قبل قمة “التمويل المشترك” المقرر انعقادها في نوفمبر 2020 في العاصمة الفرنسية باريس، قدمت أكثر من 200 من منظمات المجتمع المدني حول العالم- من بينهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسانوالفدرالية الدولية- رسالة إلى المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية المنظمة للقمة، تطالب بوضع حقوق الإنسان وقضايا التنمية المستدامةعلى جدول أعمال القمة وفي قلب أنشطة التمويل العالمية. وأكدت الرسالة أن التنمية القائمة على حقوق الإنسان، والتي يقودها المجتمع المحلي،هي السبيل الأنسب لتجنب تكرار الإخفاقات الماضية فيما يتعلق بسياسات التمويل. وأن التنمية المستدامة تتطلب حوكمة غير تمييزية وشاملة وتشاركية وخاضعة للمساءلة، ومن ثم فمشاركة المجتمع المدني ومعايير حقوق الإنسان فيها أمر بالغ الأهمية.
قمة” التمويل المشترك” هي عالمية تضم كل بنوك التنمية العمومية من مختلف أنحاء العالم، تعقدها وكالة التنمية الفرنسية، في الفترة من 9 إلى 12 نوفمبر القادم.
المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية،
ونحن إذ نرحب بفرصة التفاعل مع البنوك التنموية العمومية أثناء هذه القمة لخدمة مبادئ وأهداف معايير حقوق الإنسان الدولية بشكل أفضل واتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة والشفافية والمحاسبة، نشدد على أن النجاح في ذلك يرتهن بضمان المناقشة الصريحة لحقوق الإنسان واحتياجات المجتمع واعتبارها جزء من الإعلان المشترك المتوقع في نهاية القمة. وكما صرح مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان العام الماضي:
“مع قدوم أهم عقد في تطبيق أهداف التنمية المستدامة، حقوق الإنسان ليست فقط الطريق السليم وإنما أيضا الطريق الذكي للمضي قدمًا نحو تنمية أكثر عدالة واستدامة. فالتنمية لا تتعلق فقط بتغيير الشروط المادية…. بل أيضا بتمكين الناس من أن يكون لهم صوت.. أن يكونوا مشاركين فاعلين في تصميم الحلول الخاصة بهم ووضع السياسة التنموية…. إن تمكين الناس يعني تجاوز الحلول التكنوقراطية فقط، والتوقف عن التعامل معهم باعتبارهم مجرد متلقي سلبي للمساعدات والإحسان. فالتمكين الحقيقي مرتبط بقدرة الناس على المطالبة بحقوقهم وصياغة القرارات والسياسات والقواعد والشروط التي تؤثر على حياتهم”.
تعتبر حقوق الإنسان ومشاركة المجتمعات أمورًا أساسية بالنظر إلى أن أهداف التنمية المستدامة في قلب موضوعات القمة. الأمر الذي يتطلب تعديل الأجندة والنتائج المتوقعة. ولكي تكون الفاعلية شاملة، نوصي بما يلي:
- حقوق الإنسان يجب أن تنعكس في الأجندة الأساسية للقمة وحضورها والمشاركين فيها.
فكما نرى، القمة والمؤتمر البحثي لا يخصصا مساحة معينة للمدافعين عن حقوق الإنسان وممثلي المجتمع، رغم الاعتراف منذ زمن طويل بأن الالتزام بالمشاركة العمومية وحماية مساحة المجتمع المدني أمور أساسية لضمان تنمية فعالة. ومن ثم يجب أن تشارك المنظمات الحقوقية والقاعدية والمدافعين عن حقوق الإنسان في توجيه مستقبل نموذج التنمية. وعليه، يجب إشراكهم في التنظيم والمساهمة في الأجندة وتمكينهم من المشاركة في القمة. ومن الأمور ذات الأولوية في هذا الصدد، دعوة المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمعات المتأثرة بشكل مباشر بأنشطة البنك التنموي العام للمشاركة.
- تضمين مبادئ التنمية المستندة لحقوق الإنسان والتي يقودها المجتمع وإبرازها في المنجزات المتوقعة من القمة بما في ذلك الأوراق البحثية والبيانات الجماعية.
ونشجع في ذلك الحكومات والبنوك التنموية العمومية على الالتزام بتعزيز وتقوية مبادئ التنمية المستندة لحقوق الإنسان فيما يتعلق باختصاصات البنوك التنموية العامة ونظم الحوكمة الخاصة بها وسياساتها وممارساتها وثقافتها الداخلية والحوافز الخاصة بها، وتحديد ماهية المشروعات والأنشطة التي تدعمها وتستثمر فيها، وكيف تعمل مع غيرها من البنوك التنموية العامة والحكومات والفاعلين الأساسيين. هذه الالتزامات يجب أن تقود إلى عدد من التحسينات منها:
- المشاركة الكاملة والحرة للمجتمعات المتأثرة بشكل مباشر في كل المشروعات والأنشطة التي يدعمها البنك التنموي العام، والموافقة المسبقة والمستنيرة الحرة من السكان الأصليين. كما يجب تطوير مقاربات مبدعة لمواجهة ضيق المساحات والمخاطر والتحديات التي أمام المجتمعات والمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني للمشاركة الفعالة في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومعيشتهم وبيئتهم ومواردهم. ويجب أن يكون من الشروط الأساسية تبني سياسات لا تتسامح مطلقًا مع أي تهديدات أو أعمال انتقامية من قبل البنوك التنموية العمومية وعملاءهم.
- تحديد الاستثمارات المتسقة مع معايير حقوق الإنسان وحماية المناخ والأهداف التنموية المستدامة وإعادة توجيه الاستثمارات نحو جهود التنمية التي تحترم هذه المعايير، مع ضمان تلبية أولويات واحتياجات الأشخاص المهمشين.
- تطوير المتطلبات الاجتماعية والبيئية من خلال إدماج معايير حقوق الإنسان، على أن تلتزم البنوك التنموية العمومية وعملائها بمعايير ومبادئ حقوق الإنسان الواردة في الاتفاقيات الدولية. كما يجب أن تضمن الإجراءات والسياسات الحمائية أن كل الأنشطة التي تمولها البنوك التنموية العامة بشكل مباشر أو غير مباشر تحترم حقوق الإنسان، ولا تساهم في انتهاكها، وتساهم في تنمية متكافئة وشاملة تفيد كل الناس.
- تطوير وتحسين آليات الشفافية والرصد والإشراف والشكاوى والمحاسبة لمنع تقويض أنشطة واستثمارات البنك التنموي العام لحقوق الإنسان.
- ضمان تبني الشركاء أو العملاء من القطاع الخاص لمعايير وافية بشأن حقوق الإنسان والبيئة، وعدم تهربهم أو تجنبهم دفع الضرائب.
- تطوير إطار توجيهي مشترك من قبل البنوك التنموية العمومية يركز على سبل مراعاة حقوق الإنسان وأدوات تقييم الأثر في استثمارات المشاريع أو البرامج أو السياسات الإصلاحية الاقتصادية. ويتضمن هذا تحديد المخاطر واستراتيجيات المنع والتخفيف والحلول المتسقة مع معايير حقوق الإنسان الدولية. كما يجب ضمان تطوير أعمال التقييم هذه بالتشاور مع المجتمعات المتأثرة، وتحديثها بشكل مستمر بناء على تغير الظروف والمعلومات الجديدة.
- تطوير مقاربات متسقة لضمان ألا تفاقم الأنشطة التي يدعمها البنك التنموي العام من الديون أو تساهم في خفض الإنفاق العام بما يؤثر سلبًا على حقوق الإنسان أو يهدد إتاحة الخدمات الأساسية للفئات المهمشة والمستضعفة.
وكما يكرر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تتطلب الحوكمة الفعالة من أجل التنمية المستدامة حوكمة خاضعة للمساءلة وتشاركية وشاملة وغير تمييزية. ومع قدوم أهم عقد في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وفي سياق تقاطع الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، سيكون أمرا أساسيًا أن نراعي المزيد من التكامل والتماسك بين الأجندات التنموية والحقوقية.
“حقوق الإنسان ليست مجرد مرشد للطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل هي الطريقة الذكية للإسراع بالتنمية الأكثر مساواة واستدامة”.
أخيرًا، يجب أن تفتح البنوك التنموية العمومية قنوات للمشاركة الجادة مع المجتمعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وعن البيئة ومجموعات المجتمع المدني، من أجل تقييم وتصميم وتطبيق ورصد مشروعاتهم وأنشطتهم، والمشاركة في عمليات صنع القرار. لهذه الأسباب، يجب أن تعكس أجندة ومنجزات القمة مركزية حقوق الإنسان والتنمية المجتمعية من أجل الوصول إلى تنمية فعالة ومستدامة.
يسعدنا التعاون معكم وتقديم المزيد من المعلومات.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
قائمة الموقعين هنا
Share this Post