انضم أمس قادة مدانيون لحركات التمرد في دارفور إلى المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في مدينة أروشا التنزانية لتوحيد مواقف الفصائل المسلحة قبل تحديد موعد للمفاوضات مع الحكومة السودانية، ما زاد الآمال بنجاح المؤتمر. واستدعت الخرطوم أمس السفيرة الفرنسية لإبلاغها احتجاجاً رسمياً على استضافة باريس زعيم «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور الذي قاطع المشاورات.
وشارك في المشاورات التي استؤنفت أمس نحو عشرة من قادة التمرد الميدانيين، أبرزهم جار النبي عبدالكريم وسليمان مرجان، إضافة إلى قياديين في «حركة العدل والمساواة» وفصائل من «حركة تحرير السودان». وقال القيادي الميداني في «حركة تحرير السودان» صالح آدم إسحاق للصحافيين أمس: «نحن مجموعة جاءت من الميدان ويمكننا توحيد الحركة. وأهمية الاجتماع هي جمع الحركة على موقف سياسي موحد، نظراً إلى المشاكل الكثيرة بين الفصائل».
وعقد المبعوثان الأممي يان إلياسون والأفريقي سالم أحمد سالم اجتماعات منفصلة مع قادة الحركات، قبل اجتماع شامل يضم مختلف الأطراف مقرر عقده اليوم. وقالت مصادر أفريقية لـ «الحياة» إن المبعوثين «درسا مع المتمردين صيغة لإقرار موقف تفاوضي موحد».
وقال سالم في افتتاح الجلسة إن «الهدف الملح لهذه المشاورات هو إيجاد البيئة الضرورية والمواتية المطلوبة لاستئناف العملية السياسية بجدية، وان نستمع إليكم (المتمردين) وتوضحوا رؤيتكم للسلام في دارفور لنشارككم رؤيتكم لتطور عملية المفاوضات من أجل ضمان الدعم الكافي للاتفاق المستقبلي الذي ينهي الصراع في دارفور».
ويشارك فى المحادثات بحر إدريس أبو قردة على رأس وفد «حركة العدل والمساواة»، وأحمد عبد الشافع عن «حركة تحرير السودان»، إضافة إلى إبراهيم ادريس على رأس وفد «حركة تحرير السودان – الوحدة»، وزعيم «التحالف الفيديرالي» أحمد إبراهيم دريج، فيما غاب عبدالواحد محمد نور الذي قلل من أهمية الاجتماع، وهاجم المشاركين فيه.
وفي الخرطوم، استدعت وزارة الخارجية السودانية أمس السفيرة الفرنسية كريستين روبيشون وأبلغتها احتجاجها على استضافة باريس عبدالواحد نور وعدم ممارستها اي ضغوط عليه من أجل حمله على حضور محادثات أروشا، وطلبت منها نقل فحوى الاستدعاء إلى حكومتها بأسرع ما يمكن.
وانتقدت الخارجية في بيان أمس «نقض فرنسا تعهدات وزير خارجيتها برنار كوشنير خلال زيارته الأخيرة إلى السودان، الضغط على عبدالواحد لحضور أي اجتماعات تهدف إلى توحيد موقف الحركات غير الموقعة على اتفاق أبوجا للسلام». ورأت أن موقف باريس من نور «لا ينسجم مع الاهتمام الذي توليه لأزمة دارفور على أعلى المستويات». وأخذت على فرنسا «صدور تصريحات غير متوازنة لمسؤوليها في شأن دارفور حملت الحكومة وحدها مسؤولية معاناة مواطني الاقليم».
وفي غضون ذلك، ناقش وزير الخارجية السوداني لام أكول مع المبعوث المشترك للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى دارفور رودولف أدادا تطورات الاوضاع في دارفور، في ضوء قرار مجلس الامن نشر قوة مختلطة من المنظمتين الأممية والأفريقية. وأعرب الوزير وادادا عن أملهما في أن يتمكن المجتمعون في اروشا من الاتفاق على رؤية تفاوضية تمهد السبيل لجولات محادثات مرتقبة بين الحكومة والحركات الرافضة لاتفاق أبوجا.
وفي المقابل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن عبدالواحد نور أن الوضع في دارفور «غير ملائم» لعقد اجتماع أروشا. وقال نور إن «مفاوضات السلام تتطلب مناخاً ملائماً، لكن حكومة السودان تواصل قتل الناس ولا يزال الآلاف مشردين». واعتبر أن «حكومة السودان مارست سياسة فرق تسد»، لافتاً إلى أن «إنفاق أموال المجتمع الدولي لاستضافة هذه الفصائل لن يؤمن السلام لسكان دارفور». وأكد أن «الاعتراف بفصائل جديدة لن يؤدي إلى شيء، فالمتمردون سيزدادون انقساماً وسنشهد (نشوء) مزيد من الحركات». ورأى أن «عقد هذه المفاوضات هو فقط تكرار لأخطاء أبوجا (…) السلام يعني كسب ثقة الناس، وما سيتوصلون إليه في أروشا لن يعدو كونه حبراً على ورق».
من جهة أخرى، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير إلى مجلس الأمن، أمس، من أن جهود التسوية السياسية في دارفور ستفشل ما لم تتوقف الأعمال العدائية على الأرض. لكنه أشار إلى تحقيق تقدم على طريق الحل السياسي. واعتبر أن الشهور المقبلة «حاسمة» لدارفور، لكن «طالما استمرت الأعمال العدائية في الإقليم، لن تنجح الجهود للوصول إلى تسوية سلمية».
وأشار إلى أن نجاح نشر القوة المختلطة في دارفور «يعتمد بدرجة كبيرة على تعاون الحكومة السودانية ومساعدتها، خصوصاً في ما يتعلق بتدبير الأراضي والسماح بحفر آبار المياه ودخول المعدات المطلوبة في الوقت المناسب