مواجهات متقطعة بين المتسللين من «العدل والمساواة» والقوات السودانية في أم درمان

May 2008 · 5 minute read

استمرت المواجهات المتقطعة بين المتسللين من حركة «العدل والمساواة» المسلحة في دارفور من جهة والقوات المسلحة وقوات الشرطة والقوات الأمنية الأخرى طوال يوم أمس في بعض أحياء مدينة ام درمان، كما اعلن عن رفع الحظر عن مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري فيما ابقي عليه في ام درمان.
وظلت اصوات الطلقات ودوي الانفجاريات تسمع في الصباح الباكر امس في غابة في قلب الخرطوم تعرف بـ«غابة السنط»، وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» ان فلول المتسللين هربت ليل اول من امس الى الغابة مما استدعى تمشيطها في الصباح الباكر، وسمع اطلاق النار في حي العرب المجاور لسوق ام درمان وحي السبيل في مدينة امبدة غرب ام درمان، ورصد شهود عيان عمليات دهم في الاحياء المختلفة اسفرت عن القاء القبض على نحو اكثر من 40 من القوات المتسللة في المساجد والمدارس وأطرف الاسواق والمباني المهجورة وتحت الجسور، وقالت ان 7 على الاقل ألقي القبض عليهم اثناء تخفيهم تحت جسر النيل الابيض الذي يربط بين الخرطوم وأم درمان. وقالت المصادر الأمنية ان احد اعضاء مكتب زعيم العدل والمساواة الدكتور خليل إبراهيم قتل في حرب الشوارع التي جرت في ام درمان، ولم يشأ تحديد عدد القتلى من القوات المتسللة، ولكن قال بالمئات وألقي القبض على نحو 50 سيارة وتم تفجير عدد اخر اثناء الهجوم، كما لم تشأ المصادر الحديث عن عدد القتلى من جانب القوات المشتركة السودانية، ولكن قال ان المستشفيات استقبلت قتلى وجرحى من المواطنين. ومع ذلك بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في كل من الخرطوم والخرطوم بحري اللتين لم تتعرضا اصلا للهجوم فيما بدات ظل المشهد العام في مدينة ام درمان هو التوتر، بسبب المطاردات والاشتباكات المتقطعة بين المتسللين المتخفين والقوات المشتركة وبسبب التكثيف من الاجراءات الامنية على الطرقات الرئيسية، غير ان الحياة في داخل الاحياء والشوارع الفرعية تبدو اقرب إلى الطبيعية، حيث يتنقل السكان من شارع الى اخر وبين منازل الاحياء كما فتحت بعض المحال التجارية في الاحياء أبوابها ويلاحظ تردد المواطنين عليها بشكل طبيعي للحصول على احتياجاتهم من المواد، فيما ظلت كل الاسواق الرئيسية مغلقة تماما.
ويقول المسؤولون العسكريون في الخرطوم ان المعارك بينها وبين قوات العدل والمساواة انتقلت الى مسافة نحو 50 كيلومترا غرب ام درمان في شكل مطاردات للقوات المتسللة بالطائرات والاسلحة الاخرى، واعلن الدكتور فيصل حسن إبراهيم والي ولاية شمال كردفان في تصريحات صحافية أن القوات المسلحة والاحتياطي المركزي وجهاز الأمن والمخابرات الوطني تقوم بعملية مطاردة واسعة للعربات الفارة من امدرمان التي تحمل» فلول المتمردين الهاربين والمرتزقة التشاديين بعد أن كبدتهم القوات المسلحة والشرطة والأمن خسائر فادحة في الأرواح والمعدات». وقال الوالي ان القوات النظامية بالولاية تصدت للحركة في اليومين الماضيين واستولت على 15 عربة، مبينا ان 80% من قوات خليل ابراهيم هي قوات تشادية مرتزقة.
واعلن اللواء شرطة محمد عبد المجيد الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة في تصريحات عن رفع حظر التجوال في كل من الخرطوم والخرطوم بحري وابقائه في منطقة ام درمان الى حين اشعار اخر، وكشف عن وجود عناصر من «فلول المتمردين داخل بعض الاحياء بام درمان ووجود جثث لعناصر منهم يجرى جمعها»، بالاضافة الى وجود قطع من السلاح والمفرقعات التي خلفوها يجري جمعها خشية ان تصيب المواطنين.
فيما قال الفريق أول شرطة محمد نجيب الطيب مدير عام قوات الشرطة ان قوات الشرطة والقوات المسلحة وقوات الامن قد سيطرت على الأوضاع بمنطقة ام درمان، واضاف: «نؤكد ان المعارك التي انحصرت في ام درمان وغربها انهت احلامهم بتحقيق غايات المأجورين وان قوات الشرطة ستظل عينا ساهرة ويدا أمينة حفاظاً على أرواح وممتلكات المواطنين». أعلن مصدر في الجيش السوداني عن رصد جائزة قدرها 250 مليون جنيه سوداني (125 مليون دولار) لمن يلقي القبض على خليل ابراهيم او يدلي بمعلومات تفيد بمكان وجوده على ارقام هواتف حددها في بيان صادر عن المصدر العسكري، فيما ناشدت الشرطة المواطنين بضرورة التعاون مع الاجهزة الامنية والإبلاغ عن اي شخص يشتبه فيه او أية سيارة لأقرب قسم للشرطة او بالاتصال بالرقم 999. وكانت العاصمة السودانية الخرطوم شهدت اول من امس حرب شوارع استمرت لأكثر من 7 ساعات، بشكل متصل بين متسللين من حركة العدل مدعومين من الجيش التشادي وبين قوات الجيش السوداني الشرطة، وشملت المعارك اجزاء واسعة من مدينة ام درمان المعروفة بالعاصمة التجارية للبلاد، واستخدمت في المعارك انواع الأسلحة كافة الخفيفة والثقيلة، ورصد السكان معارك ومطاردات من شارع الى شارع ومن منزل الى اخر، ومن سوق الى اخر، وساد الهرج والهلع والذعر كل ارجاء العاصمة السودانية.
وذكر مسؤول في الشرطة ان من بين القتلى قائد المجموعة المتسللة محمد صالح جربو، وقائد استخبارات المجموعة محمد نور الدين. وفرض حظر التجوال في خضم المعارك، واغلقت العاصمة بشكل تام. واستهدفت المعارك بالتركيز احياء العباسية والعرضة حي البوستة حول محلية ام درمان، وطالت المعارك مع مدخل الليل شارع الاربعين الشهير في ام درمان وشارع العرضة، كما شهدت مدينة المهندسين الفاخرة، التي تبعد نحو 15 كيلومترا من مجلس الوزراء والقصر الرئاسي، وعلى بعد امتار فقط من مبنى السلاح الطبي ومنطقة عسكرية اخرى، كما كانت المعارك تدور على بعد اقل من 5 كيلومترات من مبنى الاذاعة والتلفزيون الحكوميين، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط» ان المعارك طالت مرافق حكومية ونظامية، دون ان يقدم تفصيلات.
وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» انه شاهد احد السكان ينقل إلى المستشفى بعد ان اصابته طلقة نارية وهو داخل الى منزله في حي العباسية، وقال اخر ان المطاردات كانت امام منزله تماما، وذكر شاهد عيان في السوق الشعبي ام درمان انه شاهد المعارك في المنطقة رجل برجل في السوق، وقال ان احد البنوك قد تعرض الى الكسر، وأضاف ان النيران طالت مركزا للدفاع المدني في السوق، كما ذكر شاهد عيان يسكن مدينة الثورة لـ«الشرق الاوسط» ان رجلا اصابته طلقة نارية في صدره جراء معارك الشوارع، كما لفت احد السكان ان المعارك بدأت مبكرا في محطة صابرين قبالة الحارة 14 في مدين الثورة، وقال «المطاردات هنا في كل مكان». وتابعت الصحيفة الطائرات العمودية الحكومية تحلق على راس الدقيقة في سماء العاصمة السودانية، وقال شهود عيان في منطقة القرية غرب ام درمان انهم شاهدوا عملية قصف بالطيران للقوات المتسللة في العراء الغربي وعلى مدخل المدينة وذلك منتصف النهار.