دعت المهمة باسم ’’القدامى’’ التي يترأسها حائز جائزة نوبل للسلام آسقف جنوب أفريقيا ديسموند توتو والرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الى نشر سريع للقوة المختلطة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور بعد الهجوم الذي ادى الى مقتل جنود أفارقة من قوة حفظ السلام. وذكر الوفد الذي يضم عددا من كبار رجال السياسة والشخصيات الدولية البارزة من بينهم اثنان حاصلان على جائزة نوبل للسلام لدى عودته من زيارة لدارفور أمس أن العنف والانقسامات متفشية في الاقليم الواقع في غرب السودان. فيما تعهدت أثيوبيا بنشر 5 آلاف جندي في دارفور ضمن القوة ’’المختلطة’’. وحذر الوفد من تفشي حالات الاغتصاب وان السلطات السودانية تتجاهلها وحث الخرطوم على تسليم المحكمة الجنائية الدولية متهمين بارتكاب جرائم حرب لمحاكمتهما. ويضم الوفد إلى جانب كارتر وتوتو اسقف جنوب افريقيا كل من الناشطة المدافعة عن حقوق الانسان جراسا ماشيل ورجل الاعمال البريطاني ريتشارد برانسون.
وقالت ماشيل ’’كل امرأة قالت لنا نحن نغتصب نحن نضرب نحن نتعرض للتحرش. نحن قلقون للغاية لان الموقف لم يتغير للافضل فيما يبدو بل على العكس تفاقم. بل علمنا أمس ان طفلة عمرها عشر سنوات اغتصبت.’’ وذكرت ماشيل انه على الحكومة السودانية ان تعترف أولا بمشكلة الاغتصاب وبعدها تساعد في وضع خطة لمكافحتها. لكنها اقرت بان اثارة مشكلة الاغتصاب مع المسؤولين في الخرطوم غير مشجعة. وأضافت ’’علي أن أعترف بأنها كانت من أسوأ لحظات المناقشات. لا تفهم الحكومة معنى أن تقول النساء مرارا لكثيرين ..لقد اغتصبنا لقد ضربنا ونعامل بوحشية نحن نشعر بالخوف.’’
ومن جانبه قال كارتر إن استخدام واشنطن تعبير الإبادة الجماعية لوصف الموقف في دارفور حيث قدر خبراء دوليون مقتل 200 ألف وتشريد 2,5 مليون في الصراع لا يفيد. واستطرد ’’هناك تعريف قانوني للابادة الجماعية وما يحدث في دارفور لا يتفق مع هذه المعايير القانونية. الاعمال الوحشية مروعة لكني لا اعتقد انها تصل الى حد الإبادة الجماعية.’’ وواشنطن هي الوحيدة تقريبا التي تصف ما يحدث من صراع في دارفور طوال أربعة أعوام ونصف بالابادة الجماعية. وترفض الخرطوم هذا التعبير كما تحجم الحكومات الاوروبية والافريقية عن استخدامه وقال كارتر الذي ساهم مركزه وهو مؤسسة خيرية في اقامة المحكمة الجنائية الدولية ’’اذا قرأت كتب القانون…سترى بوضوح انه (الموقف) ليس ابادة جماعية وأن وصفه كذبا بذلك لمجرد المبالغة في موقف مروع لن يساعد على ما اعتقد.’’ وطالب كارتر الخرطوم بتسليم وزير دولة وزعيم ميليشيا متهمين بارتكاب جرائم حرب للمحكمة الجنائية الدولية. وصرح بأنه من المرفوض ان تعين الخرطوم المشتبه به أحمد هارون وزير الدولة للشؤون الانسانية رئيسا للجنة مدافعة عن حقوق الانسان.
وقال توتو إن الوفد استمع الى ’’قصة بلدين’’ من وجهتي نظر مختلفتين تماما مبرزا صعوبة وتعقد الصراعات في السودان. وتحدث رجل الاعمال البريطاني برانسون عن تشكيل وفد من كبار الشخصيات الدولية قائلا ’’هناك مشاكل تحتاج الى مجموعة من الناس ترتفع فوق السياسة وفوق الذات وتتمتع بقدر كبير من الحكمة’’.
وفي الوقت نفسه، تعهدت اثيوبيا اليوم الخميس بارسال 5000 جندي لبعثة قوات حفظ السلام المؤلفة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في اقليم دارفور الذي تمزقه الحرب في السودان. ومن المقرر أن تحل البعثة المؤلفة من 26 الف جندي محل قوة الاتحاد الافريقي التي تفتقر للخبرة والمعدات والاموال وكانت غير قادرة على وقف الصراع الذي سبب أزمة انسانية اشارت تقارير الى ان نحو 200 الف شخص قتلوا فيها. وقال رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي في مؤتمر صحفي في اديس ابابا مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل التي تزور البلاد ’’أثيوبيا مستعدة والقوات مجهزة وننتظر طلبا من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة لارسال القوات الى دارفور.’’
وفي نفس الوقت وصل فريق من الجيش النيجيري الى دارفور لاستعادة جثث الجنود النيجيريين الذين قتلوا في أسوأ هجوم على قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي يوم السبت الماضي. ومن المقرر ايضا إعادة جثث ثلاثة جنود اخرين قتلوا من مالي وبوتسوانا والسنغال الى بلادهم. وقال المتحدث باسم الاتحاد الافريقي نور الدين مازني ’’يوجد وفد عسكري على مستوى عال من نيجيريا الان في الفاشر سيرافق جثث جنودهم الذين قتلوا من الفاشر الى ابوجا مباشرة.’’
والفاشر هي العاصمة التاريخية لدارفور ومقر قوة الاتحاد الافريقي. واصبحت الحالة الصحية لسبعة جنود اصيبوا بجروح خطيرة في الهجوم مستقرة بعد نقلهم الى مستشفى في الخرطوم. ويشتبه في ان مرتكب الهجوم فصائل متمردة دمرت قاعدة الاتحاد الافريقي في جنوب شرق دارفور. وتم احراق مسجد ونهب العربات والاسلحة. وفي البداية كان هناك نحو 60 جنديا في عداد المفقودين لكن مازني قال إنه تم معرفة اماكنهم جميعا باستثناء جندي واحد.