عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مائدة مستديرة لمناقشة “موقف حزبي الوفد والتجمع من التعديلات الدستورية”، بحضور أكاديميين وكتاب وحقوقيين وقيادات بالأحزاب المصرية، وذلك بمقر المركز يوم الاثنين 5 مارس 2007. وقد تولى عرض موقف حزب التجمع الأستاذ حسين عبد الرازق الأمين العام للحزب، وعرض رؤية حزب الوفد الأستاذ منير فخري عبد النور سكرتير عام الحزب. وقد أدار النقاش بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
قال حسين عبد الرازق أن التجمع سوف يصدر بيانا ضد التعديلات، وسيقوم بتوزيع آلاف النسخ منه علي المواطنين العاديين في مختلف أنحاء الجمهورية ، مشيرا إلي أن التجمع سيعقد أيضا مؤتمرات جماهيرية في مدن وقري مصر لبيان ما تحمله التعديلات المطروحة من سلبيات ، وربطها بالمشكلات المختلفة التي يعاني منها المواطنون ، وفي مقدمتها المشكلات الاقتصادية ، واستفحال ظاهرتي الفساد والبطالة.
أشار عبد الرازق إلي أن أولي الفعاليات التي ينظمها حزبه للتعبير عن رفضه للتعديلات الدستورية تتمثل في تنظيم مسيرة نسائية من ناشطات الحزب والمنظمات الحقوقية النسائية أمام مجلس الشعب ، يتبعها عدد من المسيرات والوقفات الاحتجاجية في مناطق مختلفة بالقاهرة والمحافظات ، مؤكدا علي رفض التجمع التام للتعديلات الدستورية ،واستعداده للتنسيق مع بقية الأحزاب والقوي السياسية المؤيدة لموقفه في حملته المناهضة للتعديلات ، ومشيرا إلي وجود تنسيق بالفعل مع حزب الوفد في عدد من الفعاليات التي ينظمها الحزب ، وفي مقدمتها إقامة المؤتمرات الشعبية المشتركة في مقرات الحزبين في المحافظات بالتبادل.
شدد عبد الرازق علي رفض النص بأي شكل علي قانون للإرهاب في الدستور، مشيرا إلي وجود قانون للإرهاب بالفعل منذ عام 1992 واصفا إياه بأنه من أسوأ القوانين بالعالم. كما أشار إلي أن استمرار العمل بالمادة الثانية من الدستور يؤصل للدولة الدينية.
وطالب عبد الرازق بتأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار على ألا يمارس الحزب أي نشاط على أساس ديني أو طائفي أو التفرقة بين أي من المواطنين على أساس الجنس أو اللون أو العقيدة. وأكد على أن التجمع لم يوافق من حيث المبدأ على التعديلات وإنما وافق على تعديل الدستور بأكمله من حيث المبدأ وليس بعض مواده ، وقال إن من حق أي حزب اختيار مرجعيته حتى ولو كانت مرجعية دينية لكنه رفض أن يقوم هذا الحزب أو ذاك بفرض مرجعيته علي الدولة والدستور.
دعا عبد الرازق إلي تغيير المادة الثانية من الدستور والتي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع مشيرا إلي أن هذه المادة تؤصل للدولة الدينية ، ومؤكدا في نفس الوقت علي أهمية استلهام الشرائع السماوية جميعا في الدستور دون التأكيد على شريعة بعينها.
ودعا منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد إلي تأسيس جمعية منتخبة من الشعب لصياغة دستور جديد يعبر عن جميع القوى السياسية على الساحة المصرية ، مؤكدا علي أن التعديلات المطروحة تهدف إلى تعديل المادتين 88 ، 179 لتزوير إرادة الناخبين وإصدار قانون للإرهاب دون كفالة أي ضمانات وانتهاك صريح لحقوق الإنسان.
برر عبد النور موافقة الوفد من حيث المبدأ على التعديلات لما تضمنته من بعض المواد التي اعتبرها الحزب استجابة لمطالبه التي يتبناها منذ نشأته وفي مقدمتها النص علي المواطنة ،ورفض قيام الأحزاب علي أساس ديني، وطالب بتوسيع صلاحيات البرلمان في سحب الثقة من الحكومة وتعديل الموازنة.
هاجم عبد النور موقف جماعة الإخوان المسلمين من قضية المواطنة وقال إنهم يتبنون أفكارا تقسم البلاد علي أساس ديني، مطالبا الجماعة بتحديد موقفها من هذه القضية حتى لا يظل الخلاف قائما معها للنهاية ، لكنه ألمح في نفس الوقت إلي استمرار التنسيق بين الوفد والجماعة في العديد من القضايا المتعلقة بالديمقراطية والحريات.
ودعا أبو العز الحريري نائب رئيس حزب التجمع إلي إقامة تحالف بين القوي السياسية المختلفة، لانجاز دستور جديد للبلاد يؤسس لجمهورية برلمانية، ويتم حشد الرأي العام حوله. وقال إنه ضد فكرة الموافقة من حيث المبدأ علي التعديلات التي تم طرحها.
فيما حمل الدكتور محمد البلتاجي أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين علي حزبي التجمع والوفد موافقتهما من حيث المبدأ علي تلك التعديلات من قبل ممثليهما بمجلس الشوري ، معلنا في نفس الوقت ترحيبه بالتنسيق معهما في الفعاليات الشعبية الرافضة لتلك التعديلات في الفترة القادمة وقال إن الإخوان يرفضون المساهمة فيما وصفه بمسرحية التعديلات الهزلية.
اعتبر البلتاجي أن كتلة نواب الإخوان أدركت منذ البداية خطورة التعديلات المطروحة وقامت برفضها، واصفا تلك التعديلات بأنها استهدفت دسترة الطوارئ والتزوير وحكم الفرد وتأبيد السلطة . وقال إن الكتلة شاركت في الصياغة لفضح العوار الدستوري القادم ومن باب الإيجابية، مستنكرا استبعاد من تقدموا بصياغات للمواد الدستورية من لجنة الصياغة بمجلس الشعب ، مشيرا إلي خطورة ما صدر عن تلك اللجنة حتى الآن ، خاصة فيما يتعلق بإعطاء رئيس الدولة الحق في تأسيس محاكم استثنائية وتحويل أي مواطن إليها ، إلي جانب النص علي حظر المرجعية الدينية وليس النشاط الديني كما ورد في خطاب الرئيس . وقال إن جماعة الإخوان هي مع المواطنة جملة وتفصيلاً وشكلاً وموضوعاً نافيا صحة ما ذكرته العديد من الصحف حول رفض الجماعة لهذا المبدأ.
كذلك رأي الدكتور أحمد أبو بركة عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين أن جماعته كانت سبَّاقة في قراءة الأحداث واستشراف خطورة التعديلات المطروحة ، التي وصفها بأنها تستهدف إقصاء القضاة من الإشراف علي الانتخابات وإقرار قانون الإرهاب ودسترته ، فيما تعد بقية التعديلات تسويقية لتلك الفقرات ، مشيرا إلي أن التعديلات المراد إدخالها علي المادة 76 تستهدف إقصاء الشعب المصري جميعه من المشاركة وتقصر الترشيح للرئاسة علي أعداد محدودة من الأشخاص.
تناول أبوبركة التحفظات المطروحة علي المادة الثانية ، وقال أن تطبيق هذه المادة بشكل صحيح هو الذي سيؤدي إلى الدولة المدنية حيث الإسلام لم يفرض عصمة الحاكم أو تأليهه ، وقال إنه لابد لكل مجتمع من مرجعية نهائية يستمد منها المجتمع قيمه الأساسية والأخلاقية.
ووصف سامح مكرم عبيد، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، التعديلات المراد إدخالها علي المادة 88 من الدستور بأنها بمثابة النار التي ستأكل الجميع ، فيما ستقود تعديلات المادة 179 الجميع إلى غياهب السجون، وطالب بتوجيه كامل الجهود للدفاع عن رأي القوى السياسية الرافض لتعديل هذه المواد، واعتبر أن الموقف الثابت سيؤدي إلى قوة في الموقف بدلاً من التشرذم.
Share this Post