رأى رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي أن بلاده تواجه أزمة خطيرة، وان كل القوى السياسية مستعدة حالياً للعمل من أجل الخروج من المأزق الحالي لكن ذلك لن يستمر طويلاً، محذراً من أن استمرار الأزمة سيضع البلاد أمام خيارات صعبة ومدمرة، مشيراً إلى أن انفصال جنوب البلاد عن شمالها سيؤدي إلى اندلاع حرب بين دولتين.
وجاء ذلك في وقت أعلن البيت الأبيض أن الرئيس جورج بوش سيلتقي الزعيم السوداني الجنوبي سلفاكير ميارديت غداً للبحث معه في كيفية وضع حد لأعمال العنف في إقليم دارفور وأزمة جنوب السودان. وقالت الناطقة (أ ف ب) باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إن بوش وسلفاكير «سيبحثان في شأن تطبيق اتفاق السلام الشامل (بين الشمال والجنوب) ومحادثات السلام بين الأطراف والوضع في دارفور وانهاء العنف».
واتفاق السلام الشامل وضع حداً لحرب استمرت 21 عاماً في الجنوب. ومنذ بدء الأزمة بين طرفي اتفاق السلام (حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، دعت الأمم المتحدة ودول عديدة بينها الولايات المتحدة الطرفين السودانيين الى المضي قدماً في تطبيق هذا الاتفاق الذي يعتبر مهماً جداً بالنسبة إلى الاستقرار في البلاد. وجمّد الجنوبيون مشاركتهم في الحكومة احتجاجاً على ما يعتبرونه عوائق يضعها حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير امام تطبيق الاتفاق. لكن هذا الحزب نفى ذلك وحمّل الجنوبيين مسؤولية التأخير في انتشار القوات ورسم الحدود.
على صعيد اخر، انتقد المهدي في شدة اتفاق السلام في جنوب البلاد الموقع عام 2005، ودعا طرفي الاتفاق «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الى الاحتكام للشعب السوداني ليقول كلمته في الأزمة الحالية بينهما، وقال إن الطرفين جرّبا الاحتكام للمجتمعين الدولي والاقليمي من دون جدوى والنهج الوحيد الذي لم يُجرّب هو الاحتكام إلى الشعب.
وحذّر المهدي في منتدى سياسي في مقر اقامته أمس من أن يؤدي الوضع الراهن في شأن تنفيذ اتفاق السلام الى مزيد من المواقف التي تقود في النهاية الى حسم الأمور بطريقة راديكالية مثل أن يتخذ أي من طرفي الاتفاق موقفاً أحادياً لمصلحة أجندته الحزبية، أو أن تتمكن قوى سياسية «مغيّبة» من النظام السياسي والدستوري القائم من القيام بتحرك يجد تجاوباً شعبياً واسعاً في اتجاه ايجاد بديل للوضع القائم، أو أن يتحرك بعض الدول النافذة لدعم بدائل تراها أكثر جدوى للحيلولة دون انهيار الأوضاع في السودان أو تراها أكثر جدوى للمحافظة على مصالحها الاستراتيجية. ولفت المهدي الى أن حدوث أي من الاحتمالات السابقة سيؤدي إلى نتائج غير محسوبة، ورأى أن استمرار الأزمة يمكن أن يقود البلاد إلى «الصوملة» أو «اللبننة».
في غضون ذلك، اعتبر وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد محمد هارون ترجمة اتفاق السلام عملاً صعباً وشاقاً ويحتاج الى جهد ولكنه ليس مستحيلاً، مشدداً على أنه المخرج الوحيد لأزمة السودان. وقال هارون إن كل القوى السياسية السودانية لم تعترض على الاتفاق في توجهها العام باعتباره تناول «أمهات المشاكل». وأضاف: «لكن بالرغم من ذلك لا نقول إن هذا الاتفاق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»، مشيراً إلى وجود امكانية لتصحيح ذلك «الباطل» عبر صناديق الاقتراع