أعلنت حكومة جنوب السودان برئاسة سلفا كير ميارديت، النائب الأول للرئيس السوداني أمس وبعد اجتماعين عاصفين اشتدت فيهما الخلافات، موافقتها على قرار مجلس الرئاسة في الخرطوم، الذي حدد التعداد السكاني في 22 أبريل (نيسان) الجاري لكنها وضعت شروطا وصفت بأنها «تعجيزية»، ولوحت بأنها قد لا تقبل بنتائج الإحصاء في حال إجرائه بدون الاستجابة لتلك الشروط، ومن بينها إبراز التنوع الديني والعرقي في البلاد، واقترحت، في ذات الوقت، تأجيل الإحصاء الى موعد ثالث. وفيما اعتبر مسؤولون في مصلحة الإحصاء ان تلك الشروط يستحيل الاستجابة لها خلال الموعد الجديد المضروب لإجراء الإحصاء، قال المراقبون إن القرار رفض مبطن لقرار الرئاسة.
وكانت حكومة جنوب السودان أجلت الأسبوع الماضي إجراء الإحصاء السكاني في موعده الأول الخامس عشر من ابريل «لعدم مراعاة المشروع لجملة من مطالبها وأهمها تضمين العرق والدين في استمارة التعداد، وعودة النازحين»، وهو القرار الذي أثار خلافات بين الشريكين في الحكم حزب المؤتمر الوطني بزعامة البشير والحركة الشعبية بزعامة سلفا كير. وسعت الرئاسة الى نزع فتيلها بتأجيل الموعد الأول، وتحديد 22 أبريل موعدا مع الاستجابة لبعض شروط حكومة الجنوب. وقال بيان صادر من حكومة الجنوب حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة إنه وبدون المساس بقرار مؤسسة الرئاسة فإن حكومة جنوب السودان تتصور بأن احتياجات حكومة الجنوب لا بد من أن تلبى على جناح السرعة حتى يتسنى المضي قدماً بالإحصاء السكاني القومي الخامس في 22 أبريل 2008 حسبما اقترحت مؤسسة الرئاسة.
وعدد البيان تلك الاحتياجات التي يعتبرها المراقبون بأنها تكرار للشروط القديمة في توفير الموارد المالية للترتيبات الأمنية لتأمين عملية الإحصاء السكاني في جميع أرجاء جنوب السودان، وعودة النازحين واللاجئين الى جنوب السودان، وصياغة استمارات واستبيانات التعداد السكاني باللغة المناسبة، كما يجب أن ترسل الكميات المطلوبة منها الى شتى مناطق جنوب السودان باعتبار أن الاستمارات والاستبيانات التي تم تسليمها بالفعل الى معظم مناطق جنوب السودان تصاغ بلغات غير مستخدمة في مناطق بعينها.
كما طالبت بتوفير التسهيلات والوسائل اللوجستية في معظم أنحاء جنوب السودان، مشيرة الى أن غياب تلك العوامل سيؤثر على نجاح عملية التعداد السكاني. وقال البيان إن حكومة جنوب السودان تعترف بأن متطلبات التمويل لعملية الإحصاء السكاني برمتها تقع ضمن اختصاصات حكومة الوحدة الوطنية، وتقدر المقترحات الإيجابية التي قدمتها مؤسسة الرئاسة التي تنادي بتوفير التمويل لمقابلة حكومة جنوب السودان.
وقال البيان إن مجلس وزراء حكومة جنوب السودان يؤكد أنه لا مانع لديه من من إجراء الإحصاء في موعده «إذا ما توفر التمويل وتمت الاستجابة الى الاهتمامات التي أبدتها حكومة جنوب السودان»، على الرغم من أن فترة التأجيل لمدة سبعة أيام تعتبر قصيرة جداً لتلبية جميع الاهتمامات التي أثارتها حكومة جنوب السودان.
وأضاف البيان «على ضوء ما سلف ذكره ومن أجل العمل على الاستجابة لاهتمامات حكومة جنوب السودان ولتحقيق الأهداف المطلوبة للتعداد السكاني القومي الخامس، فإن مؤسسة الرئاسة قد يكون عليها أن تزيد من الفترة المخصصة للإحصاء في جنوب السودان على النحو الذي تراه مناسباً»، وقال: «إن الظرف الحالي، لا يناسب اجراء التعداد وان النتائج ستأتي بصورة غير مرضية، وستؤثر في الحصيلة الكلية لنتائج الإحصاء الذي سيسهم في تحديد التنوع العرقي والديني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي في السودان، وتأكيد أو تعديل ترتيبات اقتسام السلطة والثروة على النحو الذي حددته اتفاقية السلام الشامل».
من جانبه، حذرت حركة تحرير السودان فصيل مناوي بشمال دارفور من تجاهل مطالبتها بإيقاف محاولة إجراء التعداد السكاني في ظل ما وصفته بالظروف الأمنية المضطربة في مدن شمال دارفور. وطالب رئيس حركة تحرير السودان في ولاية شمال دارفور، إسماعيل حسين، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة الفاشر بتحكيم المجتمع الدولي حول إمكانية إجراء التعداد في موعده المحدد، مشددا علي اعتماد نتائج التعداد السكاني لعام 1993.