ردت الحكومة السودانية، أمس، بغضب على تقرير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي اتهم ميليشيات تابعة للحكومة بارتكاب انتهاكات في جنوب دارفور يمكن أن تمثل جرائم حرب، واعتبرت ما ورد في التقرير «كذباً وافتراء». وفي وقت اندلعت أمس تظاهرات في مخيم للنازحين احتجاجاً على اقتحام الشرطة المخيم ما أدي الى مقتل شخصين، أجرى كبير وسطاء الاتحاد الافريقي للسلام في دارفور سالم أحمد سالم مشاورات مع المسؤولين في الخرطوم من أجل تحديد موعد قاطع للمحادثات بين الحكومة والمتمردين يتوقع أن تجرى في منتصف تشرين الأول (اكتوبر) المقبل.
واتهم مكتب حقوق الانسان في الامم المتحدة قوات الدفاع الشعبي المتحالفة مع الجيش وفصيل أبو القاسم إمام بارتكاب أعمال خطف واغتصاب جماعي للنساء والفتيات في دارفور، ورأى أنها يمكن أن تمثل جرائم حرب.
ودعا المكتب في أحدث تقرير استند الى شهادات للضحايا والشهود، الحكومة إلى اجراء تحقيق في تقارير أفادت بأن حوالي 50 امرأة أخضعن «لعبودية جنسية» بعد هجوم على بلدة دريبات في منطقة جبل مرة بولاية جنوب دارفور في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقال التقرير الذي أعده مكتب المفوضة العليا لحقوق الانسان لويز أربور ان المخطوفات ومن بينهن بنات صغيرات كثيرات احتجزن لمدة شهر تقريباً وتعرضن للضرب والاغتصاب مراراً، وغالباً أمام بعضهن.
وحمّل الحكومة السودانية مسؤولية الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدفاع الشعبي وفصيل أبو hالقاسم إمام، وذكر تقرير ثلاثة أشخاص بالاسم كشركاء محتملين في المسؤولية الجنائية في قيادة الهجمات على دريبات والخطف والاستغلال الجنسي. وأضاف أن الضحايا في دريبات الذين جاؤوا أساساً من قبيلة الفور ربما استهدفوا لأن الفور في منطقة جبل مرة يعتبرون متعاطفين مع متمردي «حركة تحرير السودان» بزعامة عبدالواحد محمد نور.
لكن وزير العدل السوداني محمد علي المرضي وصف ما جاء في التقرير بالكذب والافتراء، موضحاً أن مجلس حقوق الإنسان يعمل على تحقيق أهداف سياسية. واعتبر أن كل التقارير عن الابادة والاغتصاب الجماعي «تافهة ومدفوعة بالحقد»، وانها تنفذ سياسات دول أخرى كالولايات المتحدة ضد بلاده.
وفي تطور ذي صلة اندلعت مس تظاهرات في مخيم «كلمة» للنازحين في جنوب دارفور احتجاجاً على اقتحام الشرطة المخيم أول من أمس أدى إلى مقتل شخصين واعتقال عدد من المطلوبين.
وقال الناطق باسم النازحين في مخيم كلمة حسن ابو الشراتي إن هناك تنسيقاً بين النازحين في المخيمات لمواصلة التظاهرات الى حين وقف «الانتهاكات المستمرة».
وكانت شرطة ولاية جنوب دارفور اقتحمت المخيم أول من أمس، وقال مسؤول الشرطة في الولاية اللواء عمر محمد علي ان القوة التي دهمت المخيم اعتقلت 19 مطلوباً متهمين باستهداف مركزين للشرطة الأسبوع الماضي ما أدى إلى مقتل إثنين من رجاله، لافتاً الى انه تم العثور في اثناء المداهمة على خمس قطع من الأسلحة المختلفة وكميات من الحشيشة.
ونقلت وكالة «فرانس برس» من نيروبي عن نوري عبدالله، أحد الناطقين باسم «حركة تحرير السودان: ان «القوات الحكومية السودانية هاجمت مساء الاثنين مخيم كلمة (جنوب دارفور) بنحو 35 سيارة رباعية الدفع و1500 رجل». وأضاف في اتصال هاتفي من كمبالا: «قتل خمسة أشخاص منهم طفلان خلال ذلك الهجوم واعتقل نحو اربعين متمرداً». ولم يؤكد اي مصدر مستقل تلك الحصيلة.
إلى ذلك، دخل كبير وسطاء الاتحاد الأفريقي للسلام في دارفور سالم أحمد سالم في مشاورات مع المسؤولين فى الخرطوم من أجل تحديد موعد قاطع للمحادثات بين الحكومة والمتمردين، واجتمع امس مع وزير الخارجية الدكتور لام اكول ومدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق صلاح عبدالله على ان يلتقي اليوم نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه والسبت الرئيس عمر البشير قبل أن يطير الى دارفور الأحد.
ودعا سالم الأطراف إلى التزام وقف اطلاق النار والعدائيات، وشدد على ان القوات الافريقية كافية لتغطية القوة الهجين المقترحة.
ورأى أكول ان المشكلة التي تواجة عملية السلام فى دارفور تعدد الحركات المسلحة وعدم مشاركة زعيم «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور في اجتماعات اروشا (تنزانيا) بسبب الاشارات السلبية من بعض الدول الغربية.
على صعيد آخر (رويترز) قال صحافيون إن الحكومة منعت أربع صحف في البلاد من نشر تقارير عن شأن مؤامرة تم احباطها كانت تهدف لمهاجمة مصالح أميركية وبريطانية وفرنسية وأخرى تابعة للأمم المتحدة في الخرطوم.
ولم تصدر صحيفة «رأي الشعب» لليوم الثاني بعد تدخل قوات الأمن لدى المطابع أمس. وقال أشرف محمد من الصحيفة اليومية المرتبطة بالزعيم المعارض حسن الترابي ان السلطات طلبت حذف بعض المقالات وان مسؤولي الصحيفة قالوا انهم سيتركون أماكن تلك المقالات خالياً غير أنها رفضت ومن ثم منعت طبع الصحيفة.
وقالت صحيفة «السوداني» انها من بين ثلاث صحف مستقلة استهدفت أيضاً في الوقت الذي سمح فيه لصحف تعتبر مؤيدة للحكومة بنشر التعليقات نفسها على لسان مسؤولين حكوميين في شأن المؤامرة التي كانت تستهدف تفجير مصالح غربية في الخرطوم.
وخضعت صحيفتا «الصحافة» و «الايام» المستقلتان للرقابة أيضاً.
و في نيويورك (ا ف ب)، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير إلى مجلس الأمن نُشر الاربعاء عن قلقه لتأخر تطبيق اتفاق السلام في جنوب السودان، داعياً الأطراف المعنيين الى مضاعفة جهودهم في هذا الصدد.
ولاحظ ان «موعد التاسع من تموز (يوليو) 2007 الذي يفترض ان تتم فيه اعادة نشر القوات المسلحة السودانية شمال حدود 1956 (بين شمال السودان وجنوبه)، لم يتم احترامه». ودعا القوات المسلحة السودانية الى «أن تسحب فوراً من جنوب السودان جميع العناصر العسكرية النظامية الذين لا يزالون هناك باستثناء اولئك المنتشرين ضمن وحدات مختلطة مندمجة».