قالت الحكومة السودانية انها «لن تقدم على تطبيع للعلاقات مع واشنطن، مجانا»، مشيرة الى انها تريد «التزامات بين الطرفين يتم الايفاء بها بشكل متواز»، فيما تحاول وزارة الخارجية السودانية، باتجاه آخر، نحو ترشيح ممثلين سودانيين للمفوضيات التابعة للاتحاد الافريقي، معتبرة ان «الاعتذار السابق لم يكن رسميا»، وتجرى الترتيبات في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا لعقد قمة افريقية في دورتها العادية بنهاية يناير (كانون الثاني) الحالي. واجرى مستشار الرئيس، مسؤول العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني مصطفى عثمان اسماعيل، مباحثات مع القائم بالأعمال الأميركي بالخرطوم البرتو فرنانديز تركزت على العقبات التي تعوق تطور علاقات البلدين والسبل الكفيلة بإزالتها، بجانب التعرف على وجهة نظر الحزب في قضايا اقليمية ودولية. واشترط اسماعيل وضع خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين السودان والولايات المتحدة، تشمل تحديد التزامات على الطرفين يتم الايفاء بها بالتوازي وفق مواقيت زمنية محددة، وشدد قائلا «على واشنطن ان تعلم ان الخرطوم لن تقدم شيئا بالمجان، بلا مقابل من الادارة الأميركية».
وقال اسماعيل في تصريحات صحافية، انه بحث مع البرتو بالتفصيل امكانية وضع خارطة طريق استراتيجية، أو وصفة تنبني عليها العلاقات بين الخرطوم وواشنطن. وقال «كل خطوة تتم من قبلنا، لا بد ان نحس بأن هناك خطوة مقابلة لها تمت من قبل الادارة الاميركية». وقال مستشار الرئيس ان «البداية الجادة لتحسين العلاقات، تتطلب الاتفاق على خطوات والتزامات على الطرفين، يتم اتخاذها في مواقيت محددة. واضاف ان السودان عمليا تقدم خطوات كبيرة تطالب بها واشنطن مثل تحقيق السلام، والعلاقات مع دول الجوار، والتطور الديمقراطي وممارسة الديمقراطية والتنمية، في وقت لم تتلمس الخرطوم فيه اية خطوات موازية من الولايات المتحدة، «بل بالعكس كل الذي نشهده مزيدا من العقوبات».
وقال ان القائم بالأعمال الأميركي، وفقا لتقدير اسماعيل، لديه اطروحات ايجابية، يمكن ان تشكل بالفعل خارطة طريق، اذا ما تم اعتمادها وتنفيذها من قبل الادارة الأميركية، الأمر الذي يشكل عربون ثقة، ويدفع علاقات البلدين للأمام. واشار اسماعيل الى ان الحكومة رصدت ان اميركا تبدل مسؤوليها، الذين يتم تعيينهم عندما يبدأون في تفهم حقيقة الأوضاع بالسودان وتقديم اطروحات عملية لمعالجة تلك الاوضاع، وذكر ان القائم بالأعمال الأميركي اتفق معه من حيث المبدأ على انه يمكن لهذه المطالب ان تشكل مشروعا لتحسن العلاقات، «لكن يبقى ما هي القضايا والالتزامات الاميركية تجاه السودان، حتى نستطيع تحديد الالتزامات التي يمكن ان نقوم بها».
من ناحية أخرى، قالت مصادر مطلعة إن وزارة الخارجية السودانية، أوفدت وكيل الوزارة الدكتور مطرف صديق بشكل عاجل الى العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، لسحب اعتذار كان قد تقدم به السودان عن الترشيح لرئاسة اية مفوضية من مفوضيات الاتحاد الافريقي، باعتبار ان الاعتذار كان غير رسمي، ومقدم من لجنة ليس من صلاحياتها القيام بالخطوة. وتجيء هذه التحركات السودانية مع اقتراب التئام القمة الافريقية باديس ابابا نهاية الشهر الجاري. وذكرت المصادر ان لجنة افريقية تقوم بدراسة أمر الترشحيات، ارسلت خطابا الى سفارة السودان في اديس أبابا وبصور من الخطاب الى سفارات الدول الاعضاء في الاتحاد، يتضمن اعتذار الخرطوم عن الترشح لأي منصب بسبب الظروف السياسية التي يمر بها. واكدت المصادر ان الخطوة افقدت السودان فرصة الترشح، خاصة ان سكرتارية القمة تسلمت ترشيحات المفوضيات ورئاسة الاتحاد الافريقي. يذكر ان زامبيا ترشحت لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، وتتجه مصر الى ترشيح وكيل وزارة خارجيتها لمنصب نائب رئيس المفوضية، وتقدمت كل من كينيا والجزائر لمنصب مفوضية السلم والأمن.
الى ذلك، قالت تقارير صحافية في الخرطوم، ان قيادات ميدانية من حركات دارفور المسلحة، وصلت العاصمة السودانية على متن طائرة اممية، وسط سياج من السرية. وذكرت التقارير ان هذه القيادات ستجرى مباحثات مع مسؤولين عسكريين وسياسيين في الحكومة لهم صلة بملف الأزمة فى الاقليم، وأشارت الى ان قادة ميدانيين زاروا الخرطوم سرا فى فترات سابقة فى مهمات مماثلة، ولكن التقارير لم تشأ ان تشير الى عدد القيادات والى اي فصيل ينتمون، وتتزامن هذه التقارير مع جولات مكوكية انجزها مبعوثين للامم المتحدة يان الياسون والاتحاد الافريقي سالم احمد سالم لتسريع مفاوضات سلام دارفور، وشملت الجولات الفصائل في الميدان في دارفور، والمسؤولين في الخرطوم.
من جهة ثانية ناشد اتحاد ابناء دارفور في المملكة المتحدة وآيرلندا، رئيس دولة الامارات العربية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالتدخل لاطلاق سراح معتقلين من ابناء الاقليم في دبي او تقديمهم للمحاكمة. وسلم اتحاد ابناء دارفور سفارة دولة الامارات في لندن، خلال مظاهرة مذكرة تطالب الشيخ خليفة بإطلاق سراح كل من ابكر علي ادم والصادق صديق عبد الله المعتقلين منذ سبتمبر (ايلول) الماضي. وقال الاتحاد في مذكرته تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منها، ان عبد الله لم يكن مقيماً في دولة الامارات، وانما دخلها عابراً، وتم اعتقاله من دون توجيه اتهام له.
واشار الاتحاد الى ان الامارات، ابعدت من قبل ستة من ابناء دارفور، بعد اعتقالهم لشهر كامل، واعتبرت ان الحكومة الاماراتية آثرت الوقوف الى جانب الحكومة السودانية، في توصيف قضية الاقليم بأنها بين العرب والأفارقة، وناشدت المذكرة الإمارات الى الوقوف الى جانب شعب دارفور في ازمته.
وقال الأمين العام للاتحاد نورالدائم محمد احمد لـ«الشرق الاوسط» ان ابناء دارفور يكنون الاحترام لدولة الإمارات حكومة وشعبا، متهماً الحكومة السودانية بإثارة الفتنة بين دبي وابناء الاقليم المقيمين فيها، مشيراً الى ان الاتحاد ينوي ارسال وفد الى الامارات للقاء المسؤولين الاماراتيين الى جانب تحركات مع الجامعة العربية ومنظمات حقوق الانسان، لتوصل ما سماه بالظلم الواقع على ابناء دارفور المقيمين في دولة الامارات العربية المتحدة.