هدد الرئيس التشادي ادريس دبي أمس، في انجامينا بمطاردة وضرب المتمردين التشاديين «داخل السودان»، متهما الخرطوم مجددا بالوقوف وراء «خطة لزعزعة استقرار تشاد»، كما اعلن انه يبحث في امكانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الخرطوم. وفي المقابل أعلن معارض تشادي في العاصمة السودانية أمس، ان انجامينا حشدت جيشها ومجموعات حركات دارفور مدعومة بـ63 سيارة لاندكروزر بغرض الهجوم على منطقة كلبس السودانية على الحدود مع تشاد.
وقال الرئيس التشادي خلال «مسيرة تأييد» لنظامه في العاصمة التشادية «لا وجود لأي مرتزقة (الصفة التي تطلقها انجامينا على المتمردين) على الاراضي التشادية». وأضاف دبي الذي كان يتحدث امام مئات الاشخاص «سنقضي عليهم في أوكارهم داخل السودان». وتابع «ستنقض قواتنا عليهم داخل السودان. سنسحقهم داخل السودان».
وتحدث عن المتمردين المناهضين له والذين تحالفوا في منتصف ديسمبر (كانون الاول) قائلا «للاسف هؤلاء التشاديون الذي يتم التلاعب بهم، لم يفهموا شيئا.. فليتخلوا عن السلاح وليعودوا الى البلاد، هذا ما انصحهم به». ودارت معارك عنيفة من 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الى الرابع من ديسمبر بين الجيش التشادي وحركات التمرد الرئيسية في شرق تشاد، مما ادى الى سقوط اتفاق السلام الموقع في 25 أكتوبر (تشرين الاول) في سرت في ليبيا.
والاسبوع الماضي اتهمت انجامينا الخرطوم بالتحضير لـ«عدوان جديد» على تشاد لمنع نشر قوة للاتحاد الاوروبي (يوفور) في شرق تشاد ومهمة كبيرة للاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور في غرب السودان. واكدت وزارة الخارجية السودانية بعد ذلك ان الجيش التشادي تجاوز الحدود المشتركة في 28 ديسمبر، وان ثلاثا من طائراته «قصفت» مناطق في دارفور.
واستهجنت انجامينا هذه الاتهامات. لكن مصادر عسكرية تشادية، فضلا عن مراقبين، اكدوا أمس لوكالة الصحافة الفرنسية، ان عمليات القصف هذه حصلت. وخلال «مظاهرة» امس طالبت «مذكرات دعم» لدبي الرئيس التشادي، بقطع العلاقات مع السودان. ورد رئيس البلاد قائلا «الحكومة ستبحث قريبا جدا.. في هذا الطلب». واتهم نظيره السوداني عمر البشير بالسعي الى «فرض عقيدة في تشاد وفي المنطقة، تستند الى الارهاب والاسلام الجهادي»، مؤكدا ان «خطة زعزعة استقرار تشاد لن تنجح».
من جهته قال وزير الداخلية والأمن العام التشادي احمد محمد باشر، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، ان اجهزة حكومته رصدت تجهيزات في المناطق الحدودية مع السودان للمرتزقة، لشن هجوم على اراضي تشاد في الايام القليلة القادمة، لتغيير نظام الحكم فيها، واضاف «هذه هي المرة السادسة التي يعتدي فيها السودان علينا، لكن سنتغدى بهم قبل ان يتعشوا بنا»، وقال ان القوانين الدولية، تكفل لهم حق مطاردة المعتدين داخل اراضي الدولة التي اتوا منها، نافياً ضلوع بلاده بالتدخل في الشؤون السودانية. وتابع «هل سمعتم بأن حكومتنا جهزت معارضين سودانيين لزعزعة الاستقرار في السودان؟ لم يحدث هذا، بل السودان هو من يكرر الاعتداء علينا».
وأكد باشر ان الجيش التشادي في كامل استعداده لمواجهة القوات السودانية، التي قال ان وزير دفاع السودان وعد بغزو تشاد. واضاف «نحن سنواجه اي قوة تدخل اراضينا سواء كانت من السودان أو من غيره»، وطالب الخرطوم بالاعتراف بتدخلها في شؤون انجامينا لتغيير النظام فيها، وقال «اذا اعترفت الحكومة السودانية بأنها تتدخل في شؤون تشاد عندئذ يمكن الجلوس معها عبر وسيط اقليمي او دولي في طاولة مفاوضات لحل الأزمة»، لكنه عاد وقال «ما نراه.. يبدو بعيد المنال.. فالخرطوم تعد الآن هجوماً علينا بتزويد المرتزقة بالسيارات ذات الدفع الرباعي والأسلحة الثقلية لضرب بلادنا وزعزعة الاستقرار فيها»، مشيراً الى بلاده في حالة دفاع عن نفسها.
وقال «هذا ما قالته الشريعة الاسلامية والشرعية الدولية، لم ولن نرضى بالتدخل في اراضينا وسيقاتل جميع الشعب التشادي لأجل ذلك»، معتبراً شكوى السودان ضد بلاده في مجلس الامن الدولي، ذرا للرماد في العيون، وقال «نحن تقدمنا بشكوى لمجلس الدولي قبل السودان، وما تقدموا به عبارة عن لغة طيور»، واضاف ان «البشير وزمرته يسعون لعمل المستحيل لزعزعة الاستقرار، وايقاف نشر القوات الأوروبية في الحدود التشادية لحماية اللاجئين من دارفور. وتابع «قواتنا يصعب عليها حماية اكثر من 200 الف لاجئ في اراضينا، الى جانب تأمين الشعب التشادي في نفس الوقت، ولذلك طلبنا قوات اوروبية، وسيتم نشرها قريباً».
ونقل مركز اخباري مقرب من الحكومة السودانية، عن المعارض التشادي حسن جيرمي، ان الحكومة التشادية حشدت قواتها إلى جانب مجموعات تتبع للحركات المسلحة في دارفور، مدعومة بـ63 سيارة لاندكروزر بغرض الهجوم على منطقة كلبس بولاية غرب. وقال جيرمي وهو المتحدث باسم تحالف المعارضة التشادية، إن الهدف من تنفيذ الهجوم جرّ السودان إلى صراع إقليمي، تتدخل بموجبه فرنسا إلى جانب تشاد، حسب اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين البلدين. واضاف أن القوات الفرنسية جهزت قوة بكامل عتادها بجانب 3 طائرات للمساعدة، والتدخل في حال اندلاع القتال بين البلدين.
من جهة ثانية نفى الجيش السوداني، استيلاء حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور، على منطقة «بير دقيق» الواقعة على بعد 17 كيلومترا من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. وقال مدير مكتب الناطق الرسمي المقدم الصوارمي خالد سعد في تصريحات، إن الحركة لم تحتل أي موقع، وشدد على أن مدينة الجنينة آمنة، ولم تقترب منها حركة العدل والمساواة. وكانت الحركة العدل والمساواة أعلنت السيطرة على معسكر الجيش في البلدة، وقال إن عددا من جنود الجيش السوداني، انضموا إلى الحركة، الأمر الذي نفاه الصوارمي تماما.
صور متعلقة