في رسالة في 2 أبريل الجاري، ناشد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ضمن 192 منظمة حقوقية حول العالم، مجلس الأمن بالأمم المتحدة دعم مبادرة وقف إطلاق النار عالميًا، التي أطلقها الأمين العام بهدف كبح انتشار وباء كوفيد-19، مطالبًا الأطراف المتحاربة ومؤيديها الدوليين بدء التعبئة فورًا لأجل وضع حد للصراعات التي تهدد حياة المدنيين في جميع أنحاء العالم وتجعلهم أكثر عرضة للوباء.
كان مدير مركز القاهرة بهي الدين حسن قد رحب بمبادرة الأمين العام مؤكدًا على أهميتها بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وحذر حسن من أن التباطؤ في الاستجابة لهذه الدعوة يجعل المدنيين أكثر عرضة لهذا الوباء في مناطق الصراع، مؤكدًا على ضرورة “منح الأولوية للعمل ضد الجائحة العالمية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين الضعفاء في مناطق النزاع المختلفة عبر المنطقة.”
لقد أدت سنوات من القتال والأعمال العدائية في سوريا وليبيا واليمن، حيث الهجمات المكثفة على المرافق الصحية، إلى تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية، التي تعجز اليوم عن مواجهة انتشار وباء كوفيد-19 أو التعامل معه. كما وعيش النازحون جراء هذه النزاعات في مساكن معيبة ومزدحمة وخيام وملاجئ مؤقتة، وغالبًا ما يفتقر هؤلاء إلى الموارد الأساسية للصرف الصحي والنظافة، بما في ذلك المياه.
من جانبه كرر وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، دعوة الأمين العام إلى “وقف كامل وفوري لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا لتعزيز الجهود الرامية لمواجهة الوباء.” فعلى مدى عشر سنوات من الصراع، نزح 6.2 مليون شخصًا داخل سوريا، بينهم 2.5 مليون طفلاً. ومنذ أبريل 2019، تعرضت أكثر من 60 منشأة طبية في شمال غرب سوريا للهجوم من قبل الحكومة السورية وحلفائها. بينما في شمال شرق سوريا، قطعت السلطات التركية إمدادات المياه عن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، ما أعاق قدرة الوكالات الإنسانية على إعداد وحماية المجتمعات الضعيفة من انتشار كوفيد-19.
الأمين العام دعا أيضًا “أولئك الذين يقاتلون في اليمن لوقف الأعمال العدائية على الفور، والتركيز على الوصول إلى تسوية سياسية لمواجهة اندلاع محتمل لكوفيد-19 في اليمن.” إذ يعاني المدنيون اليمنيون من أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ويحتاج أكثر من 80٪ منهم إلى المساعدة الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة. كما يُقدّر عدد السكان المهددين بالجماعة بنحو 10 مليون شخصًا، بينما يعاني 7 مليون من سوء التغذية.
وعلى غرار سوريا واليمن، في ليبيا تأثر قطاع الرعاية الصحية بشدة بسبب النزاع المسلح المستمر في جميع أنحاء البلاد. ففي 6 أبريل الجاري، تعرض مستشفى الخضراء في طرابلس للهجوم، ما أجبر مرضى كوفيد-19 على إخلاء المستشفى الذي يضم 400 سريرًا. وحتى 20 مارس 2020، أدى القصف العشوائي بين الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى تدمير 27 منشأة صحية، ما أجبر 12 منها على الإغلاق وعرّض 23 آخرين لخطر الإغلاق. يأتي هذا بينما يفتقر آلاف المدنيين، ولا سيما النازحون والمهاجرون، إلى ما يكفي من الماء والكهرباء والمأوى والغذاء؛ حيث يوجد أكثر من 8 ألف شخصًا في مراكز احتجاز مزدحمة غير صحية، يواجهون وحدهم خطر الوباء، بينما لا تحترم السلطات الليبية المتنافسة ولا الدول الداعمة لها وقف إطلاق النار المتفق عليه.
وبالمثل، دعا الأمين العام الأطراف المتحاربة في ليبيا لتوحيد قواها من أجل التصدي للوباء العالمي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء البلاد، وذلك بالنظر إلى الوضع الإنساني المتردي بالفعل إلى جانب التأثير المحتمل لوباء كوفيد-19.
وبحسب بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة: “إذا اجتمع المجتمع الدولي لدعم نداء الأمين العام، فسيمكن إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح وتجنب الأزمات الإنسانية الأسوأ في مناطق النزاع التي عانت طويلاً عبر منطقتنا.”
Share this Post