ترحب شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية (HRDN) – التي تضم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- بالاهتمام المتجدد والالتزام المعلن من قبل الاتحاد الأوروبي في سبيل مواصلة تعزيز دعم وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية في سياسته الخارجية، في ضوء نشر المفوضية الأوروبية والممثل السامي لحقوق الإنسان الجديد، في 25 مارس 2020، خطة عمل الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية للفترة 2020-2024. وقد تم تقديم الخطة لمجلس الاتحاد الأوروبي للنظر فيها واعتمادها.
خطة العمل الجديدة هي الثالثة من نوعها منذ اعتماد الإطار الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية عام 2012. وفي رسالة مشتركة إلى البرلمان والمجلس الأوروبيين، أكدت المفوضية والممثل السامي على تزايد وتعدد التحديات التي تواجه حقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التهديدات التي تفرضها التقنيات الجديدة والتحديات البيئية، على نحو يتطلب استجابات سريعة وطموحة ومبدئية من الاتحاد الأوروبي.
أكدت الرسالة أيضًا على الدور القيادي المرتقب للاتحاد الأوروبي في المشهد الجيو-سياسي المتغير، مع إدراك صعوبة الامتثال لهذا الدور بسبب التحديات الخارجية والداخلية، مثل تراجع بعض حلفاء الاتحاد الأوروبي التقليديين عن دعم حقوق الإنسان، وكذا الإصرار المتزايد من قبل الجهات المعادية، بالإضافة إلى الدور -غير المفيد- لبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد.
من هذا المنطلق، تؤكد شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية على دعمها الكامل للاقتراح المشترك بين المفوضية الأوروبية والممثل السامي لحقوق الإنسان، والمقدم إلى مجلس الاتحاد الأوروبي، والذي يدعوا لاستخدام أغلبية الأصوات المؤهلة خلال تنفيذه خطة العمل الجديدة.
على الجانب الأخر تأسف شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية لافتقاد عملية صياغة خطة العمل الجديدة، القائمة على خدمة العمل الخارجي الأوروبية، للشفافية والتعاون الحقيقي مع المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان. وذلك رغم تنظيم جولتين من المشاورات الرسمية مع المنظمات غير الحكومية، إلا أن هذه المشاورات ركزت على العناوين الرئيسية ولم توفر إلا فرصة محدودة لتعاون بناء وهادف. إذ كان ينبغي متابعة هذه المشاورات الرسمية بمشاورات متعمقة ضرورية حول إجراءات محددة. ولضمان الشفافية، ينبغي على خدمة العمل الخارجي الأوروبية نشر المذكرات التي قدمتها المنظمات غير الحكومية. وعليه، تأمل الشبكة مستقبلاً في مشاركة أفضل تنظيما وانفتاحًا مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيما يتعلق بتنفيذ خطة العمل ورصدها وتقييمها.
كما هو الحال في خطط العمل السابقة، لا تتضمن خطة 2020-2024 أية معايير أو طرق واضحة لرصد التقدم في مجال حقوق الإنسان، ومن ثم يجب أن يتضمن القسم الأخير من خطة العمل إشارة واضحة لهذه الخطوات، بما في ذلك أمثلة على معايير ومقاييس التقدم، وكذا الطرف المعني بالمراقبة، وماهية المراجعات الخارجية التي سيتم تنفيذها. إلا أن شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية ترحب بالتطور المحرز في هذه الخطة في بعض المجالات التي سبق تجاهلها في خطط العمل السابقة، بما في ذلك، من بين أمور أخرى، دعم الديمقراطية، والحقوق الرقمية، والقضايا البيئية، ومسئولية الشركات. بينما تظل الاختلافات التفصيلية بين نقاط العمل مثيرة للقلق، ففي حين أن بعض النقاط تتضمن إجراءات واضحة ومفصلة حول كيفية تحقيق هدف معين، يحدد البعض الآخر بالكاد أي إجراء، قبل أن يذكر ببساطة هدفًا واسعًا للغاية.
على عكس خطط العمل السابقة، يتضمن الهيكل المقترح الجديد قائمة غير كاملة من “وسائل التنفيذ”، ويترك بالكامل للوفود على أرض الواقع والجهات الفاعلة الأخرى قرار منع انتهاكات حقوق الإنسان أو الرد عليها، والأدوات المستخدمة في سبيل ذلك، في حين أنه ثمة ضرورة لضمان توافر درجة ما من المرونة، بالنظر لظروف كل حالة أو بلد أو موضوع. إذ تُثبت التجربة أن تنفيذ خطط العمل والمبادئ التوجيهية السابقة للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، كان، بشكل عام، متفاوتًا في أحسن الأحوال؛ وقد أدت عوامل مختلفة – منها اختلاف المواقف ومستويات الاستباقية ودرجات الانفتاح والالتزام من قبل الدبلوماسيين الأوروبيين على أرض الواقع، وكذا وجهات النظر المتباينة وجداول أعمال السياسة الخارجية بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين مختلف أجزاء المفوضية الأوروبية – إلى تناقضات كبيرة في عمل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفع النشطاء ثمنه في النهاية.
أن تنفيذ خطة العمل من خلال تصويت الأغلبية المؤهلة، مصحوبًا بتعاون حقيقي وتشاور مفتوح مع المجتمع المدني الدولي والمحلي، وكذلك شفافية أكبر حول الاستراتيجيات القطرية لحقوق الإنسان، من شأنه المساعدة في معالجة بعض هذه المخاوف. لذا تقدم شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية إلى مجموعات عمل المجلس المعنية قائمة مفصلة بالتوصيات والتعليقات على النص الحالي لخطة العمل المقترحة، والتي نأمل أن تستخدمها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساتها في مناقشاتها ومداولاتها القادمة. كما تتطلع شبكة حقوق الإنسان والديمقراطية وأعضاؤها إلى العمل مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به من أجل اعتماد خطة عمل طموحة، وتنفيذها بفعالية تعكس وتترجم بشكل واضح التعهدات القوية التي صاغها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الإطار الاستراتيجي لعام 2012.
Share this Post