في 24 يونية 2020، نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وبرنامج التطوير القانوني السوري، ندوة إلكترونية عامة حول عملية إعادة الإعمار في سوريا ومشاركة الشركات التجارية في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في سوريا، بما في ذلك التهجير وانتهاكات الإسكان والأراضي وحقوق الملكية والنهب والتدمير للممتلكات المدنية. ضم اللقاء عدد من ممثلي المجتمع المدني السوري والمنظمات الدولية وممثلي الدول الأوروبية ومؤسسات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأدار أسعد العشي، المدير التنفيذي لمنظمة بيتنا. وقد خلص النقاش لعدد من التوصيات المقدمة لأصحاب المصلحة المعنيين حول كيفية ضمان العناية الواجبة لحقوق الإنسان والشفافية والسلوك المسئول في السياق السوري.
في البداية تطرق معتصم السيوفي، المدير التنفيذي لمنظمة ذا داي أفتار، لأزمة التهجير القسري الجماعي التي عانى منها ملايين المدنيين السوريين خلال النزاع، وما نتج عنها من تغيرات ديموغرافية، فضلاً عن الإطار القانوني الذي وضعته الحكومة السورية بشأن الممتلكات، بما في ذلك القانون 10 والمرسوم 66 الذي يهدد حقوق الملكية للمدنيين ويسهم في المزيد من التهجير القسري. وحذر السيوفي: “لدينا كل الأسباب التي تجعلنا نقول إن التهجير الذي حدث في هذه المناطق هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. كما أن القوانين والمراسيم التي صدرت خلال سنوات النزاع تنتهك القانون الدولي” لذا فإن المشاركة في عملية إعادة الإعمار يمكن أن تتسبب في المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وأشارت سوسن أبو زين الدين، المهندسة المعمارية وباحثة التنمية الحضرية وعضو مؤسسة سكن لمجتمعات الإسكان، إلى أن الحكومة السورية وظفت المحسوبية الرأسمالية والسياسيين والحلفاء العسكريين للاستثمار في إعادة الإعمار، واستغلت في ذلك المساعدات الدولية. أما خطط إعادة الإعمار الحكومية فتعد إبادة حضرية، والتي تُعرف على أنها “العمل العنيف والمتعمد لتغيير أو التلاعب في التكوين الحضري للمكان في محاولة لإعادة تشكيله بطريقة تخدم المصالح السياسية”. وأضافت أبو زين الدين إلى أنه من خلال الامتناع عن التدخل في عمليات البناء، يتخلى المجتمع الدولي عن نفوذه وقدرته على التأثير على التطورات على أرض الواقع لتصبح أكثر عدالة.
أما جورجيو ميجليور، المحلل القانوني في وحدة حقوق الإنسان والأعمال في برنامج التطوير القانوني السوري، فقد أشار إلى “الدور البارز الذي يلعبه الفاعلون في مجال الأعمال التجارية، والذي أصبح الآن أكثر وضوحًا وجلاءً حيث يتغير الصراع ويتراجع القادة العسكريون إلى الوراء ويشارك الفاعلون الاقتصاديون والتجاريون بشكل متزايد في ما يحدث في سوريا”. كما أشار إلى أن الفاعلين الإنسانيين الذين يتلقون تمويلًا من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء – من خلال أنشطة الشراء الخاصة بهم – قد انخرطوا مع بعض هؤلاء الفاعلين التجاريين المحليين المتواطئين في انتهاكات حقوق الإنسان. وفي ذلك أوصى ميجليور بعدد من الإجراءات لضمان الامتثال للقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان في السياق السوري. ودعا الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى العمل على منع الشركات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاع من تلقي العقود التي يمنحها العاملون في المجال الإنساني في سوريا تنفيذا للعناية الواجبة بحقوق الإنسان.
أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ملزمون بدعم المجتمع المدني السوري وتعزيز قدراته على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ومشاركة الشركات فيها، وذلك ربما يستلزم تمرير تشريع يسمح بفرض عقوبات هادفة على أسس حقوق الإنسان بما يتماشى مع قانون “ماجنيتسكي” العالمي. كما يجب تطوير أدوات وإجراءات لتقييم مخاطر حقوق الإنسان وتقييم مشاركة الأعمال التجارية في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا قبل أن تنخرط كيانات التنمية الدولية والإقليمية أو صناديق الاستثمار السيادية والشركات الخاصة في إعادة إعمار سوريا.
Share this Post