البرازيلية تنم عن تناقض ما بين ترشح البرازيل الحالي والموقف البرازيلي التقليدي والمتعارف عليه والذي جذرته عقود من العلاقات المتعددة التي دافعت دوما عن عالمية حقوق الإنسان.
إن هذه المواقف والتي لا تعترف بحقوق الإنسان كمنظومة حماية للجميع، حيث أن ما يتطلعون إليه هو حماية “الإنسان الجيد”، أو “الإنسان الصحيح”، مما يعني أن هؤلاء فقط من لهم أن يتمتعوا بالحقوق، وينظر للآخرين ك”مجمرمين” ومن يدافع عنهم كأشخاص دون حقوق. إن مواقف كهذه تعزز الإنعزالية والتعدي على حقوق النساء، وحقوق الأقليات الجنسية، والشعوب الأصلية، والكيمبولاس، والشعوب التقليدية ومجتمعهاتهم، والمجتمعات ذات البشرة السوداء، والشباب وآخرين. إن تكرار هذه المواقف والتي أصبحت ممارسات تقوم بها الحكومة البرازيلية غير مقبول، فالحكومة التي تقوم بالتحفظ على العديد من حقوق الإنسان والتي تشجع أفعالا تعود بحماية الحقوق إلى الوراء، والتي تعادي العالمية، لا يمكن أن يصدق أو يتوقع المجتمع الدولي منها إلتزامها برؤية العمل على تحقيق حقوق الإنسان بشكل تدريجي وعالمي ومترابط وغير قابل للتقسيم من أجل جميع الأفراد.
تؤكد المنظمات الموقعة أدناه رفضها للمواقف المعلنة من قبل الحكومة البرازيلية والتي تمجد المآسي، بما في ذلك من خلال الهجوم الذي شنته على المفوضة السامية لحقوق الإنسان، وتقويض الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشكل ينتهك البرتكول الإضافي لإتفاقية الأمم المتحدة لمنهاضة التعذيب، وتفكيك مجالس المشاركة المجتمعية، وإيعاز الرئاسة لقيادة الجيش للاحتفال بذكرى إنقلاب 1964، والإنكار الرسمي لهذ الإنقلاب، والرفض القاطع للاستمرار بعملية دمقرطة أراضي الشعوب الأصلية، وعدم احترام والتعدي على الشعوب التقليدية ومجتمعاتهم ورفض الإعتراف بموضوع النوع الإجتماعي خلال شرح التصويت خلال أعمال الدورة العادية ال41 لمجلس حقوق الإنسان، والإجراءات الإنقامية المتخذة ضد المدافع عن حقوق الإنسان جان ويليس خلال الدورة العادية ال40 لمجلس حقوق الإنسان، والعودة للوراء بمجال مناهضة العمل القسري، والتحريض على العنف ضد الشعوب التقليدية ومجتمعاتهم وأراضيهم، والتشريع للحق في حمل السلاح لأصحاب الأراضي، والتصريحات التي تشرع العنف ضد هذه الشعوب بما في ذلك المحرومين من الأراضي وغيرها من الإجراءات
إن هذه المواقف والأفعال تتنافى مع أهداف مجلس حقوق الإنسان والذي لا بد من أن يسترشد عمله بمبادئ عالمية حقوق الإنسان وعدم انحيازها وموضوعيتها وعدم الإنتقائية بالتعامل معها، وأهمية الحوار والتعاون الدولي البناء من أجل تعزيز وتحسين وحماية جميع الحقوق وذلك وفقا للمادة 4 من القرار 60/251 الصادر عن الجمعية العامة. كما وأقرت المادة 9 من القرار ذاته أن على أعضاء مجلس حقوق الإنسان الحفاظ على أعلى معايير احترام وتعزيز حقوق الأنسان، مما يعني أنه بغية التأهل للعضوية في مجلس حقوق الأنسان، لا بد للدولة المرشحة أن تكون قدوة وتعمل جاهدة لتعزيز وحماية الحقوق.
يرى الموقعين أدناه أن الدولة البرازيلية لا تلبي أدنى الشروط لطلب تجديد ترشحها لمجلس حقوق الإنسان وفقا للشروط المذكورة في قرار الجمعية العامة المذكور أعلاه، وعليه فإن المنظمات لا توصي دول المجتمع االدولي بالتصويت لصالح البرازيل لملئ شاغر دول مجموعة دول اميركا اللاتينية ودول الكاريبي للسنوات الثلاث القادمة 2020-2022.
كما و تتوقع منظمات المجتمع المدني من المجتمع الدولي ان يقوم بمتابعة ورصد وضعية حقوق الإنسان في البرازيل بشكل أكثر كثبا
Share this Post