يؤكد مؤتمر “الصحافة العربية.. الحاضر والمستقبل في ظل الربيع العربي”، المنعقد بالقاهرة يومي 12 و13 يونيو 2013، أن أهم انتصار حققته الثورات العربية هو كسر حاجز الخوف واليأس لدى المواطن العربي، وتعاظم تأثير الإعلام الجديد والصحافة الإليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي بما يؤذن بنهاية عصر احتكار السلطة للمعلومات، وانفرادها بالهيمنة المطلقة على وسائل الإعلام الجماهيرية والصحافة المطبوعة.
كما يؤكد المؤتمر، الذي نظمه الائتلاف الوطني لحرية الإعلام بمشاركة ممثلين للصحافة وخبراء وأكاديميين من ثمان دول عربية، أن تعقيدات المراحل الانتقالية التي تمر بها هذه الثورات، ومن بينها اعتراض مؤسسات النظام القديم وبعض جماعات الإسلام السياسي لمجرى التغيير الثوري، هو أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تعثر عملية التحول الديمقراطي وإطلاق الحريات العامة وفى القلب منها حرية الصحافة، فضلاً عن تهديد إمكانات قيام دولة المواطنة وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية في هذه البلدان.
ويرى المشاركون في المؤتمر أن هذه التعقيدات، وما يرتبط بها من مواجهات سياسية حادة أو مصادمات مسلحة ودامية في بعض الأحوال، لم تفلح في كسر إرادة الشعوب التي نفضت عنها أغلال الذل والاستعباد. وبالمثل فإن سعى الأنظمة العربية الاستبدادية، مدعومة بتواطؤ الإدارة الأمريكية وحلفائها؛ لوأد حركات الإصلاح والتحديث السياسي والاجتماعي في مهدها لن يكتب له النجاح، لأن مطالب الشعوب لا تموت، حتى لو فُرض عليها البقاء إلى حين حبيسة في الصدور.
إن الشهادات والمداخلات التي شهدها المؤتمر حول أوضاع الصحافة العربية عامة، وخلال المراحل الانتقالية في بلدان الربيع العربي خاصةً، تؤكد التراجع الملموس في مؤشرات حرية الصحافة في الأغلبية العظمى من الدول العربية، لكنها أيضًا تشير إلى أن المعطيات والتفاعلات الخاصة بهذه المراحل تعزز إمكانية بزوغ فجر حرية الصحافة العربية، وفتح الطريق أمام إعادة تأسيس المنظومة الإعلامية على قاعدة الاستقلال والتعددية والتنظيم الذاتي للمهنة.
وفى هذا السياق يؤكد المؤتمر تبنيه للمواقف والتوجهات الآتية:
أولاً: إن تغيير الإطار التشريعي والمؤسسي لعمل الصحافة العربية ووضع قواعد راسخة لحرية الصحافة واستقلالها عن جميع مصادر السيطرة الحكومية والحزبية والاقتصادية، لم يعد مطلب النخب السياسية والثقافية فحسب، بعد أن انتفضت الشعوب العربية للمطالبة بحقها في إعلام ينقل الحقيقة بشفافية وتجرد.
ثانيًا: إن دور الصحفيين ورجال الإعلام ومنظماتهم المهنية والنقابية لا ينبغي أن ينفصل عن دورهم في الدفاع عن حق مواطنيهم في المعرفة، والتصدي لكل الانتهاكات والضغوط التي تستهدف تعطليهم عن أداء هذا الدور.
ثالثًا: إن نكوص وتراجع السلطات الانتقالية في بلدان الربيع عن الوفاء بأهداف ثوراتها، وفى مقدمتها هدف الحرية الذي يشمل كافة مدلولاتها ومجالاتها بما في ذلك حرية الصحافة وتداول المعلومات، يفرض على أبناء المهنة والمعنيين بالشأن الإعلامي إقامة أوسع تحالف ممكن مع مختلف القوى والمؤسسات الثورية والوطنية للعمل على تكريس مفاهيم حرية الصحافة والمعايير المتصلة بها، وكذلك السعي لتحقيق تحولات ملموسة في بنية المنظومة الإعلامية القائمة، ودفعها في اتجاه الاستقلالية والتعددية والالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية.
رابعًا: التأكيد على أهمية التنسيق والتواصل المستمر بين مختلف فئات الصحفيين والإعلاميين العرب، واستحداث أشكال مؤسسية لإنجاز هذا الهدف، وضمان التواصل الدائم وتبادل الآراء والخبرات لمواجهة التحديات المشتركة.
خامسًا: التأكيد على دعم وتطوير مواقع الصحافة الشعبية والإليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وتنمية قدراتها التقنية وكذلك التزامها بالمعايير المهنية.
سادسًا: دعم وتطوير منظمات وشبكات المجتمع المدني المعنية بحرية التعبير والصحافة ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون، بالإضافة إلى تنمية أشكال التعاون بينها وبين تجمعات الصحفيين والإعلاميين في مختلف الأقطار العربية.
سابعًا: توجيه تحية تقدير وتضامن للشعب السوري الشقيق في نضاله البطولي من أجل ممارسة حقه في تقرير مصيره بإرادته الحرة، والوقوف وقفة إجلال لأرواح شهداء الثورة السورية الأبرار وشهداء الثورات العربية جميعًا، الذين قدموا أغلى تضحيات يمكن أن تقدمها الشعوب من أجل دحر الديكتاتورية وانتصار الحرية.
ثامنًا: يُثمّن المؤتمر التضحيات التي قدمها الصحفيون والإعلاميون العرب خلال أدائهم لواجبهم الوطني والمهني في بلدانهم، ويخص بالذكر شهداء الصحافة العربية وسجناء الرأي والمدافعين عن حق الجماهير العربية في المعرفة والوصول إلى الحقيقة.
تاسعًا: يوصي المؤتمر بإطلاق موقع على شبكة التواصل الاجتماعي يحمل اسم ” الائتلاف العربي لحرية الإعلام”، ويضم ممثلي الصحافة والإعلام المستقل في مختلف البلدان العربية، على أن يُشكِّل المشاركون في أعمال المؤتمر نواة هذا الموقع، وذلك تمهيدًا لدراسة إمكانية قيام هذا الائتلاف في هيئة منظمة مدنية عربية تدفع كل الجهود الهادفة إلى تحرير الصحافة والإعلام العربي، والعمل على استقلاله عن مصادر الهيمنة والاحتكار.
Share this Post