photo from: blottr.com

في ندوة لمركز القاهرة بجنيف: البحرين والاستعراض الدوري لحالة حقوق الإنسان

In مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة by CIHRS

عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس الثلاثاء 18 سبتمبر، بالتعاون مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، منظمة سيفيكس، منظمة هيومن رايتس ووتش، مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب والمنظمة البحرينية للتأهيل ومناهضة العنف ندوة حول عملية الاستعراض الدوري الشامل لدولة البحرين وذلك على هامش فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمنعقدة حاليًا في جنيف، والتي تشهد الاستعراض الدوري للمملكة البحرينية حول تطورات أوضاع حقوق الإنسان في المملكة.

ضم اللقاء كل من مريم الخواجة الناشطة الحقوقية والقائم بأعمال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، ندي ضيف مديرالمنظمة البحرينية للتأهيل ومناهضة العنف، عبد الله حسين عضو نقابة العمال البحرينيين، رولا الصفار رئيس جمعية الممرضين البحرينية، وفريدة غلام من مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب.

ندى ضيف دكتورة بشرية، كانت شاهد عيان علي أحداث العنف التي وقعت في البحرين. استعرضت ندى تطورات التظاهرات السلمية في البحرين منذ اندلاعها في 14 فبراير 2011، مشيرةً إلى الطابع السلمي للحركة الاحتجاجية وتطوراتها وكيف استمرت حتى الآن، وما تعرض له حوالي 20 من الطاقم الطبى من اعتقال وتعذيب ومحاكمات عسكرية بما ينتهك المعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

تطرقت ندى أيضًا إلى ما قامت به قوات الشرطة ومكافحة الشغب ومشاركتها في الهجوم، بما في ذلك تعذيب المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، مداهمة المنازل في منتصف الليل دون سند قانوني، واستخدام الغاز المُسيّل للدموع، والهراوات والخرطوش ضد المتظاهرين.

اختتمت ندى كلمتها بالإشارة إلى واقع القضاء في البحرين، الذي يترك ضباط الشرطة المتهمين بتعذيب المتظاهرين أحرار يواصلون عملهم رغم أنهم رهن المحاكمة، في حين يأمر باحتجاز المتظاهرين رهن المحاكمات، ومنهم من يبلغ عمره 11 سنة. كما أشارت ندى إلى انتهاك الحق في حرية العقيدة في البحرين من خلال هدم عشرات المساجد الشيعية من قِبل القوات الحكومية.

من جانبها استعرضت دكتورة رولا الصفار الانتهاكات المرتكبة ضد أصحاب المهن الطبية بشكل أوسع. و يذكر أن رولا كانت من ضمن مجموعة الأطباء والممرضين الذين تم اعتقالهم بسبب توفيرهم مساعدات طبية للجرحى من المتظاهرين، وقد قضت رولا خمسة أشهر رهن الاحتجاز تعرضت خلالها للتعذيب بالصدمات الكهربائية وغيرها من أشكال المعاملة السيئة.

كان العشرات من الأطباء والممرضين وأصحاب المهن الطبية الذين شاركوا في أعمال تطوعية سواء في دوار اللؤلؤة أو المستشفيات خلال فترة الاحتجاجات لتقديم العناية الطبية لمتظاهرين، قد تعرضوا للفصل من عملهم بجانب أشكال أخرى من التدابير التعسفية، وفي هذا السياق أعربت رولا عن قلقها العميق بشأن اثنين من المسعفين مازالا رهن الاعتقال لأكثر من 18 شهر من قِبل السلطات البحرينية.

تطرقت رولا أيضًا إلى حملة التشويه المستمرة ضد الشيعة في البحرين، والتى تستهدف نشر كراهيتهم، وكذا الحملة ضد منظمات المجتمع المدني والجمعيات الطبية. كما طالبت بالإفراج عن جميع سجناء الرأي، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وإعادة المسعفين إلى مواقعهم، وزيادة رصد حالة حقوق الإنسان في البحرين، كما دعت للحياد الطبي.

تحدثت فريدة غلام بشأن سجناء الرأي في البحرين، واللذين تصر اللملكة البحرينية علي إنكار وجود أيًا منهم داخل سجونها، علي الرغم من أن زوجها، إبراهيم شريف، واحد من بينهم، حكم عليه بالسجن 5 سنوات، وهو الأمين العام لجمعية هي من أولى الجمعيات السياسية المرخصة في البحرين.

إبراهيم الشريف هو أحد السجناء الـ 14 الذين ذكرهم تقرير الجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق في البحرين، والذين تم القبض عليهم جراء أنشطتهم السلمية، وفي نطاق التعبير عن الرأي. هؤلاء السجناء تم استهدافهم نتيجة لدعواتهم المستمرة للتحول الديمقراطي، وشجب الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة والفساد. تشمل التهم المنسوبة إليهم محاولة قلب نظام الحكم بالقوة، والعمل مع دول أجنبية ضد الدولة البحرينية.

وقد تعرض سجناء الرأي في البحرين لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك عصب العينين وتكبيل اليدين، واللكم، والضرب، والحرق بالسجائر، التحرش والاغتصاب الجنسي، والحبس الانفرادي، والصدمات الكهربائية، والحرمان من النوم. وعلاوة على ذلك، فإن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق يشير إلى استخدام مثل هذه المعاملات التعسفية في انتزاع الاعترافات أو كشكل من أشكال العقاب.

وتضيف فريدة: “الآن الحكومة البحرينية تنفي أي استخدام للتعذيب. بينما التقرير نفسه يؤكد أن ثقافة الإفلات من العقاب موجودة في البحرين، حيث أن ضباط الشرطة وحراس السجون لا يواجهون أي عقاب أو ردع للامتناع عن تعذيب المحتجزين”.

أعطى عبد الله حسين نظرة عامة علي الوضع الاقتصادي في البحرين موضحًا أن واحدة من المشاكل الرئيسية التي أثرت على البحرين خلال العام الماضي هي عزل 2.500 شخص من وظائفهم، وهو نسبة كبيرة في هذا البلد الصغير.

هؤلاء الأفراد تم استهدافهم وعزلهم من وظائفهم لمشاركتهم أو الاشتباه في دعمهم الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، وشمل العزل متخصصين في كثير من المجالات، بما في ذلك المحامين والصحفيين والأطباء والمعلمين. وقد زادت هذه التدابير من خوف المواطنين من التعبير عن آرائهم تجنبًا للتعرض لأعمال انتقامية مماثلة، كما أثرت سلبًا على النمو الاقتصادي للمملكة.

دعا حسين السلطات البحرينية إلى وضع حد لهذه السياسات الانتقامية، قائلاً “إن الناس لابد أن يمتلكوا القدرة علي التعبير عن آرائهم دون عقوبات اقتصادية أو سبل انتقامية أخرى”.

من جانبها أكدت مريم الخواجة أنه ومنذ جلسة الاستعراض الدوري الشامل السابقة للبحرين في 2008 شهدت البلاد حالات فشل واضحة في تنفيذ التوصيات التي قدمت لها، وأضافت ” يجب التأكد من أن الدورة الحالية لن تسفر عن أربع سنوات جديدة من الفشل المماثل”.

أعربت الخواجة أيضًا عن خيبة أملها لأنه على الرغم من إعلان قبول الحكومة البحرينية توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق فى نوفمبر 2011، إلا أنه مازالت انتهاكات حقوق الانسان مستمرة، فعلي سبيل المثال مازالت زينب الخواجة –أخت مريم الخواجة- تعاقب بتهمة تقطيع صورة الملك، بالإضافة إلى تهم سياسية أخرى. وحين حاول محامي زينب أن يستشهد بما جاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق رفض القاضي، مشيرًا إلى أن المحاكم لا تأخذ بهذه التقارير التي اعتبرها تعبر عن الماضي بينما تتطلع البحرين إلى المستقبل.

وتضيف الخواجة “نحن لا نريد أن تعامل توصيات الاستعراض الدوري الشامل بالطريقة نفسها التي يتم بها التعامل مع توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق”.

تناولت مريم أيضًا مسألة الأعمال الانتقامية المرتكبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتم استهدافهم لمشاركتهم مع آليات حقوق الإنسان الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان، مضيفةً “اليوم ونحن نناقش الأوضاع في البحرين بالأمم المتحدة، مازال أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان وراء القضبان فى البحرين. هؤلاء كانوا يشاركون في مثل هذه المناقشات هنا بالمجلس، كي يجعلوا من بلدهم مكانًا أفضل يحترم مبادئ حقوق الإنسان”.

وأخيرًا، قدمت الخواجة أربعة مطالب: هي عقد جلسة استثنائية حول الوضع الحقوقى فى البحرين في مجلس حقوق الإنسان، بيان مشترك من الدول حول انتهاكات حقوق الإنسان فى البحرين يُقدَّم لدورة المجلس القادمة، بعثة تقصي حقائق من المفوضية السامية لحقوق الانسان معنية بالنظر فى حالة حقوق الإنسان فى البحرين، وأخيرًا متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.

مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان قدم هذه المطالب إلى مجلس الأمم المتحدة في مداخلة شفهية ألقتها مريم الخواجة صباح الأربعاء 19 سبتمبر، مستعرضةً فيها حالة حقوق الإنسان في الأربعة شهور الماضية منذ مايو 2012 حيث استمرت الحكومة البحرينية في اللجوء للعنف المفرط فى تعاملها مع التظاهرات اليومية، بالإضافة إلى استمرار الاعتقالات التعسفية واللجوء للتعذيب كأدوات لقمع المتظاهرين. تعرضت المداخلة أيضًا لتصاعد عمليات استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان فى البحرين واستخدام وسائل الانتقام بحقهم، حيث يتم القبض على المدافعين عن حقوق الإنسان بطريقة ممنهجة، و يتم استخدام النظام القضائي كأداة لسجن المدافعين والمحتجين عبر اتهامات يتعلق معظمها بالأساس إلى حرية التعبير.

شهد اللقاء بعض المضايقات من قِبل شخص يحمل “شارة” الحكومة البحرينية، تعرض لبعض المشاركين بالندوة وأتهمهم بتلقي الأموال من إيران، ووصف الحضور بالإرهابيين! مما دفع رجال الأمن إلى إخراجه من القاعة.

وهذا ليس الحدث الأول من نوعه، فقبل يوم واحد من هذا اللقاء تعدي رجلان من حملة “شارات” بعثة الحكومة البحرينية (من بينهم الشخص الذي سبق الإشارة له) على متحدثي وضيوف ندوة شارك في تنظيمها مركز القاهرة مناقشة انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الخليج. وعقب انتهاء اللقاء، قامت العديد من الصحف المعروفة بتبعيتها لحكومة البحرين بنشر معلومات كاذبة ومغلوطة حول الواقعة، وتعمدت التشهير بمنظمي وضيوف الندوة من المنظمات الحقوقية.

ويعتقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن مثل هذه الأعمال الانتقامية، والتي وقع بعضها داخل أروقة الأمم المتحدة، تستلزم الأخذ بعين الاعتبار والفحص بشكل فوري من قبل أعضاء مجلس حقوق الإنسان، الذين يتحتم عليهم العمل على ضمان حماية المشاركين في الجلسة وفعاليتها من النشطاء وضمان عدم تكرار مثل هذه الاحداث.

Share this Post