اختتم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قبل يومين في العاصمة البلجيكية بروكسل فعاليات المنتدى الإقليمي الثاني والعشرون للحركة العربية لحقوق الإنسان، والذي نظمه المركز هذا العام تحت عنوان “موجة ثانية من الربيع العربي أم من الحروب الأهلية”. شارك في المنتدى حقوقيين وأكاديميين وكُتّاب وسياسيين وإعلاميين من 14 دولة: مصر، السودان، تونس، سوريا، لبنان، فلسطين، اليمن، ليبيا، الجزائر، المغرب، البحرين بالإضافة إلى بلجيكا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية. وخلال المنتدى شارك الحضور المركز احتفاله بـ25 عامًا على تأسيسه، بمداخلات ورسائل وتسجيلات صوتية وصور قيمة ومعبرة.
ركز المنتدى هذا العام على قضايا الإصلاح السياسي والسلام وتحديات التحول الديمقراطي في المنطقة، في ظل موجات متلاحقة من الانتفاضات تشهدها بلدان مختلفة. وفي هذا الإطار ناقشت جلسات المنتدى سبل حل الصراعات المسلحة الجاریة في المنطقة العربیة التي اندلعت في سياق الربيع العربي؛ مصير عملیة الانتقال لحكم ديمقراطي مدني في الجزائر بعد الإطاحة بالرئيس بوتفليقة؛ التحدیات التي تواجه إنجاز الانتقال لحكم ديمقراطي مدني في السودان؛ ما الذي تحتاجه تونس لاستكمال مسار التحول الديمقراطي وذلك في ضوء سياقات ونتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام الجاري؛ فرص التغيير السیاسي في مصر ودور قوى اﻹصلاح ودعاة الديمقراطية وحقوق اﻹنسان في الداخل والخارج؛ مستقبل جماعات الإسلام السیاسي في المنطقة العربیة وأي أدوار متوقعة لھا في السیاسة في إطار نظم الحكم الحالیة؛ وأخيرا دور الإعلام الجدید المستقل في المنطقة العربیة في ظل تراجع الصحافة التقليدية والقيود على حرية الصحافة والتعبير.
بدأت فعاليات المنتدى باستعراض كلمات الافتتاح، بداية وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صالح، الذي عبر في مفتتح كلمته- المسجلة بالفيديو- عن امتنانه لسنوات من العمل المشترك مع المركز كان خلالها حصن المدافعين في المنطقة. أثنى فيصل على نضال الشعب السوداني الطويل الصبور الشجاع، معتبرًا أن تجربة السودان أثبتت أن “أسقاط النظام القديم هو الشق الأسهل في معركة بلوغ الديموقراطية، فالأصعب هو بناء نظام جديد ديموقراطي تعددي يضمن الحريات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وكل الشعارات التي ناضلنا من أجلها.” وتابع: “الإرث ثقيل، ونحن إذ نحاول التخلص من النظم القديمة برجالها ومؤسساتها وأثرها، لكن دون أن نضطر أن نستخدم ممارساتها القمعية والإقصائية العنيفة، أن نحافظ على مبادئنا حتى مع خصمنا، وإلا نكون –وإن انتصرنا- مهزومين”.
أما بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة فركز في كلمته على مغزى الموجة الثانية من الربيع العربي التي صار فيها الهم المشترك لأعمال الاحتجاج في المنطقة العربية هي التحرر من الهيمنة السياسية والاقتصادية للجيوش التي كانت تخرج المظاهرات الشعبية في زمن ما قبل 2011 لمطالبتها بتحرير فلسطين. كما يرى حسن أن الصراع حول القيم هو الركيزة الأساسية لموجات الربيع العربي، أكثر من كونها صراعا حول آليات التحول الديمقراطي، فاحتجاجات الربيع العربي هي تعبير صارخ عن الصراع من أجل الكرامة والمساواة والحريات الفردية ومن أجل هدم الهياكل ذات الطابع البطريركي سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع أو في نظام الدولة. وقد أدار جلسة الافتتاح كمال جندوبي الرئيس الشرفي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان.
خلال جلسات المنتدى الثمانية، تم استعراض ومناقشة عدد من الأوراق التي سينشرها المركز لاحقًا- المقدمة من مجموعة من الباحثين المتميزين للمنتدى، أثروا النقاش بأوراقهم حول جهود بناء السلام في الدول العربية، وطبيعة التحديات التي تواجه الإعلام الجديد في ظل مناخ الحريات القمعي، فضلاً عن أوراق تفصيلية حول تحديات الانتقال الديمقراطي في تونس والسودان ومصر والجزائر.
جدير بالذكر أن المنتدى الإقليمي لحركة حقوق الإنسان مبادرة لمركز القاهرة انطلقت في 2014 بهدف خلق إطار للحوار حول القضايا الملحة للتحول الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان في العالم العربي ومستقبل الحركة الحقوقية العربية وتحديات عملها. وفي هذا العام 2019 أولى المنتدى اهتمامًا خاصًا بقراءة الأفق المستقبلية لما يمكن اعتباره “الموجة الثانية من الربيع العربي”
Share this Post