حملت الخرطوم في شدة أمس على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو الذي جدد طلبه تسليم وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون والقيادي في قوات الدفاع الشعبي علي كوشيب اللذين تتهمها المحكمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور. ورأت حكومة الرئيس عمر البشير أن أوكامبو ينفذ «أجندة خفية» تستهدف محاصرة السودان، وذلك بعد صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن يدعوها إلى التعاون مع مدعي محكمة الجناء، وتحذير من الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات إذا لم تتعاون الخرطوم في موضوع جرائم الحرب في دارفور.
وقال مسؤول رئاسي سوداني لـ «الحياة» إن حكومته لن تتزحزح عن موقفها الرافض للتعامل مع المحكمة الدولية، موضحاً أن إعلانها الأخير بالتخطيط للقبض على هارون عبر تحويل مسار طائرة كان سيستقلها من الخرطوم إلى جدة لأداء الحج إلى دولة ثالثة سبب كاف «يفضح نيات أوكامبو ومواقفه المعادية». وأضاف أن الحكومة لن تستجيب للضغوط و «التهويش وقرع الطبول»، ورأى أن تحركات أوكامبو في الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن هي نشاط سياسي ليس له صلة بالقانون. وحذّر من أن اصدار قرار دولي بالزام الخرطوم بتسليم هارون وكوشيب سيكون «ضربة قوية لمساعي السلام في دارفور».
وفي نيويورك، تبنى مجلس الأمن بياناً رئاسياً عن دارفور بعد تعديلات في فقراته خففت من المطالب الطموحة التي ميّزت مشروع البيان الأصلي. وكان المجلس تحرّك في الأسابيع الماضية، بمبادرة من كوستاريكا، لإصدار بيان يدعو السودان إلى تسليم هارون وكوشيب إلى المحكمة الجنائية. وصيغ مشروع البيان الأصلي ليلبي مطالب اوكامبو، إذ يعترف بمبدأ «عدم الافلات من العقاب» كجزء أساسي لحل مشكلة دارفور. ولقي هذا المشروع ترحيباً من أكثرية أعضاء مجلس الأمن، عدا مجموعة صغيرة على رأسها الصين التي دعت إلى التروي، وليبيا التي حذرت من مصاعب أمام تحقيق هدف «عدم الافلات من العقاب» ودعت المدعي العام إلى «عدم الاستعجال وإصدار الأحكام المسبقة».
وفي النسخة الأخيرة من البيان الرئاسي التي أُقرت أمس حُذف أي كلام يتعلق بمبدأ الافلات من العقاب، ولم يُشر بالإسم إلى هارون وكوشيب، واكتفى بحض حكومة السودان وأطراف النزاع الأخرى على التعاون مع المحكمة الجنائية.
وفي لوكسمبورغ (رويترز) حذّر الاتحاد الأوروبي السودان من عقوبات محتملة اذا لم يتعاون في موضوع جرائم الحرب. وحذر وزراء الخارجية في لوكسمبورغ من عقوبات أوروبية محددة ضد أفراد، بدل تكرار التحذير بعقوبات محتملة عبر الأمم المتحدة، وهي عقوبات عارضتها الصين.
وقال الوزراء في بيان تم الاتفاق عليه أمس «إن مجلس الاتحاد الأوروبي مستعد لدرس اتخاذ تدابير ضد الأفراد المسؤولين عن عدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية». لكن تحذير الوزراء لم يرق إلى اصدار تعليمات لخبراء الاتحاد الأوروبي كي يصوغوا العقوبات التي ستفرض. وقال ديبلوماسيون أوروبيون إن ذلك جاء بعدما دفعت فرنسا واسبانيا بوجوب اعتماد سياسة خطوة بخطوة.