نظم معهد التنوع الإعلامي بالتعاون مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مائدة مستديرة متخصصة يوم الأربعاء 12 مارس حول مهنية الإعلام بعد 30 يونيو، وذلك بفندق سفير بمنطقة الدقي.
المائدة حظيت بحضور إعلامي وجماهيري مميز، واستضافت نخبة من الإعلاميين والأكاديميين همحافظ الميرازي، حسام السكري،خالد البلشي، صفوت العالم، عبير السعدي،عز الدين إبراهيم، عماد الدين حسين، ليليان داوود، و ياسر عبد العزيز. وأدار اللقاء أيمن الصياد.
افتتح اللقاء كل من معهد التنوع الإعلامي, ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. وأكدت الكلمة على قيمة الإعلام ودوره في المرحلة الراهنة، مشدةً على خطورة ما يعانيه الإعلام من انتشار لخطاب الحض على الكراهية والعنف، وهيمنة خطاب الاستقطاب.
في البداية عرض مدير اللقاء الكاتب الصحفي أيمن الصياد مجموعة من التساؤلات الواردة إلى المتحدثين على موقع تويتر، معطيًا المجال لكل متحدث للإجابة عن الأسئلة التي وردت إليه وتقديم رؤيته فيما يتعلق بمهنية الإعلام.
اعتبر صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن جوهر المشكلة يرتبط بالمعايير غير الموضوعية في اختيار العاملين بالحقل الإعلامي بعيدًا عن التأهيل الأكاديمي والمهني ومعايير الكفاءة، مُقرًا بتراجع الأداء الإعلامي بشكل عام خلال الفترة الأخيرة ليصبح “إعلامًا أحادي الاتجاه لا يليق بمرحلة التحول الديمقراطي، ويفتقر للتوازن ويعاني من مجموعة من الأمراض الإعلامية الخطيرة أهمها ما بات يعرف بــــــ(التسريبات الإعلامية)”.
من جانبها أرجعت عبير السعدي عضو نقابة الصحفيين الأزمة إلى غياب فكرة التنظيم الذاتي لمهنة الإعلام، مع الأخذ في الاعتبار بعض المشكلات التي تعانيها بيئة العمل الصحفي من الداخل، الأمر الذي يستلزم ترتيب البيت الصحفي من الداخل أولًا، على حد تعبيرها.
عماد الدين حسين مدير تحرير جريدة الشروق أقر بأن ملكية الوسيلة الإعلامية تعد مؤثرًا قويًا على السياسية التحريرية لها، لاسيما في الفترة الأخيرة. هذا بالإضافة إلى أنه اعتبر أن وسائل الإعلام باتت تؤدي الدور الذي من المفترض أن تقدمه الأحزاب السياسية في ظل غياب دور تلك الأحزاب وتأثيرها على الشارع.
الأمر نفسه أكده الصحفي خالد البلشي رئيس تحرير جريدة البداية –المتوقفة مؤخرًا عن الصدور– مشددًا على أن ملاك وسائل الإعلام هم من يصنعون سياستها التحريرية، حتى وإن كانت القوانين لا تقر ذلك، ومن ثم فإن حرية الإعلام تتمثل في تنوع أشكال الملكية وإتاحة الفرصة للجميع لتكون لهم وسائل إعلامهم التي تعبر عنهم.
في السياق نفسه رفض حافظ الميرازي ما اعتبره هيمنه الدولة على ملكية وسائل الإعلام، قائلًا: “لكي نتمكن من الحصول على إعلام حقيقي في مصر فإننا لابد أن نمتلك قناة أو اثنتين عامتين فقط، كذلك لابد من أن نمتلك راديو FM في كل مدينة أو حي يمثلها. فنحن لا نمتلك إعلامًا، وإنما تسيطر الحكومة والأمن القومي على كل الترددات”. مضيفًا أنه عندما تصبح المنظومة بأكملها خاطئة فكيف نتعجب من خطأ الإعلام، فالقنوات تُنشأ بقرار إداري، وتُغلق بقرار أمني، وحتى الآن لا يوجد من يستطيع فتح قناة بدون قرار أمني”.
اتفق ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، مع الميرازي في رفض تحميل الإعلام والإعلاميين وحدهم المسئولية كاملة عن الوضع الراهن، معتبرًا أن المذنبين في الإعلام هم السياسيون، الجهات الأمنية، المشرعون، الجماعات التكفيرية، الإعلاميون أنفسهم، ملاك القنوات الإعلامية، وكذلك الجمهور الذي يشجع أنماط الأداء الحادة وغير المهنية.
واعتبر عبد العزيز أن الحل يكمن في تفعيل مواد الدستور فيما يتعلق بإنشاء المفوضية الوطنية للإعلام، مشددًا على ضرورة ألا يكون هناك أي تدخل من أي جهة أو سلطة سياسية أو إدارية أو أمنية في حرية الإعلام، رافضًا فكرة وقف وسائل الإعلام، ولكنه أضاف أنه لا يمكن النظر لهذا الإغلاق بمعزل عن غياب النظام الإعلامي وهيئات الضبط، والتهديد الإرهابي.
الإعلامية ليليان داوود اعتبرت أيضًا أن الهجوم على الإعلام واتهامه بالتحريض ينطوي على كثير من التحيز، معتبرة أن الإعلام لم يكن يومًا من واجبه أن يقدم حلولًا للمشاكل التي يطرحها، فهو يضع يده على المشكلة فحسب، مبديةً استيائها من الوضع الراهن الذي يضع الإعلامي أمام خيارين، إما الاختفاء عن المشهد والتوقف على العمل، أو العمل وفقًا للإطار المسموح به والتوقف عن تناول الأخبار السياسية.
عن وسائل الإعلام القومية قال عز الدين إبراهيم مدير تحرير صحفية الأهرام القومية، أن الصحف القومية يمكن أن تقدم اليوم المثل في القدرة على التغيير، ولكن هناك مشكلة كبرى تتمثل في غياب التدريب وعدم وجود برامج محددة، وغياب السياسة التحريرية الواضحة. وقد أبدى عز الدين تخوفه من عودة الإعلام إلى ما قبل 25 يناير، إذ عاد الإعلام ليسير على النهج نفسه من التراجع عن المهنية وغياب الموضوعية والمصداقية. معترفًا أنه ورغم مرور 3 سنوات فالصحافة القومية لم تتصد لأي أخطاء مهنية، قائلا: “أعتقد أن هذا هو لب المشكلة”.
أخيرًا اعتبر حسام السكري أن مشكلة الإعلام حاليًا تتلخص في غياب التنوع على كل المستويات، مشيرًا إلى أن الحالة الإعلامية لا تعكس حالة التنوع الجغرافي، أو الاجتماعي، أو السياسي في المجتمع، مختتمًا كلمته بأن المتلقي وحده هو من يفرض الميثاق، وليس النقابة أو الإعلاميين، فهو من يقرر متابعة وسيلة إعلامية ما، أو يقوم بمحو القنوات من جهاز الاستقبال، أو يقرر العزوف عنها.
جدير بالذكر أن المائدة شهدت حضور ما يقرب من 200 فرد، وحظيت بتغطية تعدت 150 خبرًا قام بنشرها 70 وسيلة إعلامية ما بين صحافة وإذاعة وتلفزيون ومواقع إخبارية، قومية وخاصة.
Share this Post