قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن فشل الخرطوم المستمر في محاكمة مرتكبي جرائم دارفور في محاكم السودان الوطنية يبين لماذا يجب على السودان أن تفي بالتزامها بتسليم المشتبه بهم الذين سبق تحديدهم إلى المحكمة الجنائية الدولية. ومن المتوقع أن يقوم مجلس الأمن بزيارة إلى الخرطوم في 17 يونيو/حزيران.
وأعلن رئيس القضاء السوداني جلال الدين محمد عثمان، تشكيل المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور باعتبارها «بديلاً للمحكمة الجنائية الدولية» في يونيو/حزيران 2005. إلا أن هيومن رايتس ووتش قامت بتوثيق 13 حالة فقط تم تقديمها لدوائر المحكمة خلال العام الأول من عملها. والأشخاص الضالعين في تلك القضايا من الأفراد صغيري الرتب والمتهمين في جرائم صغيرة نسبياً مثل السرقة. ولم تعكس أي من الاتهامات اتساع نطاق وخطورة الفظائع التي وقعت في دارفور، ولم يتم اتهام أي من القادة أو المسؤولين الكبار بما يتحملون من مسؤولية عن تلك الفظائع.
وقالت سارة دارشوري، مستشارة هيومن رايتس ووتش في برنامج العدالة الدولية: «فشل المحاكم السودانية المستمر في تقديم المجرمين في دارفور للعدالة يجعل من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للمشتبه بهم أمراً أساسياً. وفي المناقشات التي ستجري مع المسؤولين الحكوميين، على أعضاء مجلس الأمن الإصرار على تسليم الخرطوم للمشتبه بهم الذين حددتهم المحكمة الجنائية الدولية».
وخلال العام الماضي لم يتم عرض قضايا جديدة على المحاكم الجنائية الخاصة بشأن أحداث دارفور. وعلى النقيض، تم منح العفو لعضوين بالاستخبارات العسكرية في شهر يونيو/حزيران الماضي ، وكانا قد تمت إدانتهما بقتل صبي في الثالثة عشر من العمر بعد تعذيبه حتى الموت،. وتم منح العفو بمقتضى القرار الرئاسي رقم 114، والذي يمنح العفو العام، وينطبق على أعضاء الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق سلام دارفور، والموقعين اللاحقين على الاتفاق، والأطراف في المصالحة القبلية في دارفور. وليس من الواضح مدى اتساع نطاق تطبيق هذا العفو أو إن كان تطبيقه يشمل عناصر الجيش السوداني.
ولم يحدث الكثير بخلاف هذا من جانب المحاكم الجنائية الخاصة بأحداث دارفور. وتم تنفيذ الإعدام شنقاً في 22 أبريل/نيسان بحق شخصين من الاستخبارات العسكرية برتب منخفضة، عقب إدانتهم بالقتل في محكمة في فشير لدورهما في وفاة متمرد مشتبه به، يبلغ الستين من العمر، أثناء احتجازه.
وتفيد وثائق قدمها المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية في 27 فبراير/شباط بأن لجنة التحقيقات القضائية السودانية، والتي تم تشكيلها للتحقيق في القضايا المذكورة في تقارير لجان التحقيق الوطنية والدولية، قد حققت في عدة حوادث في دارفور. وبرغم أنه من المزعوم أن اللجنة قد أصدرت أكثر من 100 إذن اعتقال، فلم يتم تنفيذ أكثر من عشرة من بينها، وأحدها كان بحق علي القشيب المشتبه به من قبل المحكمة الجنائية الدولية، والمعروف عنه أنه قيد الاحتجاز في السودان. إلا أن تحقيقات اللجنة لم تؤد بعد إلى صدور قرارات اتهام في أي من القضايا، ولم يتم نشر المزيد من المعلومات علناً عن تقدم عمل اللجنة، أو ظهر أي نشاط آخر من قبل المحاكم الجنائية الخاصة بشأن أحداث دارفور طيلة العام الماضي.
وقالت سارة دارشوري: «ما فعلته محكمة الخرطوم الخاصة عن دافور هذا العام أقل مما فعلته العام الماضي» وأضافت: «ادعى المسؤولون السودانيون مراراً أن المحاكم الوطنية ستنظر في هذه القضايا، لكن لم يتم فعل شيء بالمرة».
ومنذ بداية عام 2003، تم الاعتداء على عشرات الآلاف من المواطنين، وتعرضوا للاغتصاب والقتل، ودُمرت مئات القرى، وتعرض قرابة المليوني شخص للنزوح القسرى بسبب النزاع. ومن بين العوائق الكبرى للمقاضاة الفعالة على المستوى القومي في السودان هي الحصانة الواسعة التي يتمتع بها أعضاء القوات المسلحة، والهيئات الأمنية الوطنية والشرطة، والقوانين التي تُصعِّب من المقاضاة في قضايا تتعلق بالعنف الجنسي. ومن أجل اعتبار قضية ما غير واجبة النظر أمام المحكمة الجنائية الدولية، فعلى الدولة أن تبدي تعاوناً صادقاً وقدرة على دفع الجرائم للنظر أمام المحاكم الوطنية.