عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مائدة مستديرة لمناقشة “موقف الإخوان المسلمين من التعديلات الدستورية”، بحضور أكاديميين وكتاب وحقوقيين وقيادات بالأحزاب المصرية، وذلك بمقر المركز يوم الاثنين 26 فبراير 2007. وقد تولى عرض موقف الإخوان من تعديلات الدستور أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين النائب محمد البلتاجي، وعضوا كتلة الإخوان بالبرلمان، النائبان د. أحمد أبو بركة والأستاذ صبحي صالح.
وقد وجَّه عدد من المثقفين وممثلي الأحزاب والقوي السياسية، من المشاركين بفعاليات المائدة المستديرة، الدعوة إلى جماعة الإخوان المسلمين لتقديم خطاب سياسي جديد ، والاعلان عن مواقف محددة، للرد علي هواجس وتساؤلات المثقفين بشأن موقف الجماعة من عدد من القضايا، وفي مقدمتها المواطنة وعلاقة الدين بالدولة.
من جانبه أشار الدكتور محمد البلتاجي، أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين، إلي أن التعديلات التي يطرحها الحزب الحاكم مليئة بالتناقضات، مؤكدا أن هدف إقصاء الجماعة، واستبعادها من المشاركة في أية انتخابات قادمة، واضح في هذه التعديلات.
واتفق البلتاجي مع ضرورة مناقشة تخوفات المثقفين وتحفظات الأقباط تجاه أفكار الجماعة بشكل موضوعي. وأعلن أن الجماعة تدرس عددا من الخيارات تجاه التعديلات المطروحة، ومن ذلك مقاطعة الاستفتاء الذي سيجري عليها ودراسة إمكانية عدم مشاركة نواب الجماعة في مناقشتها تحت قبة البرلمان، لافتا إلي أن 90% ممن شاركوا في مناقشة التعديلات أمام لجان الاستماع بمجلس الشعب قدموا آراء تصب في اتجاه رفض تلك التعديلات.
فيما أشار صبحي صالح عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان إلي الرفض المبدئي من قبل الجماعة للتعديلات المطروحة من الحزب الحاكم، مشيرا إلي أن التعديلات التي تتبناها الجماعة تقوم علي رفض إلغاء المبادئ الاشتراكية كلية في الدستور والتمسك بإضافة العبارات التي تشير إلي المقاصد الاشتراكية للحفاظ علي الطبقة الوسطي وحماية العدالة الاجتماعية وإزالة الفوارق بين الطبقات ودعم الديمقراطية .
أضاف صالح أن التعديلات التي يطرحها الإخوان تدعو لإشراك المصريين المقيمين بالخارج في العملية الانتخابية، إلي جانب الإبقاء علي منصب نائب الرئيس ورفض إلغائه والدعوة لانتخاب المحافظين، والاعتراض علي إضافة نص دستوري يتعلق بقانون جديد للإرهاب، ورفض حل رئيس الدولة للبرلمان دون الرجوع للاستفتاء الشعبي ، إضافة إلي رفض التمييز بين المواطنين ورفض حظر النشاط السياسي علي أساس ديني وفي نفس الوقت رفض قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني أو علي أساس التمييز بين المواطنين .
وأكد الدكتور أحمد أبو بركة، عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين، أن ضعف الأحزاب السياسية القائمة يسبب أزمة كبيرة في الحياة السياسية المصرية، واصفا التعديلات التي يطرحها الحزب الحاكم بأنها تزيد الحياة السياسية تعقيدا وتقييدا وخلطا للأوراق ، وقال أن التعديلات التي يراد إدخالها علي المادة 62 من الدستور تستهدف إقصاء أكثر من 97 % من الشعب المصري – وهم غير المنتمين لأحزاب سياسية – عن المشاركة السياسية ، بقصر الترشيح في الانتخابات علي المنتمين للأحزاب السياسية .
قال عبد الغفار شكر عضو المكتب السياسي لحزب التجمع التقدمي أن الاخوان يقدمون رؤية للتعديلات الدستورية تتسق مع الموقف الديمقراطي في كثير من الجوانب، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضايا المواطنة واستقلال القضاء والارهاب وطريقة انتخاب رئيس الدولة، لكنه أشار في نفس الوقت الي أن الجماعة لم تتخذ الموقف السياسي المفترض في تقييم التعديلات التي يطرحها الحزب الحاكم واكتفوا بالموقف البرلماني، دون الكشف عن هامشية تلك التعديلات وعدم كفايتها، إلى جانب أنها لا تغير شيئا في طبيعة النظام السياسي القائم .
وشدد شكر علي ضرورة التركيز علي الدعوة إلى تقليص السلطات الممنوحة لرئيس الدولة بمقتضي الدستور، مشيرا إلي أنه بدون الوصول إلي ذلك الهدف، فلن يتحقق أي تغيير في بنية وطبيعة النظام السياسي القائم .
ورأي أبو العز الحريري نائب رئيس حزب التجمع، أن الأحزاب والقوي السياسية جميعا بما فيها جماعة الاخوان، تغافلت عن فضح ما تحويه التعديلات الحكومية المطروحة، بما تمثله من انقلاب دستوري لتكريس انفراد شخص واحد بكافة السلطات، منتقدا إغراق جماعات المعارضة في التفاصيل التي تحويها التعديلات المطروحة دون العمل علي فضح أهدافها.
أبدي الحريري اتفاقه مع عدد من النقاط التي تحويها رؤية الاخوان للتعديلات ، كالتمسك بالحفاظ علي المواد 41 و44 و45 من الدستور الحالي والتي تمثل باب الحريات ، لكنه أشار إلي اعتراضه علي ما وصفه بالتباس أطروحات الجماعة في قضية المرجعية الدينية.
وقال الحريري إن الإدارة المحلية التي يفرد لها الاخوان مساحة في التعديلات المقدمة منهم للبرلمان ليست هي القضية ولا تحل مشكلتها بالدعوة لانتخاب المحافظين لكون بقية أعضاء الجهاز الإداري معينون وليسوا بالانتخاب .
ورغم وصف الباحث والمحلل الدكتور عمار علي حسن للتعديلات التي يقدمها الاخوان بأنها تمثل خطوة متقدمة للأمام، إلا أنه صنَّف صياغات الإخوان لتلك التعديلات إلى صياغات متساهلة مع التعديلات الحكومية، وأخري متحايلة عليها، وثالثة تقدم إضافات حقيقية وخلاقة، مشيرا إلي أن الأخيرة تمثلت في التأكيد علي ضرورة توسيع الاشراف القضائي علي الانتخابات، الي جانب الدعوة لانتخاب المحافظين، وتشكيل حكومة محايدة لاجراء الانتخابات العامة .
ورأي عمار أن الأفضل للجماعة هو العمل علي صياغة دستور بديل ، يقدم تعريفا واضحا لرؤيتها للمرجعية الدينية دون الاكتفاء بمجاراة الجدل الدائر حاليا حول التعديلات الدستورية المطروحة.
ودعا بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، جماعة الإخوان إلي استغلال الفرصة الحالية لتقديم خطاب سياسي جديد ، وليس فقط وجهة نظر سياسية تتعلق بالتعديلات المطروحة ، مشيرا الي أن الجماعة تواجه تحدي اثبات المشروعية في أوساط النخبة المثقفة، منتقدا ماوصفه بعدم ادراك الجماعة لهذا التحدي أو ارتفاعها لمستواه ، وانشغالها بالسعي للمشروعية الشعبية وكسب الدولة سواء بالاختراقات أو الصفقات .
وقال بهي أن نشوة فوز الجماعة بـ 88 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أضاعت عليها فرصة تقديم خطاب سياسي جديد، مشيرا الي أن الجماعة سعت الي إلحاق بقية قوي المعارضة بها كتابعين وليس كحلفاء علي قدم المساواة، واصفا التعديلات التي يتبناها الاخوان بأن طابعها ديمقراطي ولكن الأفضل هو تقديم خطاب سياسي جديد ومختلف يتعامل مع الهواجس الموجودة لدي النخبة المثقفة تجاه أفكار الجماعة.
ودعا المستشار الدكتور سعيد الجمل أستاذ القانون وعضو الهيئة العليا السابق بحزب الوفد، جميع الأحزاب والقوي السياسية إلي التركيز علي المواد 76 و88 و179 من الدستور الحالي، وهي التي تتناول طريقة انتخاب رئيس الدولة والاشراف القضائي علي الانتخابات وقانون الارهاب ، واصفا سعي الحزب الوطني لتعديل تلك المواد أو الغائها بأنه يستهدف تكريس الاحتفاظ بمقود السلطة في البلاد.
واتفق أحمد عبد الحفيظ، المحامي وعضو المكتب السياسي بالحزب الناصري، مع ضرورة التركيز علي مواجهة العبث بالمواد الثلاث السابقة ، والسعي إلي عمل جماعي بين قوي المعارضة لفضح أهداف التعديلات المطروحة من الحزب الحاكم .
ودعا الكاتب طلعت جاد الله جماعة الإخوان إلي فصل الدين عن السياسة في عملهم، معلنا رفضه المطالبة بالغاء المادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة الاسلامية، ورفضه كذلك اعطاء حصص برلمانية للأقباط.
فيما أعلن جورج اسحاق، المنسق العام السابق لحركة ” كفاية “، رفضه تدخل البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية أو حديثه نيابة عن الأقباط ، مطالبا جماعة الاخوان بتقديم خطاب سياسي أقوي، وفتح الملفات المغلقة كعلاقة الدين بالدولة في أفكارهم، ومطالبا أيضا بتوافق وطني حول وضع دستور جديد للبلاد .
ووصف أحمد طاهر، القيادي بمركز الدراسات الاشتراكية، التعديلات التي يقدمها الاخوان بأنها تتفق مع 90% من البرنامج الوطني الديمقراطي المطروح منذ عام 1984، مطالبا بصياغة دستور جديد من خلال توافق وطني عام ، واطلاق حملة لجمع 100 ألف توقيع من المواطنين دعما لهذا الدستور .
ودعا الدكتور أشرف راضي، الصحفي بوكالة رويترز، إلي تطوير آليات مدنية بديلة لصياغة توافق وطني، وليس إجماع وطني، حول صياغة دستور جديد، مؤكدا علي أهمية مناقشة الرؤية العقائدية لجماعة الاخوان تجاه قضايا المواطنة وطبيعة النظام السياسي، والموقف من الجماعات الجهادية المسلحة، متسائلا عن البدائل المطروحة في حال إلغاء الإشراف القضائي علي الانتخابات وهل يكون البديل هو الاشراف الدولي عليها؟
Share this Post