لقاء جرئ وصريح مع رئيس مجلس حقوق الإنسان السفير دورو رومولوس كوستيا

December 2007 · 5 minute read

قضية حقوق الإنسان من القضايا التي تدخل بيوتنا عنوة دون إستئذان حمايتها وصيانة مواثيقها أصبحت مسؤولية كل فرد والاهتمام بها أصبح ملحاً و متزايداً يوم تلو الآخر انطلاقا من هذه الخلفية اقتطع رئيس مجلس حقوق الإنسان السيد دورو كوستيا سفير رومانيا لدى الأمم المتحدة بجنيف من وقته الثمين و مؤشر الساعة يزحف نحو العاشرة صباحاُ موعد افتتاح الدورة السادسة التكميلية لمجلس حقوق الإنسان . إلتقيناه بقصر الأمم المتحدة بجنيف المطل على بحيرة ليمان.

خارج القصرالأممي تنخفض درجات الحرارة متجه نحو تحت الصفر و داخل القصر ترتفع درجات الحرارة بسبب الملفات الملتهبة التي تطرح على طاولة المجلس.

السيد رئيس مجلس حقوق الإنسان دورو كاستيا , مشكلة دارفور قضية محور جدل في أروقة مجلس حقوق الإنسان وقد ذهب بعض المراقبين بالقول بأنها قسمت مجلس حقوق الإنسان إلى معسكرين معسكر دول الشمال التي تعمل على طرح قضية دارفور في كل محفل أممي و معسكر دول الجنوب التي ترى أن هناك مبالغة أممية بشأن قضية دارفور و تنتقد الطريقة التي يعالج بها مجلس حقوق الإنسان هدا الملف الشائك لمادا هدا التركيز المبالغ فيه على دارفور من قبل مجلس حقوق الإنسان؟

دعني في البداية أن أختلف معك اختلافا صغيراً في قضية عدم التوافق بين الكتلتين كتلة دول الشمال (الدول الغربية) و دول الجنوب (دول العالم الثالث) حيث لا يوجد اختلاف مبادئ بين الكتلتين و لو كان هناك خلاف ربما يكون خلاف في الرأي لمصلحة عمل المجلس و ليس خلاف في المبدأ و المضمون و إنما خلاف صوري و ليس جوهري , وهنا أريد أن أؤكد أن القرارات التي أتخذها مجلس حقوق الإنسان حول السودان اتخذت بالإجماع وهدا يدل على أن المجلس ممكن أن يتحد و يعمل في جو من التعاون و التوافق و التعاضد أما فيما يخص الفجوة بين الكتلتين كتلة دول الشمال و دول الجنوب أسمح لي أن أعبر عن موقف مختلف فقد استطاع المجلس أكثر من مرة أن يجتمع و يتحد و يتخذ قرارات توافقية بالإجماع و الفجوة في الرأي و ليس في الواقع والأقاليم الجغرافية التي يتشكل منها المجلس نشطة و فعالة.

ولكن اختلف المجلس كثيراً حول قضية دارفور و لم يتفق إلا على عقد جلسة خاصة حول دارفور في 12 و 13 ديسمبر 2006 بقصر الأمم في جنيف …

الحوار و حالة التوافق بين الكتل الجغرافية التي تمثل المجلس سائدة و القضايا التي يطرحها المجلس كما تعلم أنها حساسة و معقدة وشائكة أحياناُ يكون الخلاف إيجابي و فعال.

السودان البلد الوحيد الذي له سبعة مقررين أممين خاصين لمراجعة حقوق الإنسان إضافة إلى سيما سمر التي تقوم بمراجعة دورية لحقوق الإنسان في السودان وتترأس سيما سمر في نفس الوقت لجنة فريق الخبراء المكون من المقررين الخاصين ألا ترون أن هده ازدواجية في المعايير؟

جميع الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان اتفقوا على أن قضية دارفور تعتبر من أهم و أخطر القضايا في العالم و أعترف المجلس بالطابع المعقد لهده القضية و إدا نظرنا إلى اختصاص المقررين الخاصين المعنيين بملف حقوق الإنسان في السودان نجد أن كل مقرر يتناول جزء معين من هده القضية أي يتناول الجزئية لتي تقع في دائرة اختصاصه .

وتناول مجلس حقوق الإنسان لقضية دارفور قطعاً سيساعد السودان في الخروج من هده الأزمة التي يحتاج فيها بلا شك لمجهودات المجتمع الدولي فطرح القضية في أروقة المجلس ليس طرح سياسي إنما طرح لمعالجة قضية إنسانية تحتاج إلى تضافر الجهود الدولية و السودان في حاجة إلى تعاون و مساعدة المجتمع الدولي.

ولكن هناك قضايا في الساحة الدولية أخطر من دارفور مثل قضية العراق التي يموت فيه المواطنين الأبرياء بصفة يومية و قضية الشعب الفلسطيني الذي تنتهك حقوقه على قارعة الطريق و أمام أعين كاميرات القنوات الفضائية؟

لا شك أن انتهاكات حقوق الإنسان في العالم موجودة في عدد كثير من الدول و قضايا حقوق الإنسان في بعض الأماكن التي ذكرتها و غيرها خطيرة و صعبة و المجلس تناول هده القضايا مراراً و تكراراً و لازال المجلس يعالج مثل هده القضايا الخطيرة.

أجاز مجلس حقوق الإنسان آلية المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في جميع الدول و تعتبر هده الآلية أهم تجديد في مجلس حقوق الإنسان والوسيلة الكفيلة بتفادي عيوب الانتقائية والتسييس اللذان تميزت بهما لجنة حقوق الإنسان السابقة .هل تجاوز مجلس حقوق الإنسان ظاهرة «التسييس» وطغيان «الانتقائية»باعتماده لهده الآلية الجديدة؟

أعتقد أن اعتماد مجلس حقوق الإنسان باعتماده لآلية المراجعة الدورية خطى خطوة جريئة وهامة نحو التزاماته للحفاظ على مبادئ و مواثيق حقوق الإنسان وهده الخطوة تعتبر من الإنجازات الإيجابية و لكننا بكل أمانة نجب أن نعترف بأننا حتى الآن لم نحرك تلك الآلية و لم نضعها موضع التنفيذ و أمامنا تحديات كبيرة من أجل تنفيذ تلك الآلية الهامة.

أما بالنسبة لقضية التسييس و الانتقائية كما يقال و يشاع , التسييس موجود في نظر من ينظر إلى الأمور بمرآة سياسية و التسييس يعني عدم الارتكاز في المقام الأول على قضايا حقوق الإنسان في المجلس و أعطاء قضايا أخرى أولوية على حساب قضايا حقوق الإنسان الجوهرية وهدا غير موجود في مداولات المجلس لأن هناك وعياً متنامياً بين صفوف أعضاء المجلس .

و للسياسة منابرها و محافلها فدعنا أن لا نخلط الأمور.

من بين الانتقادات التي كانت موجهة لمجلس حقوق الإنسان خلال مراجعة آلياته وطريقة عمله، تلك التي تتمثل في الهامش الذي سيتركه المجلس أمام منظمات المجتمع المدني للتدخل في أشغاله. هل تدخل منظمات المجتمع المدني سيقتصر على التقرير المقدم من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان الذي تشارك منظمات المجتمع المدني في إعداده؟

أعتقد أن دور منظمات المجتمع المدني في عمل آلية المراجعة الدورية واضح في قواعد عمل المجلس و من ناحية أخرى يجب ألا ننسى أن قضية حقوق الإنسان تقع مسؤولية احترامها والدفاع عنها على عاتق الحكومات أولاً و هدا لا يعنى أن نستثنى منظمات المجتمع المدني من تلك المسؤولية الجسيمة لأن منظمات المجتمع المدني عادة ما تجرؤ على انتقاد ما لا تقوى عليه الدول والحكومات، و الأنجح و الأنجع هو تعاون منظمات المجتمع المدني مع الحكومات في هدا المجال و تبادل الخبرات المشتركة بين الطرفين من أجل حماية و صيانة حقوق الإنسان فلدا مشاركتها في عمل المجلس مهمة.

ماذا يعني عدم ترشيح أمريكا نفسها لعضوية مجلس حقوق الإنسان و جلوسها في دفة الاحتياطي هل هدا يعني أن المجلس لا زال يفتقر إلى المصداقية حسبما تردد؟

عضوية مجلس حقوق الإنسان مفتوحة لكل دولة تأنس في نفسها الكفاءة. و هدا السؤال لا أستطيع أن أرد عليه بصورة مفصلة لأن الأمر يعني الدولة صاحبة الشأن

وهنا أعلن مؤشر الساعة إلى العاشرة صباحاً معلناً نهاية اللقاء و بداية مداولات الجلسة السادسة لمجلس حقوق الإنسان التي بدأت يوم الاثنين 10 ديسمبر الجاري ليسدل ستارها يوم الجمعة 14 ديسمبر الجاري.