نظم برنامج التعليم بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في نوفمبر ٢٠١٩ وللسنة الثالثة على التوالي، دورة تدريبية جديدة ضمن برنامج القيادات الشابة للمجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فعلى مدى 9 أيام التقى في مدينتين تونسيتين 15 مدافعة ومدافع عن حقوق الإنسان من العراق وسوريا وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والمغرب في برنامج تدريبي قائم على فكرة “المشارك هو محور عملية التعلم”، صُمم ليستوعب تنوع النطاق الجغرافي لعمل المشاركين وتنوع خلفياتهم الثقافية ومجالات عملهم ما بين حقوق النساء في مناطق النزاع المسلح، وحرية التعبير والعمل الصحفي والإعلامي، والأقليات الجنسية، والحراك الطلابي، ومشكلات البطالة والتشغيل الهش، وحقوق المجموعات الإثنية.
بدأت فعاليات البرنامج بمدخل حول علاقة حقوق الإنسان بالدولة والدين والمجال العام، ركز على نشأة وتطور الحركة الحقوقية وأهم تحدياتها في المنطقة العربية. كما ناقش المشاركون والمشاركات دراسات حالة تعكس نماذج متنوعة للإشكاليات الحقوقية من بينها: القمع المضاعف وانتهاك الحريات الشخصية والحقوق الفردية للنساء وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان، وقمع أشكال التعبير ومصادرة حرية الرأي، وكذا أزمة التمييز الديني الممنهج ضد الأقليات.
خلال التدريب انقسم المشاركون إلى ثلاث مجموعات عمل أساسية. ركزت الأولى على دراسة سبل مناهضة قضية التحرش الجنسي في بيئة العمل، بينما تخصصت الثانية في بحث مظاهر غياب العدالة الجنائية بحق الأقليات الجنسية، أما المجموعة الثالثة فركزت على حقوق السكان الأصليين في المنطقة. وفي كل مجموعة طبق المشاركون خطوات استراتيجيات المناصرة في قضاياهم المتعلقة بحقوق الإنسان، بداية من مناقشة أسباب المشكلة وأثرها المباشر وغير المباشر، مرورًا برصد ا العوامل التي تسببت في تنامي الظاهرة وتفشيها سواء كانت عوامل سياسية أو اجتماعية أو دينية. ومن ثم حددت كل مجموعة أهدافها ضمن خطة مواجهة المشكلة، بعد تحديد الأطراف المساعدة والمعرقلة في بيئة العمل، واستكشاف تكتيكات مرنة للعمل وصنع التغيير تتناسب مع البيئة والسياق العام وطبيعة المشكلة.
استفاد المشاركون من خبرات المجتمع المدني التونسي خاصة في مجال المناظرات، وتفنيد الحجج، وبناء الأسانيد والقرائن لمواجهة الثقافات المعادية للحريات، فضلاً عن كيفية توظيف المنصات الإعلامية لرفع وعي الجمهور المستهدف ومقاومة الحملات المضادة. وقد عزز من ذلك زيارة المشاركين لمركز تونس لحرية الصحافة، حيث تعرف المشاركون عن قرب بمساحات العمل المدني في تونس، وأهم المكتسبات والتحديات التي يواجها العمل الإعلامي والحقوقي في تونس اليوم.
تطرق التدريب أيضًا لمسألة الأمان الرقمي والسلامة المعلوماتية باعتبارها أحد ضمانات نجاح العمل الحقوقي اليوم في ظل بيئة قمعية تهدد حياة وسلامة المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة ككل. كما حرص مركز القاهرة على نقل خبرته للمشاركين في مجال المناصرة الدولية وآليات حقوق الإنسان الأممية. إذ ركز في جزء من التدريب على التعريف بنظام الشكاوى بالأمم المتحدة، وطبيعة وحدود ولاية المقررين الخواص، مؤكدًا على أهمية التشبيك مع هذه الآليات وغيرها ضمن نطاق المناصرة الدولية من أجل رفع الظلم عن ضحايا الانتهاكات في البلدان المختلفة، باعتبار جميعها أعضاء في منظومة الأمم المتحدة.
Share this Post