انطلاقا من موقفه الثابت لمنع الإفلات من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترنت بالحرب الدائرة في دارفور، يرحب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالجهود الهائلة التي تبذلها المحكمة الجنائية الدولية من أجل أن تمتد يد العدالة الدولية لتطال المسئولين عن ارتكاب تلك الجرائم أيا كانت مواقعهم وانتماءاتهم، سواء لنظام البشير أو للفصائل المتمردة عليه.
وقد تمخضت آخر التطورات في هذا الصدد في قيام السيد بحر إدريس أبو قردة –المسئول القيادي السابق بحركة العدل والمساواة- بالمثول طواعية أمام الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة في 18 مايو 2009، استجابة لطلب استدعائه بناء على مذكرة حديثة من المدعي العام للمحكمة، تتهمه فيها بالضلوع في ارتكاب جرائم حرب خلال هجمات في سبتمبر 2007 استهدفت قوات حفظ السلام بموقع حسكنيتا العسكري شمال دارفور، مما أفضى إلى مصرع اثنى عشر جنديا وإصابة 10 آخرين. ورجحت المعلومات في ذلك الوقت أن هذه الهجمات نفذها قوات منشقة عن حركة العدل والمساواة تحت قيادة أبو قردة. وعلاوة على ذلك فإن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية تواصل النظر في الطلب الذي تقدم به المدعي العام للمحكمة في نوفمبر الماضي للموافقة على استدعاء شخصين آخرين، زعم أنهما قد شاركا في الهجوم على موقع حسكنيتا العسكري.
وقد حددت المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي الثاني عشر من أكتوبر القادم موعدا للجلسة التي ستحدد مدى كفاية الأدلة بحق أبو قردة. ووفقا للقواعد التي تنتهجها المحكمة، فإن الحضور الطوعي لأبو قردة يتيح له إمكانية مغادرة لاهاي، ولا يلزمه بحضور الجلسة المرتقبة التي يمكن عقدها في غيابه.
ويأمل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن يشجع هذا التطور الهام كل من تتعقبهم المحكمة الجنائية الدولية على المثول والحضور الطوعي أمامها، بما يساعد المحكمة على الاضطلاع بمهامها في تحقيق العدالة، ويفسح المجال للمشتبه بهم أو المتهمين بارتكاب جرائم حرب على تفنيد الادعاءات بحقهم وإثبات براءتهم إذا كانوا يستحقونها.
ويتطلع المركز أيضا إلى التزام مختلف الأطراف المنخرطة في الصراع في دارفور بقواعد القانون الدولي الإنساني والحيلولة دون تعريض المدنيين ومراكز إيواء النازحين والمشردين، ومواقع قوات حفظ السلام، وبعثات ومنظمات الإغاثة الإنسانية للمزيد من الهجمات والاعتداءات التي تشكل جرائم حرب وتلحق مزيدا من الأضرار الفادحة بسكان إقليم دارفور.
ويهيب المركز بمختلف الأطراف داخل الساحة السودانية على التعاون البناء مع المحكمة الجنائية الدولية، من أجل ضمان أن تطال العدالة كافة المسئولين عن هذا النمط من الانتهاكات الجسيمة، سواء ارتكبت من قبل قوات أو أطراف محسوبة على الحكومة السودانية، أو من قبل الفصائل المسلحة المناوئة للحكومة.
ويأمل المركز كذلك أن يدفع هذا التطور السلطات السودانية للتخلي عن عنادها واستخفافها بقرارات المحكمة، بما يقتضيه ذلك من استجابة لقرارات المحكمة التي توجب تسليم الرئيس السوداني ووزير الدولة للشئون الإنسانية أحمد هارون، وعلي كوشيب القائد السابق لميليشيات الجنجويد.
ويثق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في أن ما توفره القواعد القانونية والإجرائية من ضمانات لحقوق الدفاع ونزاهة المحاكمة يكفل لكل من يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية إبراء ساحته، إذا ما كان جديرا بالبراءة.
Share this Post