مداخلة شفوية
25 فبراير/شباط 2011
ألقتها: السيدة ليلى مطر
لقد سعدنا بسماع البيانان اللذان قُدِّما في وقت سابق اليوم من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي والمجموعة العربية، كما حفزنا دعم كل من الأردن والعراق وقطر وتونس وفلسطين لعقد هذه الدورة الاستثنائية، وكذلك قرار الجامعة العربية الصادر منذ ثلاثة أيام، الخاص بتعليق مشاركة الوفد الليبي في لجان جامعة الدول العربية. ويعتبر انعقاد هذه الجلسة الخاصة خطوة مهمة اتخذتها الأمم المتحدة في الاتجاه الصحيح. ونحن نحث المجلس بقوة على اعتماد مشروع القرار المقدم أمامه قبل اختتام هذه الجلسة كأقل استجابة مطلوبة من هذا المجلس.
إن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الحكومة الليبية في الوقت الراهن ضد شعبها مفجعة ومروعة للغاية، ولكن ربما الجانب الأكثر مأساوية من الوحشية التي حدثت في ليبيا هو أن هذه الجرائم كان من الممكن اجتنابها. وهي بالأحرى الخاتمة المنطقية والتعبير الأخير عن الأسلوب الذي تتعامل به الحكومات العربية والمجتمع الدولي مع الظواهر الإقليمية الأوسع والأشمل، التي تفرزها الاحتجاجات الشعبية الوطنية، والتي حدثت بصورة تلقائية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
فعلى حد تعبير السفير الأردني في هذه الجلسة: “إن الصمت إزاء انتهاكات حقوق الإنسان أينما وقعت سيؤدي حتماً إلى ما نشهده في ليبيا”.
في هذا السياق نود أن نعرف أين كانت منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية وهذا المجلس والدول الأعضاء فيه عندما خرج التونسيون إلى الشارع في ديسمبر/كانون الأول 2010 وتعرضوا للضرب والاعتقال والقتل على أيدي قوات الأمن؟ وأين كنتم عندما فرضت الحكومة المصرية حظراً على المعلومات داخل البلاد؟ وعندما قتل مئات المصريين وتعرض الآلاف للاعتقال التعسفي على أيدي قوى الأمن، ولا يزال الكثيرين منهم مختفين؟ أين كنتم قبل بضعة أيام عندما أطلقت حكومتا البحرين واليمن الذخيرة الحية على حشود المتظاهرين المسالمين، وأعدمتا رعاياهما المدنيين في وضح النهار؟
إن الحقيقة التي فشلت هذه الدورة الاستثنائية في التعامل معها والتستر عليها، هو أن ما يحدث في ليبيا هو جزء من انتفاضة إقليمية شاملة وضخمة ضد الفساد والقمع الوحشي الذي تمارسه حكومات تعامل شعوبها في أغلب الأحيان كأعداء؛ حكومات تقوم بتعذيب مواطنيها وسجنهم وقتلهم على نحو منتظم؛ والحقيقة أن الكثير من البلدان في جميع أنحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تكن متواطئة مع تلك الجرائم فحسب، بل كانت ومازالت تدعم فعلياً النظم الديكتاتورية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي تحكم شعوبها بنفس الطريقة التي يحكم بها العقيد القذافي شعبه.
وعلى حد تعبير منظمة المؤتمر الإسلامي في هذه الجلسة: “لقد بزغ فجر جديد”… فقد تغيرت قواعد اللعبة. لم يعد بإمكان البلدان العربية ولا المجتمع الدولي التذرع بأسطورة استثنائية الشعوب العربية من التطلعات الديمقراطية.
وينبغي أن تكون الأحداث في ليبيا والمنطقة على نطاق أوسع بمثابة تذكير قوي لهذا المجلس ولجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أن حقوق الإنسان والاستقرار الدولي مرتبطان ارتباطاً وثيقاً لا ينفصم. ويقع الآن على عاتق الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها الرد على ما يحدث في المنطقة العربية، والاعتراف بأن الأمن الدولي طويل الأمد لا يمكن ضمانه إلا إذا وضعت حقوق الإنسان في لب وصدارة الدبلوماسية والمفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف. لقد سحق ملايين المواطنين المفاهيم التقليدية للسياسة الواقعية وأعادوا صياغتها في جميع أنحاء المنطقة العربية، هؤلاء الملايين الذين خاطروا بحياتهم يوماً بعد يوم للمطالبة بالعدالة والكرامة والإصلاح الديمقراطي.
شكرا لكم سيدي الرئيس.
Share this Post