سيادة الرئيس:
إن تحقيق استجابة ضعيفة للغاية من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إزاء سرعة تدهور أوضاع حقوق الإنسان والوضع الإنساني المتفاقم في اليمن هو فشل واضح من جانب المجتمع الدولي في حماية المدنيين الأبرياء من الهجمات العنيفة والقمع الوحشي. إن القرار الحالي حول اليمن المعروض أمام المجلس يفتقر إلي الإجراءات الحاسمة التي تهدف إلى توفير المساءلة حول انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد أو توفير الحماية لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، فإن هذا القرار يتجاهل تمامًا توصيات واضحة لا لبس فيها، تلك التي قدّمها مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) بعد مهمته الأخيرة في تلك البلاد إلي هذا المجلس الموقّر، وهي تتعلق بإقامة “تحقيق دولي مستقل” حول الوضع في اليمن وتحديد المسئولين عن هذه الجرائم، ووجوب محاسبتهم . وفي بيانها إلي الصحافة العامة في 22 سبتمبر، كررت المفوضة السامية دعوتها السماح بإجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي وقعت باليمن وحثت على “إنشاء المكتب الإقليمي للمفوضية في اليمن”.
وينبغي أن يكون أي قرار يعتمده مجلس الأمن بشأن الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في اليمن داعياً إلي وعاملاً علي:
• تشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان والحوادث التي نتجت عنها خسائر فادحة في الأرواح والإصابات التي لحقت بالمحتجين، مع وضع توصيات لضمان المحاسبة والمساءلة على انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان التي وقعت على أيدي قوات الأمن ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة في مظاهراتهم السلميّة إلى حد كبير.
• تأسيس مكتب -أو شكل أخر من أشكال التواجد- لمفوضية حقوق الإنسان في اليمن بأسرع ما يمكن، مع تضمين ولاية ومهمة هذا المكتب نشر تقارير علنية حول انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من جانب جميع الأطراف، والسعي إلي تنفيذ الحكومة للتوصيات الواردة في التقرير حول الزيارة التي تمت من جانب مفوضية حقوق الإنسان في اليمن.
إن القرار المعروض على المجلس الحالي يتجاهل أيضًا البيان الذي صدر في نيويورك يوم 23 سبتمبر من جانب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) الذي “يدين استخدام الأسلحة، وبخاصة الأسلحة الثقيلة ضد المتظاهرين العُّزل”، وهو البيان الذي دعا “لتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث الأخيرة التي أودت بحياة الأبرياء من اليمنيين”. هذا القرار لا يمثّل الرد المناسب حول ما جاء عن مجلس الأمن الدولي في بيان صحفي صدر يوم 24 سبتمبر، عبر فيه عن “القلق البالغ” لدي المجتمع الدولي بسبب تدهور الوضع الإنساني في اليمن.
من المفترض لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن يكون الهيئة الدولية البارزة المكلفة بتوفير الحماية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، وفي حالة اليمن، يبدو المجلس -وعلى نحو متزايد- كأنه يأخذ اتجاهًا مغايرًا حيث يتبنى نهجًا هو الأضعف في حماية الضحايا بالقياس إلي غيره من الهيئات الدولية ذات الصلة.
إن هذا الفشل في الإرادة السياسية بين مختلف الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، في الرد بشكل مناسب من خلال مجلس حقوق الإنسان هو أمر غير مقبول.
ولمدة نصف عام أو أكثر، كان أكثر من نصف المواطنين في اليمن قد اتخذوا قرارًا بالمضي في الاحتجاجات إلى الشوارع، وبطريقة سلمية في معظمها، وذلك للمطالبة بحقوقهم الأساسية وبالإصلاح الديمقراطي، وكانت الاستجابة الغالبة على الحكومة اليمنية تجاه هذه الاحتجاجات هي الجنوح إلي النقض المستمر لما قطعته علي نفسها من وعود الإصلاح، في حين كانت هذه الحكومة تنفذ تدابير قمعية قاسية ضد المتظاهرين، بما في ذلك استخدام القوة المميتة. وفي بعض الحالات، أرسلت الحكومة القناصة فوق أسطح المنازل لاستهداف المتظاهرين. وقد أُطلقت المدفعية العسكرية على حشود من المدنيين العزّل. وقامت كذلك بإرسال قوات من المعتدين بملابس مدنية للاعتداء على حشود المتظاهرين بالعصي والسكاكين، وجري استخدام الاعتقال التعسفي والاحتجاز وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للحقوق باضطراد وبسرعة كبيرة.
وخلال الأسبوع الماضي، شهد الوضع تدهورًا لم يسبق له مثيل مع وجود عشرات الأشخاص الذين قتلوا في اليمن منذ 19 سبتمبر/أيلول، وقد لجأت الحكومة إلى استخدام القوة العسكرية ضد جماعات كاملة من المتظاهرين السلميين، كما لاحظت بعثة المفوضية أن الحكومة اليمنية تبدو وكأنها غير راغبة أو غير قادرة على اتخاذ تدابير كافية لضمان المساءلة وتجنب المزيد من الانتهاكات والصراع.
نحن ندعو حكومتكم إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان تمرير قرار من مجلس حقوق الإنسان فى جلسته المقرر انعقادها الجمعة 30سبتمبر/أيلول يحث الحكومة على الاهتمام بالتوصيات الصادرة عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وعلي أن يأخذ المجلس واجباته ومسئولياته على محمل الجد. إن شعب اليمن يستحق ما هو أفضل.
مع جزيل الشكر وعظيم التقدير،
المنظمات المشاركة:
المنتدى الآسيوي لحقوق الإنسان والتنمية (منتدى آسيا(.
مركز آسيا للموارد القانونية (ALRC).
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS).
مشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي (EHAHRDP).
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR).
هيومن رايتس ووتش (HRW).
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH).
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT).
Share this Post