مدخلة شفهية مقدمة من مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان
الدورة الاستثنائية 16 لمجلس حقوق الإنسان “عن حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية”.
السادة النواب والسفراء الإعزاء:
بينما أنا أتحدث إليكم هنا في جنيف باعتباري سوري أولا،وكناشط في مجال حقوق الإنسان ثانيا، زملائي السوريون يتظاهرون في معظم المدن فى جميع انحاء سوريا، وعلى الرغم من استخدام الذخيرة الحية ضدهم مما أدى إلى وفاة أكثر من 700 مواطن، والمئات من المفقودين والجرحى ، والآلاف من المعتقلين تحت خطر التعرض للتعذيب. ولكنهم ما زالوا يتظاهرون سلميا ضد واحد من أكثر الأنظمة القمعية في المنطقة، ولكنهم بنفس الوقت يتطلعون إلينا هنا، في مجلس حقوق الإنسان، على أمل أن المجتمع الدولي من شأنه أن يساعدهم في كفاحهم المشروع و السلمي. فهم يدركون تماما أن المجلس لا يمكن أن يعيد الحياة إلى أحبائنا الذين استشهدوا، ولكن على الأقل يمكن وضع حد لاستخدام القوة والعنف من قبل الأجهزة الأمنية، الذين هم في مأمن عن المسؤولية وفقا لأحكام القانون السوري.
سيداتي سادتي:
لن أقرأ هنا المئات من رسائل البريد الإلكتروني التي وصلتني بالأمس من أناس داخل سوريا عندما علموا أنني سأتكلم أمامكم اليوم في مجلسكم الخاص المحترم ، ولكنني سأقرأ مقتطفا من أحد هذه الرسائل “إذا كان المجلس لا يؤيد فكرة التحقيق الدولي …. فإن دمائنا سوف تنسى مرة أخرى “، بعد 30 عاماً من نظام الأسد الذي ارتكب مجزرة حماة في 1982 ، ونحن لا نزال نتحدث عن العدد التقديري للأشخاص الذين قتلوا هناك 20000 يقول البعض، والبعض الآخر يقول 25000 ، وبعد ثلاثين عاما ما زلنانتحدث عن تقديرات وليس أرقام دقيقة، ولأن النظام لم يقم حتى الآن باتخاذ خطوة واحدة لفتح تحقيق شفاف وجدي، كيف لنا إذاً أن نثق بأن النظام نفسه سوف يفتح تحقيقاً داخلياً موثوقاً في مقتل المتظاهرين السلميين منذ 18 آذار / مارس 2011. على المجتمع الدولي أن يتخذ المسؤولية الآن عن الضحايا السوريين الذين ماتوا من أجل طلب الحرية ، الحرية تلك الكلمة الأكثر ترداداً اليوم في سوريا لكنها وبنفس الوقت هي الأكثر الأخطر، لقد كلفت أرواح أكثر من 700 شخص، 650 منهم أعمارهم أقل من 40 سنة.
إن القوات السورية تحاصر درعا لما يقرب من خمسة أيام. وتمنع بصرامة الحصول على الغذاء والماء والمساعدات الطبية. فقد قطعت الكهرباء ووسائل الاتصال والطرق المؤدية الى المدينة تماما. إن هذه الممارسات أشبه بحالة العقاب الجماعي وتشكل تهديداً خطيراً للسكان الذين يواجهون أزمة إنسانية. التبرير الرسمي للنظام هومحاربة المتطرفين ما هو إلا إدعاء وخداع. وحتى لو كانت هذه هي الحالة المدعاة فيتوجب على الحكومة أن لا تقطع الامدادات الغذائية والطبية من دخول المدينة وبالتالي معاقبة جميع السكان في درعا. لقد تحدث أمس نجل عضو في البرلمان السوري كان يبكي بينما كان يتحدث لهيئة الاذاعة البريطانية BBC، وأضاف “نحن فقط بحاجة لحليب للأطفال الجائعين”. لقد أصبح من الواضح أن هناك جرائم ضد الإنسانية ارتكبت من قبل السلطات السورية، والمجتمع الدولي في حاجة ماسة لمحاسبة من ارتكتب هذه الاعمال الوحشية.
هناك فجوة واسعة بين الموقف الرسمي المدعي اعتماد إصلاحات طال انتظارها بما في ذلك رفع حالة الطوارئ وإصدار قانون بشأن المظاهرات السلمية ، والقمع المنظم والعنف الأعمى على أرض الواقع.
يجب على المجلس أن يدين بقوة الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية وحثها على وضع حد فوري للعنف. ويجب أيضا تشكيل وتعيين لجنة دولية مستقلة على وجه السرعة للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والتعرف على الجناة المزعومين. وينبغي تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. هذا هو السبيل الوحيد لإقناع الشعب السوري إلى الاعتقاد بأن هناك مؤسسة دولية معدة وقادرة على حماية حقوق الإنسان الخاصة بهم.
وأخيرا، هناك حملة عنيفة ضد المتظاهرين من قبل قوات الجيش والأمن ليس فقط في سورية. فالبحرين واليمن تعتبر أيضا مسرحا للقمع الشرس. ومع ذلك فإن الضحايا البحرينين و اليمنيين ما زالوا ينتظرون النظر في المجتمع الدولي ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على وجه الخصوص. والنهج الإنتقائي لن يكون حلا جذريا في هذه الحالة.
د. رضوان زيادة
مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان
Share this Post