في 8 يونيو 2024، قُتل أكثر من 274 فلسطينيًا وجُرح 698 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، جراء عملية عسكرية إسرائيلية تستهدف إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في مخيم النصيرات، والذي تضاعفت أعداد قاطنيه بعدما استقبل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من القصف المتواصل في رفح في الجنوب. وبسبب الهجمات الممنهجة على السكان المدنيين والبنية التحتية في غزة، والمتواصلة لعدة أشهر، لم تعد المستشفيات القريبة قادرة على استيعاب هذا العدد الضخم من الضحايا.
يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الاستهتار الممنهج من الحكومة الإسرائيلية بحياة الفلسطينيين، والإصرار على تنفيذ هذه العملية العسكرية بغرض إطلاق سراح أربعة رهائن إسرائيليين، داخل منطقة تتكدس بالمدنيين. ويذكّر المركز بأنه أثناء وقف قتال مؤقت بين حماس وإسرائيل في الفترة بين 24و 30 نوفمبر 2023، أسفرت مفاوضات بين الطرفين عن إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين، والعديد من المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، دون وقوع أي خسائر في أرواح المدنيين. وفي المقابل لم تسفر العمليات العسكرية الإسرائيلية الممتدة، والتي راح ضحيتها عشرات الألاف من المدنيين الفلسطينيين معظمهم النساء والأطفال، إلا عن تحرير 7 رهائن فقط.
إن إطالة أمد العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، والمستمرة منذ قرابة 9 أشهر، يمدد حملة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين ويؤدي لنتائج عكسية تعرقل المساعي الرامية إلى إيجاد حل لضمان إطلاق سراح الرهائن المدنيين الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين. وفيما تعد عملية النصيرات إحدى أكثر الهجمات العسكرية الإسرائيلية دموية على مدى الأشهر الستة الماضية؛ يؤكد المركز أن القتل الجماعي للفلسطينيين لا يمكن على الإطلاق أن يشكل أساسًا لأي نوع من السلام والأمن، سواء للفلسطينيين أو الإسرائيليين.
لقد أكدت محكمة العدل الدولية مرارًا وتكرارًا في قراراتها ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة لوضع حد لهذه الفظائع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية الضرورية، بما في ذلك الماء والغذاء، إلى السكان المدنيين رهن المجاعة في جميع أنحاء القطاع. الأمر الذي من شأنه أن يسفر أيضًا عن إطلاق سراح بقية الرهائن الإسرائيليين وآلاف السجناء والمعتقلين الفلسطينيين المحتجزين في ظروف قاسية دون تهمة أو محاكمة، أو على خلفية محاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية.
وقف إطلاق النار سيمكن أيضًا هيئات التحقيق الدولية، بما في ذلك لجنة تحقيق الأمم المتحدة ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، من مباشرة تحقيقات مستقلة حول الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، والمرتكبة من جميع الأطراف منذ 7 أكتوبر؛ تمهيدًا لمحاسبة المسئولين عنها.
إن المجتمع الدولي، بما في ذلك أقرب حلفاء إسرائيل كالولايات المتحدة وألمانيا، يحملون على عاتقهم التزام بعدم التواطؤ في الفظائع التي ترتكبها إسرائيل، والتي تصل حد الإبادة الجماعية. ويتحتم عليهم، التوقف، فورًا ومن دون شرط، عن تقديم الدعم المالي والأسلحة الذي يُمكِّن إسرائيل من مواصلة الهجوم العسكري على غزة، بتكلفة لا تطاق لأرواح الفلسطينيين وللنظام الدولي وقواعده.
Share this Post