أكد مثقفون مصريون وسوريون على أهمية دور المثقفين في إحداث التحول الديمقراطي المنشود في المنطقة العربية، ودعوا المثقفين العرب إلى النزول أولا لمجتمعاتهم والعمل معها والارتباط بهمومها الحقيقية من أجل تحقيق هذا التحول.
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في أخريات نوفمبر 2005 تحت عنوان “المثقفون والتحول الديمقراطي في العالم العربي”، أدارها بهي الدين حسن مدير المركز، وقدم الكاتب والشاعر المعروف أحمد عبد المعطي حجازي رؤية تاريخية المثقف العربي، مشيرا إلى أن المثقفين هم الذين أنشأوا الدولة في الغرب فيما أن الدولة هي التي أنشأت المثقفين عندنا، ولذلك ظهر عندنا “مثقفون موظفون” وليسوا مستقلين، مدللا على ذلك بعودة مثقف مثل رفاعة الطهطاوي من فرنسا وهو متحمس للأفكار التي قرأها عند الفرنسيين مثل فكرة الوطن والوطنية والشعب والديمقراطية، وبسقوط المشروع الوطني الذي بدأه محمد علي ووفاته ومجئ الخديوي عباس الأول، نقل الطهطاوي إلى السودان ناظرا لمدرسة ابتدائية يكتب العرائض والقصائد راجيا أن يعيده الباشا إلى وطنه.
واستطرد حجازي مشيرا إلى أن ظهور المثقف العربي بدأ قبل الاحتلال البريطاني واستمر حتى نشأة الدولة المصرية المستقلة بعدم 1923، تلك المرحلة التي استطاع فيها المثقفون المصريون أن ينفصلوا عن الدولة التي كانت في قبضة المحتلين الإنجليز، حيث أنشأوا الجامعة المصرية 1908 وظهرت فكرة البرلمان والدستور وافتتح أول برلمان عام 1866 وأضاف أن المثقف المصري، خاصة بعد 1952 أخذ ينسحب ويتحول من جديد إلى موظف عندما استطاع العسكر أن يدمروا المؤسسات الديمقراطية التي كانت قائمة، ومن هنا لم يعد لدينا مثقفون وإنما موظفون كتبة ومحترفون في هذا الفن أو غيره وذلك حتى الآن.
ورأى حجازي أنه بذلك لا يمكن الحديث عن مثقف وتحول ديمقراطي بالمعنى الذي نستطيعه عندما نتحدث مثلا عن “فولتير” وما قدمه في بعض القضايا أو كما فعل إميل زولا وجان بول سارتر، مشيرا إلى أنه لا يمكن لنا أيضا الحديث عن مثقف شبيه بالذي رأيناه في طه حسين عندما أصدر كتابه “في الشعر الجاهلي” وقاوم به المؤامرة الملكية التي شارك فيها الأزهر لتحويل مصر إلى مقر للخلافة ونقل الخلافة العثمانية التي انهارت بعد ثورة أتاتورك إلى مصر.
المثقف العقائدي
بدأ المفكر السوري الدكتور رضوان زيادة حديثه بالاستشهاد بمقولة لأحد الفلاسفة المشهورين عندما سئل عن النصيحة التي وجهها للمثقفين فقال: “عليهم أن يكفوا عن الكلام، فقد عانت الإنسانية من أخطائهم ما يكفيها” معتبرا أن هذا المدخل علينا أن نفكر به من جديد وهو نهاية دور المثقف في المجال العام.
أضاف أن دور المثقف بدأ عمليا من التأثر العربي بالغرب وذهاب عدد من الأشخاص للدراسة هناك، لذلك لم يكن غريبا أن جميع الأحزاب الأيديولوجية التي أسست في العالم العربي مع بداية القرن التاسع عشر يعود مؤسسوها إلى خلفيات غربية من أشخاص مثقفين، سواء الحزب السوري القومي الاجتماعي مع أنطون سعادة أو حزب البعث القومي العربي الاشتراكي مع ميشيل عفلق أو غيرهما من الأحزاب السياسية ذات البعد الأيديولوجي. وقال إنه بذلك بدأت ولادة مفهوم المثقف العقائدي الذي يمتلك الحقيقة وعليه ضخها إلى مجتمعه عندما يعود. وأوضح زيادة أن هؤلاء المثقفين استطاعوا مع وجود حراك اجتماعي ونشاط اقتصادي ما أن يكون لهم تأثير في المجال العام واستطاعوا بشكل ما تأسيس الحقل السياسي” في العالم العربي، لكن عندما حدثت الانقلابات العسكرية بدأ هنا نوع من التفاوض والتوازن بين السلطة الرمزية التي يتمتع بها المثقفون والسلطة المغتصبة من قبل العسكر، وهنا بدأ يضيق المجال التداولي للمثقفين إلى أن انتهت تماما مع نهاية الثمانينيات والتسعينيات وبدأنا نشهد نوعا جديا من ولادة مفهوم المثقف، وهو ما أطلق عليه “المثقف الهجين” بمعنى أن المثقف لم يعد محترفا أو مشتغلا فقط في المعرفة بقدر ما أصبح ناشطا سياسيا ومشتغلا بمفاهيم حقوق الإنسان. وهنا بدأ الحديث عربيا عن التمييز بين مفهوم المثقف ومفهوم الناشط ومفهوم السياسي ومفهوم المناضل.
واعتبر الدكتور زيادة أن علاقة المثقف بالتحول الديمقراطي تبدأ عمليا من إدراك طبيعة التحولات الاجتماعية الجارية فالمجتمعات العربية في معظمها خضعت لنوع من الاستبداد القاسي الذي يسيطر على جميع الحقول والمجالات العامة من الثقافة والإعلام إلى الاقتصاد، وبالتالي فإن المثقف عندما يريد أن يلعب دورا ينشق على هذا الاستبداد ويبدو غير مسموع الصوت إضافة إلى أن قدرته على إيصال فكرته تبدو محدودة، إن لم تكن معدومة تماما.
ودعا زيادة إلى أن يفكر المثقف عمليا في تغيير طبيعة دوره من طبيعة الاشتغال في المعرفة واعتبارها حكرا عليه إلى النزول إلى المجتمع والاشتغال معه ضمن بناء مفهوم التغيير الاجتماعي، وهذا يعتمد بشكل رئيسي على تعزيز قدرات منظمات حقوقية وبناء المجتمع المدني المقاوم الذي يقف في وجه أنواع الاستبداد القاسي. وقال زيادة إن بناء نوع من التحالف بين الجمعيات والمجتمع المدني وقواه الناشطة التغييرية والحقوقية هو الكفيل بإطلاق نوع ما من التغيير الاجتماعي في المرحلة القادمة.
محنة عظيمة
وأوضح الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن الأصل في المثقف هو أنه فيلسوف وعندما تتدنى مهنته إلى ما هو أقل من هذه الفلسفة فهو يندرج تحت فئات أخرى، منها العالم والخبير ورجل الدين وغير ذلك من فئات، لكنه يبقى الكائن الذي يعمل بإنتاج المعرفة والإبداع، مشيرا إلى أن المثقف يعمل ذلك انطلاقا من تحيزه لقيم أو مواقف محددة، وأن هذا التحيز عندما يشوه المعرفة ذاتها، ويؤثر على تشكيلها فإن هذا يحوله لرجل سياسة.
وأشاد د.سعيد إلى أن المثقف هو شخص لا يمتلك سلطة وعندما يمتلك سلطة يتحول إلى شئ مناقض لذاته، مؤكدا أن المثقف عندما يقترب من السلطة ينفي ذاته وينشق إلى شخصين أحدهما ربما يعمل بالمعرفة والآخر ينصح الحاكم ويقترب منه ويقدم له خطة عمل أو تحرك وفي هذه الحالة يتحول إلى خبير.
وأكد أن المثقف يعيش في محنة حقيقية، مشيرا إلى أنه ما يميز الوضع الراهن أنه منذ دخلت الدبابة خرج المثقف من صدارة المشهد العام والمشهد السياسي على وجه الخصوص، واحتل المثقفون مواقع متفاوتة في المشهد العام، فكانت لهم أدوار لم يقصدوها بالضرورة، مشيرا إلى أنه في الحالة المصرية تآكلت الطبقة الوسطى التي شكلت الوسيط أو “موجات الحمل” بين المثقف والجماهير بعد أن أخرج المثقف عنوة وبالقوة من صدارة المشهد العام.
وقال إن مسئولية المثقف لا تكون في مواجهة السلطة الغاشمة وحدها، بل أيضا في مواجهة مجتمعه، وشعبه أحيانا وبهذا المعنى يتأسس مجال ثقافي فريد هو ثقافة المداولات والحوار والجدل، مشيرا إلى وجود جبال من المرارة بسبب ما حدث وما يحدث لبلادنا من تخريب وتدمير فظيع واستثنائي وتدمير للنسيج الاجتماعي كله وتحطيم لإنسانية الإنسان وكرامته وإعمال آليات التعذيب والاعتقال وإلحاق العقاب البدني والمعنوي للجميع، مؤكدا أن أعظم ما يفعله المثقف هو إلقاء الضوء على حقل الاختيارات الممكنة تاريخيا بالتباساتها وإشكالياتها. وقال إن مهمة إنجاز التحول الديمقراطي لا تتعلق بالمثقف باعتباره منتجا للمعرفة وإنما باعتباره شخصا “يمارس الحياة ويتفاعل مع مجتمعه”. وأكد أن مهمة المثقف العربي في اللحظة العربية هى أنسنة الممارسة الاجتماعية والسياسية أو استعادة الحالة الإنسانية حتى في أبسط معانيها وهى الشفقة الإنسانية وإخضاع الدولة لحكم القانون العقلاني المنتج العادل، مشيرا إلى أن الدفاع عن حقوق الإنسان والشعب بل والدفاع عن التطلعات المشتركة للإنسانية يندرج تحت هذا التعريف لدور المثقف باعتباره “شخصا”.
قطيعة
وأشار أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان بسوريا إلى تحولات كبيرة تشهدها المنطقة العربية بشكل عام، وسوريا بشكل خاص. وقال إن المثقفين في سوريا كانوا دائما يقودون كل المشروعات التي تقف في وجه الاستبداد في سوريا لكنه أشار إلى شريحة كبيرة منهم كانوا أقرب للتحولات الكبرى وكانوا يناضلون من أجل فكرة يعتقدون أنها تمثل الحقيقة وأنها هى التي ستقودنا للمجتمع الذي نتطلع إليه، وفي لحظة تحول ما يكتشف الجميع أن كل ما يناضلون من أجله ليس سوى سراب.
وقال نعيسة إنه دائما ما بدا له أن ثمة قطيعة -على المستوى السياسي- بين النخبة المثقفة والجماهير؛ مشيرا إلى أن هذا السؤال يطرح إشكالية العلاقة بين المثقفين المجتمعات التي ينتمون إليها، موضحا أن أصل هذه الإشكالية قد يكون في أن هؤلاء المثقفين كانوا متلقين ولم يكونوا فاعلين، سواء في مجموعة من الأفكار الكبرى التي طرحت في الغرب، أو بتحولات سياسية واجتماعية حصلت في الغرب أيضا.
وانتقل نعيسة إلى قضية التحول الديمقراطي في سوريا، مشيرا إلى أن من واجب المثقفين أن يمتلكوا الجرأة والشجاعة لإنتاج وصياغة أفكار جديدة وأن يعلنوا أولا سقوط المشروعات الفكرية والسياسية التي قامت عبر أجيال من الزمن باعتبار أن الحقيقة تكمن بها.
وقال إن الإقدام على هذه الخطوة الشجاعة سوف يمنح المثقفين السوريين الحيوية للمساهمة في صياغة أفكار ومشروع جديد، مؤكدا على أهمية إحداث قطيعة مع ما هو سائد، مشيرا إلى أنه من المهم الكف والتوقف عن ثنائية الخارج والداخل على أرضية مرضية هى “الفوبيا” من الخارج واعتبار أنه العدو دائما، مشيرا إلى أن الخارج هو جزء من حضارة عالمية نحن جزء منها وننتمي إليها وأن هذا الانتماء لم يكن في لحظة من اللحظات انتماء قسريا، بل يعود بالأصل إلى وجودنا الإنساني.
موجات
وبدأ د.أسامة الغزالي حرب رئيس تحرير مجلة “السياسة الدولية” بالإشارة إلى أن الحديث عن المثقفين ودورهم قد مر في تاريخنا المعاصر بموجات عديدة، حيث ساد حديث في أوائل الستينيات في مصر عن أزمة المثقفين وكان محور المفاضلة بين المثقفين هو ما درج على تسميته بفكرة العلاقة بالثورة والولاء للنظام وللمثل الثورية والمفاضلة بين من يسمى “أهل الثقة” و”أهل الخبرة”. ثم في مرة أخرى ثارت موجة أخرى عن أزمة المثقفين. وكان محور الحديث عن موقفهم من عملية التحول الاشتراكي و”المثقف الملتزم” و”غير الملتزم”.. الخ. موضحا أننا الآن إزاء موجة ثالثة من الحديث عن موقف المثقفين ليس إزاء الولاء للسلطة والتحول الاشتراكي، وإنما إزاء التحول الديمقراطي.
وقال حرب إنه لا يمكن لنا أن نفهم مغزى اللحظة الراهنة في التطور الديمقراطي في العالم العربي إلا في سياق التطور السياسي الذي مرت به المنطقة في نصف القرن الأخير، وربما أكثر من ذلك بقليل، مشيرا لما عرفته تلك الحقبة من انتقال من الحكم الاستعماري إلى الحكم الليبرالي المتعثر قصير الأمد، ثم الحكم العسكري تحت شعارات الثورة والتقدمية والتي آلت بنا الآن إلى هذه الأوضاع التي نناضل في سياقها من أجل العودة بشكل جاد وحقيقي إلى الديمقراطية.
وقال إن اللحظة الراهنة تحمل خصوصية مرتبطة بحقيقة محددة تتمثل في أن النضال الآن من أجل الديمقراطية يتسم في هذه اللحظة بالتلازم بين الضغط من الداخل والضغوط من الخارج.
وقال إنه لا يمكن لنا أن ندعي أن الذين يضغطون من أجل الديمقراطية يفعلون ذلك لأنهم يؤمنون بالديمقراطية لهذه المجتمعات، فالجميع يعلم أن تاريخ الولايات المتحدة والاستعمار الغربي لم يكن محبذا للديمقراطية بشكل أو بآخر وأن الولايات المتحدة بشكل خاص كانت تدعم أكثر أشكال النظم استبدادا وديكتاتورية في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى قيامها بتزكية القوى الإسلامية المتطرفة في مواجهة الشيوعية، وبعد سقوط الشيوعية وجدوا أنفسهم في مواجهة مع هذه القوى ثم أدت أحداث 11 سبتمبر إلى أن يشعروا إلى أن إحدى المشاكل الأساسية التي تعاني منها المنطقة هى الافتقار للديمقراطية، بما يؤدي إلى فيضان مشاكلها عليهم.
واستطرد مؤكدا أن اللحظة الراهنة لحظة مواتية لإحداث نوع من الضغط القوي من أجل الديمقراطية، لأنه بدونها -في هذه اللحظة التاريخية- علينا ألا نأمل في أي نوع من التطور الحقيقي في منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي كله.
وأكد حرب على أنه لا يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي حقيقي دون دور فاعل وقوي للمثقفين بما يستحق الدراسة المعمقة حول الطبقات المختلفة في بلادنا ودورها في هذا التحول ودراسة الدور الاستثنائي للمثقفين فيه، مطالبا المثقفين في المقابل بامتلاك شجاعة النقد الذاتي ليكونوا قادرين على القيام بدور أكثر حيوية في الفترة القادمة، مشيرا إلى أن المثقفين العرب وقفوا كثيرا إزاء القضايا التي لم تحسم بعد ولم يقدموا لها إجابات كقضايا الصراع بين الدين والدولة والأصالة والمعاصرة وغيرها من القضايا التي يجب –في رأيه- أن تأخذ طريقها للحسم والجدية وأن تناقش الآن كما كانت تناقش قبل مائة عام.
وقال إن الكثير من المثقفين نسب إليهم –للأسف- كثير من النواحي السلبية لكون بعضهم من ترزية القوانين وتشاركوا في الدفاع عن السلطة واحتكارها وسعي بعضهم وراء مصالحهم وإنجازاتهم الشخصية على حساب الصالح العام، مؤكدا أن المثقفين إذا كانوا يتطلعون لدور جاد فعليهم البدء بالنقد الذاتي لأنفسهم لكي يقوموا بواجبهم التاريخي باعتبارهم ضمير الأمة ومحور صحوتها.
الداخل والخارج
وقال المفكر السوري الطيب تيزيني إن تعريف المثقف أصبح أمرا ملحا لأنه تحول إلى جزء حاسم في عملنا الحالي مشيرا إلى أن المثقف هو “المفكر الفعّال والفاعل مفكرا، ومن ثم فهو يمتلك الفعل في سياق إنتاج المعرفة، كما يمتلك المعرفة في سياق الفعل وإلا سوف نجد أنفسنا أمام ثنائية ميتافيزيقية تلهي المثقف وتنهيه إذا اقتصرنا في النظر إليه على كونه منتجا للمعرفة وخارج الفعل.
أضاف أنه فيما يتصل بالعلاقة بين الداخل والخارج، فإن سوريا تشهد حوارا واسعا حول هذه المسألة حيث لم تعد المسألة نظرية فحسب، مشيرا إلى أن العلاقة بين الداخل والخارج ليست ذات طابع مفتوح وردي كأن نتقبل الخارج على عواهنه.
وقال تيزيني إن الغرب –كما الشرق- ليس بنية واحدة وإنما هو غربان وربما أكثر من ذلك؛ ومن ثم فإن العمل النقدي الدقيق هو الذي يفصح عن هذا الغرب أو ذاك وإلا فكيف نفهم الغرب نفسه حين خرج متضامنا معنا في تظاهرات عارمة ضد الحرب على العراق مثلا.
وأشار تيزيني إلى أن الغرب أول بؤرة جيوسياسية أو سياسية يراد لها أن تؤثر فينا، عليها أن تؤثر عبر آليات الداخل نفسه وإلا فسوف تلفظ، ولا بد أن يكون هناك ما يستجيب للغرب من داخل البيئة، وإلا سنقع في مفاهيم أخرى كالغزو مثلا، وهذا ما يحدث مشيرا إلى أن ثنائية الداخل والخارج أصيلة في الفكر العربي منذ دخول نابليون حتى الآن وما تزال ماثلة أمامنا. وأشار إلى أن الاستبداد بدأ يتأسس في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو يقوم على الاستفراد بالسلطة والثروة والمرجعيات أي بالحقيقة والرأي العام وتكوينه فهو استبداد رباعي يسد الأفق تماما وهذا ما عاشته سوريا منذ نشأت الدولة الأمنية وعملت على أن تمتلك ناصية المجتمع برمته.
أكد تيزيني أنه حين نفك الارتباط الغزوي بين الداخل والخارج سنأخذ ما أنتجه هذا الخارج، أما أن ندعو الخارج لأن يقتحمنا ويفعل ما يريد فإن هذا يصبح اختراقا ينهي الداخل لصالح خارج ما.
Share this Post