يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قرار النيابة العامة الصادر أمس، باحتجاز الناشر الصحفي والمعارض البارز هشام قاسم، رئيس مجلس أمناء التيار الحر (ائتلاف تأسس حديثًا من الأحزاب السياسية الليبرالية وشخصيات المعارضة)، 4 أيام على ذمة التحقيق. ويعتبر المركز أن احتجاز هشام قاسم، أحد أبرز المعارضين العلمانيين المحتجزين في عهد الرئيس السيسي، يشكل تصعيدًا خطيرًا، ويبرهن على إصرار السلطات المصرية استهداف المعارضين السلميين وعدم وجود أي نية لتخفيف القمع بحقهم، حتى ومصر على أعتاب انتخابات رئاسية مرتقبة وفي خضم أزمة اقتصادية طاحنة. ففي مقابل كل سجين سياسي تم الإفراج عنه في الفترة بين أبريل 2022 ويوليو 2023، ألقت السلطات القبض على ثلاثة آخرين.[i] وفي هذا السياق يطالب مركز القاهرة بالإفراج الفوري عن هشام قاسم وعن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين السلميين المحتجزين في السجون المصرية.
في 20 أغسطس الجاري استدعت النيابة العامة قاسم لسماع أقواله كشاهد في البلاغ المقدم ضده بالسب والقذف، ليفاجئ باستجوابه كمتهم في القضية رقم 5007 لسنة 2023. وكان كمال أبو عيطة، الذي شغل منصب وزير القوى العاملة والهجرة بين يوليو 2013 ومارس 2014 بعد الانقلاب العسكري والإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، قد قدم بلاغًا ضد قاسم يتهمه بالسب والتشهير عبر منشورات على منصة فيس بوك، استنادًا لتقارير صحفية تنطوي على اتهامات بالفساد المالي بحق أبو عيطة وقت توليه الوزارة. وقد أمرت النيابة بالإفراج عن قاسم بكفالة مادية، لكن دفاعه استأنف ضد قرار دفع الكفالة. ووفقًا لبيان صادر عن التيار الحر؛ فقبل إصدار النيابة لقرارها بشأن الاستئناف، قدم ثلاثة من أفراد الشرطة بلاغًا أخرًا ضد قاسم يتهمه بالتشهير والاعتداء على موظف عام. وقد قررت نيابة جنوب القاهرة ضم البلاغ الثاني للقضية وأمرت بحبس قاسم على ذمة التحقيق.
يتناقض قرار النيابة العامة بالتحقيق والتحرك الفوري، مرتين خلال 24 ساعة، إزاء البلاغ المقدم ضد قاسم؛ مع سلوكها المتبع الرافض للتحقيق في معظم البلاغات المقدمة من المعارضين السياسيين والحقوقيين. إذ قررت النيابة حفظ التحقيق في البلاغ المقدم للنائب العام من الحقوقي جمال عيد (مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان) بشأن تعرضه للاعتداء والضرب والإصابة بجروح خطيرة في 2019. وبالمثل، حفظت النيابة البلاغ المقدم من الحقوقي بهي الدين حسن (مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان) ضد مقدم برنامج حواري حرض على قتله على شاشة التلفزيون. ومن ثم، يبدو أن الدافع من احتجاز هشام قاسم هو نشاطه السياسي، في تصعيد جديد ضد المعارضة، يحمل شهادة إثبات أن الانفتاح السياسي المزعوم الذي أعُلن عنه العام الماضي هو مجرد مناورة سياسية.
[i] وفقًا لحملة حتى آخر سجين، أفرجت السلطات المصرية عن 1662سجينًا تقريبًا بين أبريل 2022 ومنتصف يوليو 2023، فيما اعتقلت 4968 آخرين بتهم سياسية.
Share this Post