أجمع حقوقيون وسياسيون علي خطورة مشروع القانون الذي تعتزم الحكومة طرحه على البرلمان بشأن مكافحة الإرهاب على الحريات العامة في البلاد. مؤكدين أن مشروع القانون الجديد يستهدف العمل علي إسكات أي صوت معارض للسياسات والممارسات الحكومية في الفترة القادمة. فيما ربط عدد منهم بين طرح الحكومة للقانون الجديد والتطورات علي الساحتين الإقليمية والدولية.
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في إطار صالون بن رشد تحت عنوان “قانون مكافحة الإرهاب.. يكافح من ؟!” وأدارها معتز الفجيري، مدير البرامج بالمركز.. وقال الفجيري في افتتاحية الندوة: إن مصر من أوائل الدول التي لديها تشريعات لمكافحة الإرهاب، حيث أنها تستخدم العمل بقانون الطوارىء تحت مثل هذه الدعاوى. مشيرا إلي أن المقرر الخاص بمكافحة الإرهاب أصدر تعليقا في ديسمبر الماضي بخصوص المادة 179 من الدستور، وردت عليه الحكومة المصرية كالمعتاد برفض ما وصفته بالتدخل في شئوونها.
فيما أشار نائب رئيس حزب التجمع التقدمي أبو العز الحريري إلي ما صاحب فرض حالة الطوارىء في مصر منذ عام 1981 من تجميد للحريات وحصار الأحزاب والنقابات، وتزوير انتخابات المجالس النيابية. مؤكدا أن الحياة السياسية المصرية تفتقد مقومات المعارضة السياسية وأن الموجود فيها حاليا هو عبارة عن حالة من المقاومة السلمية وليس المعارضة السياسية، معتبرا أن الاتجاه الحكومي لإقرار قانون جديد لمكافحة الإرهاب يأتي في إطار ما وصفه بالانقلاب الدستوري الذي جرى مؤخرا، في إشارة لتعديل 34 مادة بالدستور، واصفا هذه التعديلات بأنها حولت الدستور إلي دستور إرهابي.
حذر الحريري أيضا من تنامي ما وصفه بالرغبة في التمرد الاجتماعي نتيجة إصرار الحزب الوطني الحاكم على تجاهل المطالب الشعبية في الحرية وتحسين الأوضاع المعيشية، متوقعا فشل الحكومة في تطبيق قانونها الجديد ، مدللا علي ذلك بامتداد حالة الغضب الشعبي علي الأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة إلي مختلف قطاعات الشعب المصري. وقال الحريري: إن علي القائمين على مقاليد الأمور في البلاد اللجوء للعقل وإدراك أن ثمة اتفاقيات لمكافحة الفساد لا تستثني أحدا من المساءلة.
ولفت الانتباه إلى أن تصريحات مندوب الداخلية الواردة في التقرير الأول للمجلس القومي لحقوق الإنسان طالبت بوضع المادة 3 لقانون مكافحة الإرهاب في حالة إلغاء حالة الطوارئ بما يوضح أن السلطة التنفيذية تتمسك بعدم التخلي عن الطوارئ.
وأضاف سيف الإسلام إن المواد التي تم تسريبها تظهر تطابقا بين القانون المرتقب وقانون مكافحة الإرهاب الحالي في تعريف كل منهكا للإرهاب، وأن كليهما يستهدف منع كل من يعارض أو يحتج على السياسات الحكومية.
بيئة دولية
واتفق الدكتور عصام العريان مسئول المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين مع التحذير من أن القانون الجديد يستهدف ملاحقة معارضي النظام الحاكم، والساعين للكشف عن الفساد في ممارسات مسؤولية. وربط العريان بين الرغبة الحكومية في إصدار القانون والسياق الإقليمي والدولي القائم حاليا على تشريع قوانين استثنائية ومقيدة للحريات تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وقال إن هناك سعيا دوليا يستهدف وصم الحركات المقاومة كحماس وحزب الله بالإرهاب، ومؤكدًا أن المجتمع الدولي كله أصبح فريسةً للقرار الأمريكي، والذي بدوره يعيش أسيرا لتوجهات بعينها مدللا على ذلك بالصمت الدولي إزاء ما يجري في غزة.
غير دستوري
من جانبه شدد الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة على أن استصدار قانون لمكافحة الإرهاب إنما يستهدف بشكل أساسي منع كل صور مقاومة الطغيان أو الظلم أو الاحتلال، على الرغم من أن تلك المقاومة مشروعة وقانونية، بل ومن الحقوق الأساسية التي تعترف بها جميع الدساتير الديمقراطية. ووصف الدكتور بدوي مشروع قانون مكافحة الإرهاب بأنه غير دستوري، ويمثل خضوعاً للسياسة الأمريكية في المنطقة التي تسعى لمنع مقاومة الاحتلال والظلم، وهما من الحقوق الدستورية التي كفلتها جميع دساتير العالم.
أشار بدوي إلى أن عقوبة قانون الإرهاب أو أي عقوبة لابد لها من نص وهو ما خالفه قانون الإرهاب الذي حمل عبارات مطاطية وفق ما تم تسريبه. ومؤكدا أن الحكم المطلق والسلطوي في المنطقة يعد الحليف الأول للولايات المتحدة الأمريكية. ورأى بدوي أن عددًا كبيرًا من المثقفين في المنطقة العربية ومصر يتجاهلون حقيقة أن أوليات السياسة تتمثل في ارتباط الديمقراطية بالحرية، وأنهما معا ترتبطان بسيادة القانون، حيث لا يمكن قيام نظام ديمقراطي حقيقي يبدونهما، وقال إن سيادة القانون بالكامل تؤدي إلى أن يتمتع الجميع- حكامًا ومحكومين- بالحرية دون أدنى تفرقة. مشددا على أهمية أن تكون بنود قانون الإرهاب واضحة ومحددة حتى “لا يعذر أحد بالجهل بالقانون” وأن معرفة هذا القانون تتطلب أن تكون نصوصه محددة بشكل دقيق ولا تستخدم عبارات مطاطة
Share this Post