أفادت إحدى فصائل متمردي دارفور بأن الهجوم الأخير على بلدة المهاجرية، الذي تسبب بمقتل 45 شخصاً وفرار الآلاف من ديارهم، استهدف بشكل خاص النساء والأطفال والمسنين.
وفي هذا الخصوص، أفاد محمد البشير، الناطق باسم جيش تحرير السودان بأن «الحكومة كانت قد نقلت قواتها إلى البلدة قبل يومين من الهجوم. وبتغطية جوية، قاموا بمهاجمة البلدة وأحرقوا نصفها وقتلوا الأطفال والنساء والمسنين بشكل خاص».
من جهته، نفى الجيش السوداني أن يكون متورطاً في الهجوم الذي حدث في 8 أكتوبر/تشرين الأول، موضحاً بأن العنف الدائر في بلدة المهاجرية نتج عن «مواجهات قبلية بين المواطنين في المنطقة».
وشدد البشير على أن السكان والنازحين الذين فروا من ديارهم هم الآن بحاجة ماسة للمساعدة، حيث أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في 10 أكتوبر/تشرين الأول بأنه «على الرغم من الهدوء الذي يعم المدينة، إلا أن الفارين يخشون العودة إلى ديارهم [مخافة اندلاع المواجهات من جديد]».
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يتلقى 45,000 نازح مساعدات إنسانية داخل المهاجرية وفي ضواحيها. وكانت منظمتين غير حكومتين قد نقلتا موظفيها المحليين والدوليين خارج البلدة بشكل مؤقت بعد الهجوم، مما أدى إلى تعطيل العمليات الإنسانية.
كما أشار البشير إلى «وجود 20 جريحاً من المدنيين هم يحتاجون التحويل إلى المستشفى». وتقع المنطقة تحت سيطرة جيش تحرير السودان بزعامة ميني ميناوي الذي وقع اتفاق سلام في شهر مايو/أيار 2006 وانضم إلى حكومة الخرطوم.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية بأن الهجوم كان مدعوماً بطائرة أنطونوف تم صبغها بألوان الأمم المتحدة البيضاء. وأضافت بأن السودان قد مُنع منذ عام 2005 من استعمال طائرات هجومية على دارفور كما انتقد بشدة لصبغه الطائرة باللون الأبيض.
الصورة: ديريك سيغار/إيرين
مقاتلو جيش تحرير السودان يسيطرون على المنطقة التي تعرضت للهجوم
غير أن العميد عثمان محمد الأغبش، الناطق باسم الجيش، نفى أن يكون للجيش أي دخل في أحداث المهاجرية، مضيفاً بأن طائراته قامت برحلات استكشافية فقط على بلدة حسكنيتة بالاتفاق مع قوات الإتحاد الإفريقي.
وحذر الناطق باسم جيش تحرير السودان بقوله: «إذا استمرت هذه الهجمات، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي دون أن ندافع عن أنفسنا… كما أنها ستؤدي إلى فقدان الثقة قبل بداية محادثات ليبيا».
ومن المتوقع أن تجمع المحادثات التي ستبدأ في 27 أكتوبر/تشرين الأول بمدينة سرت بليبيا جميع الفصائل المتنازعة في دارفور والحكومة السودانية لبحث سبل التوصل إلى حل سلمي للنزاع الذي يمزق المنطقة. إلا أن الهجمات الأخيرة ولدت مخاوف من أن تقوم بعض الفصائل بمقاطعة المحادثات.
وحذرت منظمة العفو الدولية في بيان لها من احتمال حدوث هجمات أخرى على شمال دارفور، مضيفة بأن القوات السودانية كانت تتجمع في أعداد كبيرة في 6 مدن على الأقل بما فيها تيني وكورنوي وأم بارو وكُتُم. ووفقاً لتواندا هوندورا، نائبة مدير برنامج إفريقيا في منظمة العفو الدولية، «تقع المنطقة الشمالية من شمال دارفور تحت سيطرة مجموعات المعارضة المسلحة». وأضافت قائلة: «يبدو أن القوات المسلحة السودانية تنوي مهاجمة هذه المنطقة قبل بداية محادثات السلام المرتقبة في ليبيا نهاية هذا الشهر…نحن نخشى أن يتعرض المزيد من المدنيين للقتل والنزوح في غياب أية قوة قادرة على حمايتهم».
وجاء هجوم المهاجرية بعد هجوم آخر تعرضت له حسكنيتة في 29 سبتمبر/أيلول، وراح ضحيته 10 من أفراد قوات حفظ السلام التابعة للإتحاد الإفريقي. وأوضح موظفو الإغاثة بأن هذا الهجوم نُفِّذ من قبل مجموعة مسلحة معارضة إلا أن القوات السودانية احتلت المدينة فيما بعد.
من جهتها، أفادت بعثة تقييم تابعة للأمم المتحدة بأنه تم إحراق بلدة حسكنيتة، في حين قالت الحكومة السودانية بأن البعثة بالغت في تقييمها، مضيفة بأن السوق وحده هو الذي تعرض للدمار بفعل الحريق. وتُجري قوات الإتحاد الإفريقي تحقيقاً في الموضوع.
بتغطية جوية قاموا بمهاجمة البلدة وأحرقوا نصفها وقتلوا الأطفال والنساء والمسنين بشكل خاص
وجاء في حديث هوندورا بأن «تجمع القوات في الشمال وإحراق حسكنيتة في الأسبوع الماضي بالإضافة إلى الهجوم الذي تعرضت له المهاجرية بالأمس يظهر الأهمية القصوى للإسراع في نشر قوات اليوناميد لحفظ السلام [التي تشترك فيها الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي]، وتزويدها بالموارد اللازمة لتمكينها من حماية المدنيين».
وقال جون ماري غوينو، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤول عمليات حفظ السلام الأممية بأن الاستعدادات لنشر قوات اليوناميد جارية غير أن البعثة لا زالت تفتقر لوسائل النقل البري والطائرات المروحية التكتيكية الخفيفة وطائرات النقل المروحية.
ويخشى موظفو الإغاثة من أن يؤدي الارتفاع المتزايد لأعمال العنف في المنطقة إلى تقييد قدرتهم للوصول إلى آلاف المستضعفين.