كشف مبعوثا الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي إلى دارفور يان الياسون وسالم أحمد سالم، أمس، موافقة الحكومة السودانية وفصائل التمرد على اجراء محادثات مباشرة لوقف اطلاق النار قبل فصل الخريف، يرجح أن تستضيفها بريطانيا. ووصفا الأوضاع الأمنية في الإقليم بأنها الأسوأ خلال الاشهر الماضية، في وقت عززت الشرطة السودانية انتشارها في ولاية غرب دارفور، تحسباً لصد أي هجوم محتمل من القوات التشادية التي احتشدت على حدود البلدين.
وأكد الياسون في مؤتمر صحافي مشترك مع سالم في الخرطوم أمس، في ختام جولة استمرت اسبوعين شملت محادثات مسؤولين في الحكومة السودانية وحكومة الجنوب وقادة «حركة تحرير السودان» بزعامة عبدالواحد محمد نور و «حركة العدل والمساواة» برئاسة الدكتور خليل ابراهيم، ركزت على تجاوز التدهور الأمني وايقاف العدائيات التي انتشرت في الإقليم خلال الشهور الثلاثة الماضية.
وذكر الياسون انه وزميله سالم نجحا في اقناع عبدالواحد وخليل ابراهيم ومسؤولي الحكومة بالدخول في محادثات مباشرة للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار وفق ترتيبات أمنية، كما انهما حصلا على ردود ايجابية من كل الأطراف من دون استثناء. لكنه أشار إلى أن كل طرف لديه وجهة نظر ورؤية خاصة في كيفية تطبيق الاتفاق، لافتاً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مناقشة التفاصيل الدقيقة مثل تحديد موعد المحادثات ومكانها، لكنه شدد على انهما على مقربة من هذه الخطوة.
أما سالم فقال إن جهود الوساطة تركز حالياً على «الوضع الأمني الخطير»، ورأى أن من الاستحالة الاستمرار في أي عملية سياسية وسط ما وصفه بالتدهور المريع للأمن في الاقليم. ونّبه سالم الى أن اية حلول لن تجدي في ظل توتر الأوضاع بين السودان وتشاد، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل لإعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها.
ورفض المبعوثان اتهامهما بالتقصير في اداء مهماتهما تجاه العملية السلمية، وألقى سالم باللوم على اطراف النزاع، مشيراً الى ان الوساطة قضت 14 شهراً لتوحيد فصائل دارفور لكنها لم تنجز ذلك لعدم استعداد اطراف النزاع.
وفي تطور متصل، أعلن وزير الداخلية ابراهيم محمود اعتزامه ارسال مزيد من القوات والامكانات لحماية مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية، ودعا الى التعبئة الشعبية لمساندة القوات الحكومية في حماية الحدود مع تشاد.
وشدد محمود خلال زيارة إلى الجنينة في ختام جولة هي الأولى إلى الإقليم، منذ تعيينه قبل خمسة شهور، على ضرورة تفريغ مخيمات من النازحين، واعتبرها «مخيمات سياسية»، محذراً من الاعتماد على المساعدات التي تقدمها المنظمات الأجنبية الى مخيمات اللاجئين. وتوقع أن تتوقف المساعدات خلال عام ونصف العام بسبب الارتفاع المتزايد في أسعار الغذاء عالمياً.
وناشد وزير الداخلية مواطني الولاية مؤازرة القوات الحكومية في مواجهة التهديد التشادي. وأكد دعم وزارته قوات الشرطة في الولاية والبالغ حجمها نحو 5200 جندي، ووعد بمزيد من القوات والأسلحة والذخيرة للإسهام في قيام قوات الشرطة بمهماتها، خصوصاً حماية عاصمة الولاية الجنينة، وتأمين والطرق.
وفي السياق ذاته، اعتبر الرئيس الاريتري اساياس أفورقي أن السبب الرئيسي في تدهور العلاقات بين السودان وتشاد والتوتر القائم بينهما على الحدود هو التدخلات الاميركية المباشرة وغير المباشرة.
ورأى أفورقي، في حديث بثته قناة «الجزيرة» القطرية، أن التدخلات جزء من مشروع اميركي كبير تريد عبره واشنطن تقسيم القارة الافريقية إلى أربع مناطق نفوذ، تفرض سيطرتها عليها عبر وكلاء.
وقال: «لذلك تتدخل أميركا وتعقّد الأوضاع في الصومال ودارفور وتشاد وكينيا وزمبابوي». وأضاف أن الولايات المتحدة كانت السبب وراء فشل الاتحاد الافريقي في القيام بمهمات حفظ السلام في دارفور، مؤكداً أن وجود الاتحاد الافريقي عقّد المشكلة أكثر مما أصلحها.
إلى ذلك عاد إلى الخرطوم وفد الحكومة السودانية الذى أجرى محادثات سرية مع مسؤولين أميركيين في روما استمرت ثلاثة أيام، وشارك فيها من الجانب الاميركي المبعوث الرئاسي الاميركي الى السودان ريتشارد وليامسون ومسؤولون في الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه)، ومن الجانب السوداني مساعد الرئيس الدكتور نافع علي نافع ووزير الخارجية دينق الور والمدير العام لجهاز الأمن والاستخبارات الفريق صلاح عبدالله.
وقال نافع في تصريحات صحافية إن المحادثات التي تناولت العلاقات السودانية – الأميركية والأوضاع في دارفور وسير تنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد أحرزت تقدماً، مبيّناً أن الوفدين السوداني والاميركي تبادلا عدداً من الأوراق في هذا الصدد واتفقا على استئناف الحوار بينهما في غضون شهر.