في 24 فبراير 2025، خلال اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، أضاع الاتحاد الأوروبي فرصة حاسمة للضغط على إسرائيل، وضمان أن يكون اتفاق شراكته مع إسرائيل متسقًا مع التزامه بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
فبعد مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة بحق قادة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والنتائج التي توصلت لها محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، ينبغي أن يعيد الاتحاد الأوروبي تقييم نهجه في التعامل مع إسرائيل. إن الفشل في معالجة هذه القضايا الخطيرة على أعلى مستوى ممكن مع إسرائيل يقوض مصداقية الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية، ومصالحه الأمنية طويلة الأمد في المنطقة. بينما امتثال الاتحاد الأوروبي لالتزاماته بشكل واضح ومبدئي؛ قد يحول دون مزيد من ترسيخ سياسات إسرائيل غير القانونية والفصل العنصري بحق الفلسطينيين، ويحد من العنف المتصاعد ضدهم في غزة والضفة الغربية وإسرائيل، ويعزز الاستقرار الإقليمي.
إن العنف المستمر في فلسطين اليوم، رغم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، هو امتداد للانتهاكات المنهجية طويلة الأمد للقانون الدولي، التي يجسدها نظام الفصل العنصري الاستيطاني الإسرائيلي الذي يجرد الشعب الفلسطيني من ملكيته. إذ تنامت التوغلات العسكرية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وعنف المستوطنين غير الخاضع للرقابة. بينما منعت إسرائيل مرة أخرى في 2 مارس جميع المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوقود، من الوصول لغزة، التي لا تزال تحت الحصار، وتعاني من عواقب إنسانية وخيمة، بعد شهور من الإبادة الجماعية.
كما أن أولئك الذين يحاولون مواجهة هذا العنف، يدفعون ثمنًا باهظًا. إذ تواصل إسرائيل استهداف المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم عمال الإغاثة والعاملين في مجال الرعاية الصحية والصحفيين، بينما تتوسع المستوطنات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي الوقت نفسه، حظرت إسرائيل وعطلت عمل «الأونروا» التي يمولها الاتحاد الأوروبي، مما حرم 2.4 مليون لاجئ فلسطيني في جميع أنحاء الأرض المحتلة من الخدمات الأساسية.
هذه الأعمال تنتهك القانون الدولي، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، وتهدف إلى تهجير المجتمعات الفلسطينية قسرًا، مما يشكل جريمة حرب. وبعد اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة للطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، باعتباره «موقع هدم»، أضحت مساعي التهجير القسري أكثر وضوحًا وقربًا.
في هذا السياق من التوتر غير المسبوق والانتهاكات المستمرة للقانون الدولي، تدعو المنظمات الموقعة أدناه الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف حاسم للدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد، المتجذر في القانون الدولي، وبرهنت ذلك في سياساته إزاء إسرائيل والشعب الفلسطيني.
دعوة لاتخاذ إجراء فوري من الاتحاد الأوروبي:
في أعقاب فرصة مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل الضائعة، وفي غياب خطوات واضحة قابلة للقياس من قبل إسرائيل للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، يجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الوقوف بقوة وضمان امتثال علاقاتهم مع إسرائيل لالتزامات القانون الدولي، وقرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، الذي يدعو إلى إنهاء الاحتلال والوقف الفوري للخروقات الإسرائيلية. وفي هذا السياق ينبغي أن يتخذ الاتحاد الأوروبي الخطوات التالية فورًا:
- مراجعة كاملة لأشكال التعاون مع إسرائيل، بما في ذلك مراجعة العلاقات الدبلوماسية، وفرض عقوبات قانونية ومحددة الأهداف، وتعليق اتفاقيات التجارة وغيرها من اتفاقيات التعاون، إلى أن تنهي إسرائيل وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يتماشى مع فتوى محكمة العدل الدولية. ويشمل ذلك تعليق الأحكام التجارية الواردة في اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تتمتع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بسلطة تعليقها بأغلبية الأصوات المؤهلة، استنادًا لشروط حقوق الإنسان المنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاق.
- تكثيف الجهود الدبلوماسية لضمان الإنهاء النهائي والفوري للحصار الكامل المفروض على غزة، والتسليم العاجل للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوقود، إلى جميع مناطق غزة، بما في ذلك مناطق شمال غزة ومدينة غزة.
- تعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل وفرض حظر أسلحة ثنائي الاتجاه على إسرائيل.
- حظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يتماشى مع فتوى محكمة العدل الدولية، والتزامات الدول الثالثة بموجب القانون الدولي.
- تمديد العقوبات بحق المستوطنين، في ظل تنامي جرائمهم العنيفة، وفرض عقوبات على جميع المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
- دعم الآليات الدولية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، بما في ذلك الجرائم المرتكبة قبل أكتوبر 2023، في الضفة الغربية وفي جميع أنحاء إسرائيل/فلسطين، لضمان الحقيقة والعدالة لجميع الضحايا. فالمساءلة هي حجر الزاوية في السلام، ويجب دعم وإنفاذ قضية محكمة العدل الدولية المعلقة وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية الجارية بشأن الوضع في دولة فلسطين. ويشمل ذلك التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ أوامر الاعتقال.
- دعوة المفوضية الأوروبية إلى تفعيل جميع التدابير المتاحة لها لحماية استقلال المحكمة الجنائية الدولية وولايتها، بما في ذلك قانون الحظر، لحماية استقلالية المحكمة ضد عقوبات الجهات الفاعلة من خارج الاتحاد الأوروبي.
إن عدم تحمل إسرائيل عواقب انتهاكاتها المستمرة لن يؤدي إلا مزيد من التجرؤ على تجاهل القانون الدولي.
المنظمات الموقعة:
- مؤسسة «الحق» – القانون من أجل الإنسان
- مركز الميزان لحقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- CNCD 11.11.11
- الأورومتوسطية للحقوق
- مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
- معهد نوفاكت للاعنف
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
- المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان
- منصة المنظمات غير الحكومية الفرنسية من أجل فلسطين
- لجنة التضامن الأيرلندية الفلسطينية – صداقة
Share this Post