في مداخلة شفهية لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء 5 مارس 2013، قدمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، نيابة عن ملتقى منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة (الملتقى)، حذر فيها من القوانين القمعية والممارسات التي تهدف بشكل متزايد لعزل منظمات المجتمع المدني في مصر وتقويض قدرتها على العمل أو حتى على التواجد. جاءت هذه المداخلة ردًا على تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والذي تمت مناقشته ضمن جلسات الدورة الثانية والعشرون لمجلس حقوق الإنسان، المنعقدة حاليا في جنيف.
يلاحظ تقرير المقررة الخاصة أن المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المصرية يتم “استهدافهم بشكل متزايد عن طريق فرض قيود تعرقل عمل هذه المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان العاملين معهم وتحد من قدرتهم على ممارسة كامل أنشطتهم الأساسية.”[1] وأكد الملتقى، الذي يتكون من 23 من منظمات مستقلة لحقوق الإنسان في مصر، أن البيئة التشريعية المصرية ستصبح أكثر قمعا من أي وقت مضى إذا تم تمرير أيا من مشروعات القوانين التي قدمت مؤخرا إلى مجلس الشورى من قبل حكومة الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة.
حذر الملتقى من القيود التي يجري تنفيذها بالفعل على المجتمع المدني الآن في مصر، على الرغم من أن مشروعات القوانين لم يتم تمريرها بعد. على سبيل المثال، أجبرت مؤسسة المرأة الجديدة على تقليص أنشطتها والاستغناء عن بعض العاملين بها نتيجة لرفض الحكومة الموافقة على حصولها على تمويل. كما أن الحكومة المصرية تسعى بالفعل إلى عزل المجتمع المدني المصري، حيث قام رئيس الوزراء بإرسال خطاب إلى “المنظمة المصرية لحقوق الإنسان” – واحدة من أقدم منظمات حقوق الإنسان في مصر – يحذرها من التعاون مع المؤسسات الاجنبية، والتي تتضمن آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
الحكومة المصرية نفسها لديها سجل طويل من رفض التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فقد قامت الحكومة بالرد على واحدة فقط من أصل سبعة استفسارات أرسلت إليها من قبل المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة بخصوص الانتهاكات ضد المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان في البلاد منذ 2011.[2] وعلاوة على ذلك فإن الحكومة المصرية لم تسمح حتى الآن بزيارة المقررة الخاصة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى مصر، على الرغم من الطلبات المتكررة التي ظلت معلقة لأكثر من عشر سنوات،[3] ولا يخلو ذلك من دلالة أن هذا التأخر في الاستجابة من جانب السلطات المصرية يأتي في الوقت الذي يظهر فيه بوضوح مسئولية النظام المصري الحالي عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان التي لا يمكن تبريرها أمام المجتمع الدولي.
اختتم الملتقى المداخلة بالتأكيد على أن الانتهاكات التي تشهدها مصر تأتي في ذات الوقت الذي يشهد تصاعد قمع منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون بها في أنحاء شتى من العالم، مما يشكل خطرا كبيرا على النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم. وكما ذكر مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إنه لا يمكن حدوث تقدم في مجال حقوق الإنسان دون وجود مجتمعات مدنية مستقلة، فقد حث الملتقى مجلس حقوق الإنسان على اتخاذ اجراءات عاجلة وسريعة لوضع حد للمخططات التي تهدف إلى القضاء على المجتمع المدني وإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع انحاء العالم.
[1] انظر تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، قدم إلى الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. الإضافة 4 بشأن الملاحظات على الاتصالات، ص. 20، فقرة 136.
[2] انظر تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، قدم إلى الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. الإضافة 4 بشأن الملاحظات على الاتصالات، ص. 19، فقرات 128-135.
[3] انظر تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، قدم إلى الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. الإضافة 4 بشأن الملاحظات على الاتصالات، ص. 20، فقرة 139.
Share this Post