إن قرار إدارة بايدن بمنح الحكومة المصرية مبلغ 235 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي للسنة المالية 2022 والذي سبق ورهن الكونجرس الأمريكي منحه لمصر بتحسينات ملموسة في مجال حقوق الإنسان؛ ينطوي على رسالة خاطئة في وقت حرج. أن قرار الإدارة بحجب حصة من المساعدات العسكرية لأسباب متعلقة بحقوق الإنسان، أقل من الحصص التي حجبت في العامين الماضيين، يبعث برسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الإدارة ترى تحسنًا في ملف حقوق الإنسان على مدار العام الماضي بينما في حقيقة الأمر، فإن الوضع تدهور بشدة. أن القرار يقوض أي جهود تبذلها الإدارة الأمريكية لمعالجة المخاوف المتنامية المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، ولن يؤدي إلا لتشجيع السيسي على مزيد من الانتهاكات، بشكل يهدد بمزيد من زعزعة استقرار البلاد.
ففي الأسابيع القليلة الماضية، كثفت الحكومة المصرية حملتها على المعارضة السياسية، وتم اعتقال هشام قاسم والحكم على محمد عادل؛ فضلًا عن اعتقال والد الصحفي أحمد جمال زيادة المقيم في بلجيكا في ممارسات قمعية ممتدة حتى للمقيمين في الخارج. هذا بالإضافة إلى الاستمرار في فرض قيود مشددة على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، من بين حريات أخرى، كان أحدثها مهاجمة المنصة الإعلامية المستقلة لتقصي الحقائق «ماتصدقش». وأخيرًا أكد اليوم خبراء سيتيزين لاب، أن المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي تم استهدافه ببرنامج التجسس بريداتور، مثل قائمة متزايدة من المصريين. في الوقت نفسه، مازالت السجون المصرية ممتلئة، فبينما أفرجت الحكومة عما يقرب من 600 سجين سياسي منذ بداية العام؛ فإنها احتجزت أكثر من ألفي شخص.
إن قرار الإدارة يضر بشكل مباشر بالمصالح الأمريكية، ويقوض من مصداقيتها فيما يتعلق بالنهج الذي اتبعته على مدى العامين الماضيين. فبعدما سعت الإدارة الأمريكية لإقناع العالم بأن الولايات المتحدة ملتزمة بنظام قائم على أسس وقواعد تختلف عن تلك التي تحكم القوى المنافسة، يعكس تجاهلها لانتهاكات الشركاء ازدواجية في المعايير وعصف بهذه القواعد التي تدعي الولايات المتحدة الدفاع عنها وتقديرها.
وبينما نرحب بقرار الإدارة بحجب مبلغ 85 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي المشروط بـ«إطلاق سراح السجناء السياسيين، وتزويد المحتجزين بالإجراءات القانونية الواجبة، ومنع ترهيب ومضايقة المواطنين الأمريكيين» إلا أنه من خلال تزويد الحكومة المصرية بأكثر من 1.2 مليار دولار من المساعدات العسكرية تناقض إدارة بايدن التزاماتها المتكررة بوضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية. الأمر الذي يؤكد أيضًا على حاجة الكونجرس لبذل المزيد من الجهد لمحاسبة حكومة السيسي على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، ومزيد من تقييد المساعدات العسكرية لمصر، ودعواتها لإجراء إصلاحات كبيرة ومنهجية في مجال حقوق الإنسان.
المنظمات الموقعة:
- الأورو-متوسطية للحقوق
- بيت الحرية
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- فيرسكوير
- فيمينا
- لجنة العدالة
- مبادرة الحرية
- مركز السياسة الدولية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED)
- مصر وايد لحقوق الإنسان
- معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- مؤسسة القلم أمريكا
- هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
Share this Post