نفت الخرطوم في شدة أمس مزاعم «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور قتل 50 من القوات الحكومية وأسر 18 آخرين، وأعلنت استعدادها اجراء مفاوضات منفردة مع زعيم الحركة الدكتور خليل ابراهيم «في أي مكان».
وقالت «حركة العدل والمساواة» في بيان، أمس، على موقعها في «الانترنت» إنها تصدّت إلى قوة من الجيش بين منطقتي قوزمنو وصليعة في غرب دارفور، ما أدى إلى وقوع مواجهات انتهت بـ «هزيمة ساحقة للقوات الحكومية» حصيلتها 50 قتيلاً من القوات الحكومية و18 أسيراً، بالاضافة إلى تدمير ثماني سيارات بكامل عدتها وعتادها والاستيلاء على عشر سيارات أخرى، وأشارت إلى أن بقية القوة هربت الى مدينة الجنينة.
لكن مسؤولاً عسكرياً في الجيش نفى هذه المزاعم وقال إن الجيش لم يتحرك في المنطقة التي تحدثت عنها «حركة العدل المساواة». واتهم الحركة بالترويج «لأكاذيب لتغطية الهزائم» التي تعرضت لها وانتهت بطردها من مواقع كانت تسيطر عليها في دارفور.
وفي الشأن ذاته، أعلنت الخرطوم استعدادها للدخول في مفاوضات منفردة مع زعيم «العدل والمساواة» الدكتور خليل إبراهيم «في اي مكان»، مشيرة إلى انتفاء تعويله على المعارضة الداخلية بعد دخول حزب المؤتمر الوطني الحاكم في حوار مع أحزاب المؤتمر الشعبي والأمة والاتحادي الديموقرطى، علماً أن «حركة العدل والمساواة» رفضت الربط بين موقفها الأخير من الحوار مع حكم الرئيس عمر البشير واتجاه حزب المؤتمر الشعبي، بقيادة الدكتور حسن الترابي، إلى الحوار مع الحزب الحاكم.
ورأى وزير الدولة للإعلام والاتصالات الدكتور كمال عبيد أن الحراك الواسع في الساحة السياسية ودخول حزبه في حوار مع أحزاب المعارضة الرئيسية هو الذي دفع خليل إلى إعلان موقفه الأخير. ورداً على سؤال حول ما إذا كان اعلان خليل له علاقة ببدء الحوار بين المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، قال: «قطعاً الذي كان يعوّل على المعارضة الداخلية ضد الحكومة وجد الآن أن الحوار هو الأساس وليس المعارضة». واعتبر عبيد في تصريح أمس ان الشروط التي وضعها خليل بإجراء التفاوض معه منفرداً في جنيف بوساطة من الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان، مجرد شكليات غير مهمة، قائلاً إن «نتائج الحوار الذي ينهي معاناة أهل دارفور واستغلال إسمهم في قضية لا يعرفون متى بدأت وإلى أين تنتهي، هي التي تهمنا». وزاد أن الحكومة مستعدة للتفاوض في أي مكان. وتابع: «نعم نحن مستعدون للحوار مع خليل».
لكن عضو هيئة القيادة في «حركة العدل والمساواة» زكريا محمد علي رفض الربط بين موقف زعيم الحركة والحوار بين المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، وقال إن استعدادهم للحوار ليس له علاقة بحوار الحزبين. وزاد: «إذا أرادا الاتفاق مبروك عليهما»، وأكد أن علاقتهم مع المؤتمر الشعبي مثلها مثل العلاقة مع الأحزاب الأخرى.
إلى ذلك، بررت وزارة الخارجية السودانية رفضها منح تأشيرة دخول إلى البلاد لوزيرة الدولة للخارجية الألمانية السابقة عضو مجلس النواب عن حزب الخضر كريستين مولر بدخول الأخيرة السودان في العام 2004 بطريقة غير شرعية ومن دون إذن الخرطوم.
وقال الناطق باسم الخارجية السفير علي الصادق في تصريح أمس إن مولر كانت مسؤولة رفيعة في الحكومة الألمانية وكان يجب أن تحترم سيادة السودان، لذلك يستحيل أن يسمح السودان بدخولها إلى أراضيه مرة أخرى، مضيفاً أن حكومته لا ترحب بها على الإطلاق لأن تصرفها غير مقبول ولا يحترم السودان. ونفى الصادق أن تكون انتقادات مولر للأوضاع في دارفور عند زيارتها السابقة للإقليم صلة بعدم منحها تأشيرة دخول لزيارة الخرطوم، مبيّناً أن هناك مسؤولين كثراً يوجهون انتقادات إلى الأوضاع في دارفور ويسمح لهم بزيارة البلاد، مؤكداً أن موقف حكومته لن يؤثر على العلاقات بين البلدين.
في غضون ذلك، أعربت المقررة الخاصة لوضع حقوق الإنسان في السودان سيما سمر عن قلقها إزاء الوضع في دارفور خصوصاً في ظل استمرار العمليات العسكرية في غرب الإقليم. وقالت في أثناء تقديم تقريرها إلى الدورة السابعة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف: «إن الحكومة والمتمردين فشلوا في تحمل مسؤولياتهم في توفير الحماية للمدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، كما أن كلا الجانبين ينتهك حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي». وذكرت انها تلقت تقارير عن وقوع أعمال قتل وعنف جنسي واعتقال تعسفي في تلك المناطق. وأشارت سمر إلى الهجمات التي تعرضت لها، الشهر الماضي، بلدات سيربا وصليعة وأبو سروج في غرب دارفور بدعم من الطائرات الحكومية. وقالت إنه تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من مئة شخص في تلك الهجمات وتشريد الكثيرين منهم اثنا عشر ألفاً اُضطروا إلى الفرار إلى تشاد.
وتحدثت سمر عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أخيراً لإنهاء العنف ضد المرأة في دارفور، وأشارت إلى إدانة عدد من رجال الشرطة والجماعات المسلحة لارتكابهم أعمال عنف جنسي في محافظات درافور الثلاث. وطالبت الحكومة بالعمل على التحقيق في كل الادعاءات بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.