The Palestinian Civil Defense searches for survivors in a house for the Mukhaimir family and neighboring houses after an Israeli raid in the city of Rafah, south of the Gaza Strip, on October 17 2023. Credit: Anas-Mohammed via Shutterstock

غزة: وقف إطلاق النار خطوة حاسمة في مواجهة الإبادة ينبغي أن تتبعها إجراءات تضمن العدالة وترفع الحصار نهائيًا

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

يرحب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره بين إسرائيل وحماس، ويشدد على ضرورة سرعة تطبيقه دون توانٍ أو تأخير. بينما يعرب المركز عن قلقه البالغ إزاء مواصلة إسرائيل قصف قطاع غزة خلال الساعات الماضية، ومقتل العشرات من المدنيين الفلسطينيين، بينهم عضو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إيهاب فيصل، الذي قُتل صباح اليوم مع زوجته وطفليه في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم في مدينة غزة.

بعد 15 شهرًا من فظائع لا يمكن تصورها، وجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، يتعين على الطرفين الالتزام الكامل باتفاق وقف إطلاق النار وكافة شروطه؛ بما في ذلك إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ورفع الحصار عن غزة. كما ينبغي على إسرائيل الوفاء بالتزامها والسماح للنازحين داخليًا في غزة بالعودة لديارهم، وتسهيل عملية إعادة الإعمار بالتزامن مع تقديم المساعدات، وتسهيل وصولهم للخدمات الأساسية، بما يضمن لهم عودة آمنة وكريمة. كما يجب على المجتمع الدولي، الذي سمح مرارًا وتكرارًا لإسرائيل بمواصلة جرائمها في غزة دون رادع، أن يحّمل إسرائيل المسئولية عن هذه الجرائم، ويكسر حلقة الإفلات من العقاب التي تدفع لمزيد من العنف.

تقول آمنة القلالي، مديرة البحوث في مركز القاهرة: «إن وقف الأعمال العدائية خطوة حيوية تجدد الأمل، لكنها ليست إلا بداية تضمن حماية أرواح الفلسطينيين في غزة. والآن، لابد من إعطاء الأولوية لمعالجة الظروف المزرية وتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب الفلسطيني والحيلولة دون خسارة المزيد من الأرواح في خضم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث».

منذ اندلاع الصراع في 7 أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 46645 فلسطينيًا، بينهم 13319 طفلاً، وأصابت أكثر من 110 آلاف شخص، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. وفي إسرائيل، قُتل ما يقرب من 1200 شخص خلال الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر، وتم أسر أكثر من 200 شخص. ومنذ ذلك الحين، ارتكبت إسرائيل جرائم حرب بشعة في غزة، بما في ذلك الاستهداف المنهجي للمدنيين، واستخدام التجويع كسلاح حرب، والتهجير القسري لأكثر من 90% من السكان.

وفيما يتعين على إسرائيل أن تضمن تسليم المساعدات فورًا ودون عوائق، على الدول ومقدمي المساعدات الإنسانية الرئيسيين مضاعفة استجابتهم ومساعداتهم لتلبية الاحتياجات المهددة للحياة للسكان في غزة. إذ يتضمن اتفاق وقف إطلاق النار بندًا بزيادة المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يومية محملة بالمساعدات الإنسانية. هذه المساعدات قد لا تفي بالاحتياجات الهائلة للسكان حاليًا. فقبل الصراع، كان متوسط ​​الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية 500 شاحنة يوميًا.

من بين 2 مليون نسمة، يواجه نحو 876 ألف شخص من سكان غزة مستويات عاجلة من انعدام الأمن الغذائي. ولا يزال الوصول للرعاية الصحية مقيدًا بشدة، بعدما بقيت 17 مستشفى فقط قادرة على تقديم خدمات الرعاية الصحية بشكل جزئي، فضلاً عن النقص الحاد في المياه والوقود والإمدادات الطبية والموظفين. وذلك بعد مقتل أكثر من ألف عامل في مجال الخدمة الصحية، ومداهمة إسرائيل عشرات المستشفيات واحتجاز موظفيها. ومؤخرًا، في 27 ديسمبر 2024، داهمت قوات الاحتلال آخر مرفق طبي رئيسي في شمال غزة وأخرجته عن الخدمة. واعتقلت القوات الإسرائيلية بشكل تعسفي مديره الدكتور حسام أبو صفية، إلى جانب أعضاء من الطاقم الطبي ومرضى.

كانت محكمة العدل الدولية قد أمرت إسرائيل في يناير 2024، بالامتناع عن الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، بعدما تبينت أن ثمة خطرًا معقولاً لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. ومع ذلك، في مايو 2024، رصدت محكمة العدل المزيد من التدهور في «الظروف المعيشية الكارثية» وأقرت أن الوضع «لا يمكن أن يكون أكثر إلحاحًا»، لا سيما في ضوء «حرمان الفلسطينيين المطول واسع النطاق من الغذاء وغيره من الضروريات الأساسية، في قطاع غزة».

والآن، يتعين على جميع أطراف الصراع الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، والعمل على إيجاد حل طويل الأمد. إذ لا يمكن أن تحظى الأراضي الفلسطينية المحتلة بسلام مستدام طالما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية لهذا الصراع. فالصراع القائم في غزة اليوم لم يبدأ في السابع من أكتوبر 2023، بل تمتد جذوره لأكثر من 76 عامًا من النزوح والتشريد وأكثر من 57 عامًا من الاحتلال المتواصل.

ومن ثم، على إسرائيل حل نظام الفصل العنصري وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية المحتلة، امتثالاً لقرارات محكمة العدل الدولية، واحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. ويجب إجراء انتخابات فلسطينية حرة ونزيهة، بمشاركة جميع الفلسطينيين، دون تمييز.* هذه الانتخابات تشكل الخطوة الأساسية نحو ضمان الاستقرار والاستدامة لأي محادثات سلام مستقبلية.

كانت محكمة العدل قد أقرت في يوليو 2024 أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومستوطناتها واستغلالها للموارد الفلسطينية غير قانوني ويجب أن ينتهي «في أسرع وقت ممكن». كما أقرت أن إسرائيل تنتهك المادة 3 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التي تحظر التمييز العنصري والفصل العنصري.

ورغم عدم شرعية احتلالها، تواصل إسرائيل تكثيف العنف في الضفة الغربية، من خلال الاستخدام غير المبرر للقوة غير المتناسبة والتوغلات المتكررة. الأمر الذي أسفر عن مقتل 1813 فلسطينيًا في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، في الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و8 يناير 2024، على نحو يجعلها الفترة الأكثر دموية منذ عام 2005. كما تواصل إسرائيل توسيع مستوطناتها غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إذ تم توسيع أكثر من 30 ألف وحدة سكنية عام 2023، بزيادة 180% على مدى 5 سنوات. وبحلول سبتمبر 2023، كان حوالي 700 ألف مستوطن يقيمون بشكل غير قانوني في الضفة، بما في ذلك القدس الشرقية.

إن العدالة والمساءلة أمران حيويان للتوصل إلى حل مستدام؛ لذا ينبغي محاسبة جميع أولئك الذين ارتكبوا الفظائع أثناء الصراع. ومن أجل هذه الغاية، يجب ضمان وصول آليات التحقيق الدولية المستقلة لقطاع غزة وكافة المناطق المتضررة الأخرى. كما يجب تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت، وكذلك رئيس الجناح العسكري لحركة حماس محمد دياب إبراهيم المصري (الضيف)، للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في إسرائيل وفلسطين منذ 7 أكتوبر 2023، على الأقل.

 

 * أجريت آخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، وتم إجراء آخر انتخابات رئاسية عام 2005.

Share this Post