في 30 سبتمبر 2020، قبيل بدء فعاليات الجلسة 45 لمجلس حقوق الإنسان، أرسلت 14 منظمة فلسطينية وإقليمية ودولية مداخلة مكتوبة مشتركة للأمم المتحدة، ترحب بالاعتراف الدولي المتزايد بارتكاب إسرائيل جريمة الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني.
في إطار البند 9 ، أظهرت المداخلة الكتابية كيف فرضت إسرائيل نظام الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني ككل على مدى عقود، وكيف انتزع المجتمع المدني أخيرًا اعترافًا دوليًا بهذه الجريمة.كما تطرقت المداخلة إلى التطورات الأخيرة في هذه القضية على مستوى الأمم المتحدة، واعتراف لجنة القضاء على التمييز العنصريوالإجراءات الخاصة للأمم المتحدة والمجتمع المدني الأقليني والدولي، والدول الأعضاء بهذه الممارسات العنصرية التي تستوجب المحاسبة.
في المداخلة، دعت المنظمات الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان إلى الإدلاء ببيانات تعترف بنظام الفصل العنصري الإسرائيلي وتدينه، لدعم إعادة تشكيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري،وتحقيق المساءلة الدولية عن انتهاكات إسرائيل واسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان. كما دعت إلى تفعيل آليات الولاية القضائية العالمية ودعم التحقيق في هذه الجرائم من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
- الأمم المتحدة أ/ HRC / 45 / NGO / 120
- التوزيع: عام
- 30 سبتمبر 2020
- مجلس حقوق الإنسان
- الجلسة الخامسة والأربعون
- 14سبتمبر – 2 أكتوبر 2020
- البند 9 من جدول الأعمال
- العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وجميع أشكال التعصب المتصلة بذلكمتابعة وتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربن
- بيان مشترك* مقدم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والحق – القانون في خدمة الإنسان، ومركز الدراسات القانونية والاجتماعية، ومشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق والقرن الأفريقيين، والتحالف الدولي للموئل، ومركز المشاركة في حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومنظمات غير حكومية أخرى ذات مركز استشاري خاص.
- تلقى الأمين العام البيان التالي، والذي تم تعميمه وفقًا للفقرتين 30 و31 من قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1996/31.
[20 أغسطس 2020]
يرحب المجتمع المدني بالاعتراف المتزايد بجريمة الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني
في 13 أغسطس 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الوساطة في اتفاقية جديدة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لتطبيع العلاقات، مقابل تعليق إسرائيل “إعلان السيادة” على مناطق محددة في خطة ترامب[1] وبعد ذلك جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على الفور خططه لضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية المحتلة رسميًا، مشيرًا إلى أن هذه الخطط تم تأجيلها فقط ولكن لم يتم التخلي عنها.[2]
على مدى عقود، ضاعفت إسرائيل قمعها المؤسسي للشعب الفلسطيني بعد استعمار فلسطين، ونفذت خطة منهجية لنقل السكان الأصليين الفلسطينيين من أراضيهم، بالإضافة إلى الاحتلال المطول للأراضي الفلسطينية، والضم الفعلي للضفة الغربية، والضم الرسمي للقدس والجولان السوري المحتل خلافًا للقانون الدولي. وسواء كان الضم الرسمي للضفة الغربية يمضي قدمًا أو متوقف، تظل الحقيقة أن إسرائيل انتهجت بعدوانية سياسة غير قانونية لنقل السكان والتلاعب الديموغرافي، وبالتالي ترسيخ الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، كما حرمت اللاجئين والمنفيين في الخارج من حقهم في العودة.
يدرس هذا البيان الاعتراف المتزايد والمتراكم بفرض إسرائيل لجريمة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، وهي جريمة تُعرَّف في المادة 7 (2) (ح) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنها “أفعال غير إنسانية … تُرتكب في سياق نظام مؤسسي من القمع المنهجي والسيطرة من قبل مجموعة عرقية واحدة على أي مجموعة أخرى … والالتزام بالنية في الحفاظ على هذا النظام”.[3]
- فرض نظام الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني
في 2017، أقرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالأمم المتحدة في تقريرها حول الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري،[4] بأن إسرائيل تستخدم التجزئة الاستراتيجية كأداة رئيسية لإرساء قمع وهيمنة عنصرية مؤسسية على الشعب الفلسطيني الأصلي ككل، ما يقع ضمن تعريف جريمة الفصل العنصري.
فعلى مر سنوات قسمت إسرائيل الشعب الفلسطيني استراتيجيًا إلى أربعة مجالات قانونية وسياسية وجغرافية مختلفة تشمل؛ المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، والفلسطينيين المقيمين في القدس، والفلسطينيين الخاضعين للقانون العسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة، واللاجئين الفلسطينيين والمنفيين في الخارج المحرومين من حق العودة إلى منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم.[5] ورغم أن إسرائيل تحاول التعتيم على حقيقة وجود نظام قانوني واحد للقمع العنصري والهيمنة على الشعب الفلسطيني بأكمله من خلال التجزئة الاستراتيجية، إلا أن قوانين وسياسات وممارسات الواقع تؤكد استهداف جميع الفلسطينيين بغض النظر عن وضعهم.
وطبقًا لاتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي،[6] فإن نية الحفاظ على الفصل العنصري تمثل عنصر أساسي في الجريمة. الأمر الذي يعززه تعمد إسرائيل خلق مناخ من الخوف والترهيب من خلال اللجوء بشكل منهجي إلى الاحتجاز التعسفي والاعتقالات والتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة التي تقرها المحاكم الإسرائيلية، بالإضافة إلى العقاب الجماعي غير القانوني.[7] هذا بالإضافة إلى محاولات إسكات المعارضة وهو أسلوب أساسي يُستخدم لفرض جريمة الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال حملات التشهير ونزع الشرعية التي تقودها الحكومة الإسرائيلية والتي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات التي تسعى لتحدي السياسات الإسرائيلية.[8]
- الاعتراف الدولي المتزايد بارتكاب إسرائيل جريمة الفصل العنصري
بعد أكثر من عقد من عمل المجتمع المدني الفلسطيني بشأن مسألة الفصل العنصري، يتزايد الاعتراف الدولي بنظام الفصل العنصري الذي وضعته إسرائيل وتابعت تنفيذه بحق الشعب الفلسطيني. ففي 12 ديسمبر 2019، أقرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري باستمرار السياسات والممارسات الإسرائيلية للفصل العنصري وتأثيرها غير المتناسب على الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر.[9] كما أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري عن انزعاجها الشديد إزاء الفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين في المستوطنات غير القانونية في الأرض المحتلة وسلطت الضوء على “الطابع المغلق والمُحكَم للفصل بين المجموعتين، اللتين تعيشان في المنطقة نفسها ولكن لا تتمتعان بالاستخدام المتساوي للطرق والبنية التحتية أو بالمساواة في الوصول إلى الخدمات الأساسية والأراضي والموارد الأخرى”.[10]
وخلال كما أعربت اللجنة في إطار حثها إسرائيل على “القضاء على جميع أشكال الفصل العنصري”[11]عن قلقها من أن “المجتمع الإسرائيلي لا يزال يعاني من الفصل العنصري لأنه يحافظ على قطاعين يهودي وغير يهودي، بما في ذلك نظامين للتعليم بشروط غير متكافئة، فضلاً عن بلديات منفصلة”.
في الآونة الأخيرة، في 16 يونية 2020، وفي خطوة غير مسبوقة، حذر 47 من خبراء الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة من أن “صباح اليوم التالي للضم سيكون تاريخ بلورة واقع ظالم بالفعل: شعبان يعيشان في المكان نفسه، تحكمهما الدولة ذاتها، ولكن بتفاوت حادّ في الحقوق، هذه صورة “أبرتهايد” القرن الحادي والعشرين”.[12] وبالمثل، في بيان سابق، حذر المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 من أن خطط إسرائيل “ستبلور فصلًا عنصريًا في القرن الحادي والعشرين، تاركة في أعقابها زوال حق الفلسطينيين في تقرير المصير”.[13]
وأخيرًا، خلال الجلسة العادية الـ 43 لمجلس حقوق الإنسان في يونية 2020، ألقت 114 منظمة مجتمع مدني من الأراضي الفلسطينية وحول العالم بيانًا مشتركًا في إطار البند 9، مؤكدة أن الوقت قد حان كي تعترف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوضع إسرائيل لنظام الفصل العنصري ومتابعة تنفيذه بحق الشعب الفلسطيني ككل، على جانبي الخط الأخضر وفي المنفى. ودعت المنظمات الدول إلى دعم إعادة تشكيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري. [14]
- الخلاصة والتوصيات
يؤدي الفصل العنصري، وهو جريمة ضد الإنسانية معترف بها،[15] إلى مسئولية جنائية فردية بالإضافة لمسئولية الدولة لإنهاء الوضع غير القانوني. وبناءً على ذلك، يجب على الدول أن تعمل بشكل عاجل لدعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير وحق العودة، من خلال اتخاذ تدابير فعالة للتغلب على نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وضمان المساءلة عن جميع الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية في هذا السياق.
في ضوء ما سبق، نحث الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان على:
- تقديم بيان مشترك خلال الجلسة العادية الـ 45 لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر 2020، في إطار بنود جدول الأعمال ذات الصلة، بما في ذلك البندان 7 و9، مع الاعتراف بأن إسرائيل، من خلال قوانينها وسياساتها وممارساتها، قد أنشأت نظامًا مؤسسيًا للقمع المنهجي والهيمنة على الشعب الفلسطيني بأسره تصل حد جريمة الفصل العنصري؛
- الدعوة إلى إعادة تشكيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري لمراقبة تنفيذ اتفاقية الفصل العنصري بهدف إنهاء الوضع غير القانوني؛
- السعي لتحقيق العدالة الدولية والمساءلة عن الانتهاكات واسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري، من خلال تفعيل آليات الولاية القضائية العالمية، وضمان تنفيذ اتفاقية الفصل العنصري، ودعم تحقيق كامل وشامل حول الوضع في الأراضي الفلسطينية من قبل المحكمة الجنائية دون مزيد من التأخير.
[1] البيت الأبيض، “بيان مشترك للولايات المتحدة ودولة إسرائيل والإمارات العربية المتحدة”، 13 أغسطس 2020: https://www.whitehouse.gov/briefings-statements/joint-statement-united-states-state-israel-united-arab-emirate-.
[2] وزارة الخارجية الإسرائيلية، “رئيس الوزراء نتنياهو بشأن اتفاقية السلام التاريخية مع الإمارات”،
16 أغسطس 2020: https://mfa.gov.il/MFA/PressRoom/2020/Pages/PM-Netanyahu-on-the-historic-peace-agreement-with-the-UAE-16-August-2020.aspx-.
[3] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (“نظام روما الأساسي”)، المادة 7 (2) (ح).
[4] E/ESCWA/ECRI/2017/1, p. 37.
[5] المرجع السابق، ص٤.
[6] الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري)، المادة الثانية؛ نظام روما الأساسي، المادة 7 (2) (ح).
[7] تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، A / HRC / 44/60.
[8] الحق، تقرير مواز مشترك إلى لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري بشأن تقارير إسرائيل الدورية من السابع عشر إلى التاسع عشر”، 10 نوفمبر 2019، ص. 43: https://www.alhaq.org/cached_uploads/download/2019/11/12/joint-parallel-report-to-cerd-on-israel-s-17th-19th-periodic-reports-10-november-2019-final-1573563352.pdf.
[9] الحق، “منظمات حقوق الإنسان ترحب بالملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري بالأمم المتحدة بشأن الفصل العنصري على جانبي الخط الأخضر”، 21 ديسمبر 2019: http://www.alhaq.org/advocacy/16324.html.
[10] CERD/C/ISR/CO/17-19, para. 21.
[11] المرجع السابق. ص 23.
[12] مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، “الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية الفلسطينية من شأنه خرق القانون الدولي- خبراء الأمم المتحدة يطالبون المجتمع الدولي بضمان المساءلة”، 16 يونية 2020: https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=25960&LangID=E.
[13] المفوضية السامية لحقوق الإنسان، “خطط الضم الإسرائيلية قد تؤدي إلى” سلسلة من العواقب السيئة على حقوق الإنسان.”
المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة – بيان صحفي، “1 مايو 2020: https://www.un.org/unispal/document/israeli-annexation-plans-would-lead-to-cascade-of-bad-human-rights-consequences-says-special-rapporteur-on-the-situation-of-human-rights-in-the-opt-press-release/.
A / HRC / 45 / NGO / 120ومركز الأمم المتحدة ضد الفصل العنصري كخطوة حاسمة نحو إنهاء القمع الفلسطيني.
[14] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، “بالاعتراف بنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، يجب على الدول اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء هذا الواقع الظالم”، 17 يونية 2020: https://cihrs.org/united-nations-in-response-to-unprecedented-recognition-of-israels-apartheid-regime-states-must-take-concrete-steps-to-end-this-unjust-reality/?lang=en-.
[15] اتفاقية الفصل العنصري، المادة الأولى؛ نظام روما الأساسي، المادة 7 (1) (جي).
* مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان- RCHRS، مركز العلاج والتأهيل، سراية رام الله، المركز العربي للتنمية الزراعية، شبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، مركز أبحاث الأراضي – فلسطين، يدعم أيضًا الآراء المعبر عنها في هذا البيان منظمات غير حكومية بدون صفة استشارية.
الصورة: مهدي شبيل / رويترز.
Share this Post