أعلن الرئيس السوداني عمر البشير، قطع التفاوض والحوار مع حركة العدل والساواة المسلحة في اقليم دارفور، بزعامة الدكتور خليل ابراهيم، ومع من وصفهم بـ«العملاء المارقين»، كرد فعل للهجوم، الذي نفذته الحركة على مدينة ام درمان السبت الماضي.
وخاطب البشير الآلاف من انصاره، الذين احتشدوا امام القيادة العامة للجيش امس تأييدا له، مؤكدا ان الحركة تنفذ برامج أجنبية لا علاقة لها بدارفور، وأحضروا أطفالا ودفعوا لهم اموالا، لكي يذهبوا لاحتلال الخرطوم. وردد المتظاهرون هتافات ضد حركة العدل، مطالبين بسحقها، فيما اقامت الشرطة معرضا في ميدان «الخليفة» في ام درمان، عرضت فيه السيارات والأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من القوات المتسللة، وصور لبعض المعارك في المدينة. واغلقت الشوارع الرئيسية المؤدية لموقع المسيرة، ونشرت اعداد كبيرة من رجال الشرطة والجيش لتأمين الحماية. ورقص المحتشدون على انغام الموسيقى. وتفاوتت تقديرات المشاركين في المسيرة، وقدرهم بعض شهود العيان بنحو 7000 شخص، فيما قال آخرون ان عددهم ما بين 15 و20 الفا.
وقال الرئيس السوداني امام المظاهرة، التي جاءت باسم «مسيرة النصر والتأييد»، نظمتها منظمات المجتمع المدني والنقابات: «نحن لن نتفاوض مع خليل أو أي عميل، نعم نحن مع السلام، لكن ليس هناك مكان لعميل أو خائن أو بائع لوطنه وأهله وقبيلته، وباع كل قيمه ومبادئه.. اليوم اين خليل؟ بعد ما ادخل هؤلاء (المتسللين) هنا ادخل الشباب والاطفال في محرقة ام درمان، والان هو هارب شارد يستنجد بالتشاديين، ينادي للرئيس التشادي دريس دبي لإرسال طائرة لإنقاذه». وطبقا للبشير، فإن الذي حدث أكد توحد الشعب السوداني واحزابه لحماية الوطن وثوابته، واتهم جهات خارجية بدعم «العدل والمساواة» في الهجوم على العاصمة السودانية. واعتبر البشير الحشود الجماهيرية، التي شاركت في المظاهرة، بمثابة رسالة «نرسلها من الخرطوم وام درمان للعملاء والخونة والمرتزقة والطابور الخامس، ونقول لهم هؤلاء هم الجماهير.. هذا هو الشعب السوداني وهذه كلمته». وقال الرئيس السوداني، الذي اعتلى المنصة في زي عسكري إن «الذين هاجموا ام درمان عملاء، ونحن نقاتل من أجل قضية، وندافع من اجل مبادئ.. نحمي وطن وهم ينفذون اجندة خارجية»، واضاف: «نحن نوجه سؤالا بسيطا من الذي اشترى لهم هذه العربات، من الذي اشترى لهم السلاح ومونهم ومولهم، لكي يروعوا المواطنين ويحلموا باحتلال الخرطوم». وسخر البشير من خطوة الهجوم، حين قال: «قالوا يريدون احتلال الخرطوم، وهل يعقل ان يحكم الخرطوم أحد العملاء والخونة، باع نفسه للشيطان والصهيونية والصليبية». وأضاف: «الخرطوم هي مقبرة الغزاة، ومقبرة الطامعين في حكم السودان». ومضى قائلا «الخرطوم ليست انجامينا العاصمة التشادية، ولا يمكن لعميل أو دخيل أن يدخل أو يحتلها». ووجه البشير تحية الى أجهزة الأمن على موقفها، وشكر الحركة الشعبية لتحرير السودان، الشريكة في الائتلاف الحكومي «الذين أبدوا موقفا مشرفا منذ أول لحظة.. ووضعوا كل امكانياتهم وقواتهم تحت إمرة القوات المسلحة لدحر أي عميل أو خائن أو مأجور». وأكد البشير أن المسيرة هي «رسالة نرسلها من الخرطوم الصامدة وام درمان العاصمة الوطنية، للعملاء والخونة والمرتزقة والطابور الخامس». وفي تصريحات صحافية، قال مساعد رئيس الجمهورية مسؤول ملف دارفور الدكتور نافع علي نافع، ان خليل ابراهيم بهجومه على أم درمان، قطع الطريق امام الحوار مع حركته. واستدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال التشادي في الخرطوم، وبعثته ومنحته اسبوعا لمغادرة البلاد، وتحديد الدولة التي سترعى مصالح بلاده في السودان. وقال السفير بوزارة الخارجية علي يوسف في تصريحات، «ان الحكومة ستعمل على تسهيل اجراءات مغادرته للبلاد، على أن تقوم تشاد بتسهيل تصفية أعمال السفارة السودانية بانجامينا». واطلع وكيل وزارة الخارجية، الدكتور مطرف صديق، السفراء والبعثات الخارجية بالخرطوم على ادلة اتهام تشير الى تورط تشاد في العملية العسكرية على ام درمان من وثائق ومكاتبات، وحسب صديق فإن الحركة لن يكون لها خيار غير التفاوض، بعد أن قصمت قوات الأمن ظهرها في ام درمان، على حد تعبيره. وحث السودان امس المجتمع الدولي على ادراج متمردي حركة العدل والمساواة في دارفور، في قائمة المنظمات الإرهابية.
من جانبه، قال القائم بالأعمال الأميركي البرتو فرنانديز في تصريحات صحافية، ان بلاده تؤيد اتجاه السودان لتقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي، بشأن الاحداث الاخيرة في ام درمان، مشددا على دعم واشنطن للتركيز لإيجاد حلول سياسية من اجل الابرياء واستقرار السودان». وفي القاهرة، أعلن أمس عودة جثتي مواطنين مصريين اثنين، راحا ضحية الاشتباكات التي دارت في ام درمان، السبت الماضي. ووصلت الجثتان على رحلة تابعة لشركة «مصر للطيران» قادمة من الخرطوم.
وتعود الجثة الأولى لأحمد علي جمعة السيد، 48 عاما، وهو من القاهرة، فيما تعود الثانية لعصام سيد عبد التواب، 38 عاما، وهو من البدرشين. بمحافظة الجيزة، وقد رافق الجثتين مصري كان زميلا للقتيلين، حيث روى تفاصيل لحظات الرعب، التي مروا بها خلال هجوم حركة العدل، وقال: «كنا 17 مصريا نقوم بإنشاء مصنع للطوب الطفلي بأم درمان، وفوجئنا بعدد من جنود الجيش السوداني يختبئون بالمصنع، ويطاردهم عدد كبير من المتمردين المسلحين بأسلحة ثقيلة ومدرعات، حيث قاموا بضرب المصنع، مما أدى إلى وفاة العديد من الأشخاص، ومن بينهم الشهيدان.. وبعد ساعة من الضرب، المتواصل تقدم المتمردون إلى منطقة أخرى، وتركونا حيث قمنا بنقل الشهيدين للمستشفى، واختبأنا بمنزل أحد السودانيين لمدة 24 ساعة، حتى استقرت الأمور، وانتقلنا إلى مكان آمن». وقدمت سلطات مطار القاهرة كل التيسيرات لسرعة الإفراج عن جثماني القتيلين ودفنهما.