وجه المشاركون في اجتماع دولي حول دارفور عقد في مقر الامم المتحدة بنيويورك، دعوة الى كافة المجموعات المتمردة في الاقليم السوداني المضطرب، للمشاركة في محادثات السلام السودانية المقررة في 27 اكتوبر (تشرين الاول) في طرابلس بليبيا، تحت طائلة فرض عقوبات عليها.
وجاء في بيان مشترك للاتحاد الافريقي والامم المتحدة في ختام اجتماع وزاري شارك فيه ثلاثون بلدا بينها السعودية ومصر والدول الخمس دائمة العضوية، إضافة إلى السودان والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، انهما وجها دعوة الى كافة الاطراف للانضمام الى العملية السياسية والاستعداد للمفاوضات في ليبيا». واضاف البيان ان «المشاركين اكدوا دعمهم لهذه المحادثات وذكروا انهم يريدون ان تكون هذه المحادثات حاسمة».
وعقد الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية ورأسه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الفا عمر كونار واستغرق أكثر من ثلاث ساعات. وقد كشف عن خلافات بين الاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية من جهة والأمم المتحدة من جهة أخرى حول مدى مشاركة دول من خارج القارة الأفريقية بقوات لحفظ السلام في دارفور. وبالرغم من الخلاف الذي لم يظهر بحدة غير أن الدول المشاركة في الاجتماع قد اتفقت على أهمية المشاركة في محادثات طرابلس مع التهديد بفرض عقوبات على أي فصيل من فصائل المتمردين لم يشارك في المحادثات.
فوزير خارجية السودان لام اكول الذي وصف الاجتماع بالناجح، غير أنه شدد قائلا «إن أي طرف لم يشارك في محادثات طرابلس أو يعرقل عملية السلام في دارفور سوف يواجه بإجراءات عقابية». وقد أيد نفس الموقف وكيل وزير الخارجية الأميركي جون نيغروبونتي قائلا «إن هؤلاء المتمردين الذين لم يشاركوا أو يرفضوا الذهاب إلى طرابلس سوف يواجهون العقوبات». وشدد نيغروبونتي على القول «في عدم الذهاب إلى طرابلس سوف لن يكون هناك وقف لإطلاق النار»، وأضاف «نحن مستعدون لفرض عقوبات وفكرة العقوبات يجب ألا تقتصر على الحكومة (السودانية) وحدها بل لها صلة بزعماء الجماعات المتمردة».
ومن أجل أن يضفي أهمية لمحادثات طرابلس أكد وكيل وزير الخارجية الأميركي على حضور اندريو ناسيوس مبعوث الرئيس جورج بوش إلى دارفور للمشاركة في محادثات طرابلس. وجاء التأكيد على أهمية محادثات طرابلس كرسالة موجهة إلى أحمد عبد الشافي زعيم حركة تحرير السودان الذي طالب يوم الخميس الماضي بتأجيل محادثات طرابلس. واشترط وقف الأعمال العكسرية في دارفور قبل المشاركة في اجتماع ليبيا. ويهدف اجتماع طرابلس إلى توسيع اتفاقية السلام بشأن دارفور الذي وقع في ابوجا بنيجيريا في مايو (أيار) 2006 بين الخرطوم وزعماء حركات التمرد في دارفور، لكي تشمل الفصائل التي لم توقع على الاتفاقية. ومن جهة أخرى شجب وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي شارك في الاجتماع، موقف زعيم التمرد في دارفور عبد الواحد محمد نور الذي انفصل عن حركة تحرير السودان والذي رفض المشاركة في محادثات السلام مع الخرطوم في طرابلس. واشترط نور الذي يقيم في العاصمة الفرنسية باريس نشر القوات الدولية في دارفور وتأمين الوضع الأمني لسكان الإقليم قبل المشاركة في عملية السلام.
وذكر كوشنر أنه يتمتع بعلاقة جيدة مع عبد الواحد محمد نور وأوضح وزير الخارجية الفرنسي قائلا إن «نور لا يريد الذهاب إلى طرابلس وأن فرنسا لا تستطيع طرده من أراضيها» وأكد كوشنير أنه على خلاف مع نور حول موقفه المتشدد وقال «لقد قلت له هذا أكثر من الف مرة». الى ذلك عبرت الحركات الرافضة لاتفاق ابوجا عن استيائها، واعتبرته تكرارا لمناخ المفاوضات السابقة في ابوجا وفشلا للمجتمع الدولي في الضغط على الخرطوم. ووصف رئيس احدى فصائل تحرير السودان احمد عبد الشافي لـ«الشرق الاوسط» التهديدات بانها غير موفقة، وقال «كان الأجدر للمجتمعين في نيويورك النظر للتحفظات التي ابدتها الحركات تجاه العملية السياسية بدلاً من الحديث عن عقوبات وتهديدات عليها».
من جهته اكد الناطق الرسمي في حركة العدل والمساواة احمد حسين لـ«الشرق الاوسط» مشاركة حركته في مفاوضات طرابلس، لكنه قال ان الوضع على الارض لم يتغير، محملاً الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المسؤولية. واضاف ان «المشكلة في الاتحاد الافريقي اولاً وفي مقدمتهم رئيس مفوضيته الفا عمر كوناري لعدم تهيئة المناخ وبناء الثقة». فيما جدد رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور رفضه الذهاب الى مفاوضات طرابلس دون تحقيق شروطه بنشر القوات الدولية وتحقيق الامن للمدنيين وطرد من وصفهم بالمستوطنين الجدد من دول افريقية على ارض دارفور ونزع سلاح الجنجويد، وقال ان «زمان ومكان التفاوض محل نزاع»، واضاف «بالطبع لن تكون طرابلس مكاناً جيداً للمفاوضات»، معتبراً التهديد بفرض عقوبات عليه تكرار لتهديدات مفاوضات ابوجا.
وعلى صعيد آخر فان الاجتماع الذي يهدف إلى الإسراع في نشر قوات الاتحاد الأفريقي مع قوات الأمم المتحدة (القوات الهجين/ المختلطة) قد كشف عن خلافات بين الاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية من جهة والأمم المتحدة من جهة أخرى. وقد أكد وزير الخارجية السوداني لام اكول قائلا «إن الدول الأفريقية قد عرضت ما يكفي من قوات لحفظ السلام لنشرها في دارفور»، وأوضح أن «الدول الأفريقية قد عرضت قوات وربما سنرفض البعض منها»، وشدد على عدم الحاجة لقوات من خارج القارة الأفريقية خصوصا من دول مثل تايلاند وارغواي. وذكر أن الدول الأفريقية قد عرضت المساهمة بقوات تصل إلى نسبة 190 مما هو مطلوب، وقال «لذلك ليس هناك أية مشكلة من هذا الجانب وما تحتاجه هذه القوات هو الدعم اللوجستي والتمويل».
وقبل بدء الاجتماع الوزاري أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من عدم مشاركة قوات من دول من خارج القارة الأفريقية وعلى لسان وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان ماري غوينيو الذي أكد على حاجة القوات الأفريقية إلى وحدات مختصة بالطيران والنقل والدعم اللوجستي من خارج القارة. وحاول الوفد الأميركي التقليل من حدة هذا الخلاف، وقال وكيل وزير الخارجية الأميركي جون نيغروبونتي «إن بعض الدول غير الأفريقية من الممكن أن تساهم مساهمة مفيدة وهذا سوف لن يؤثر على مبدأ سيطرة القوة الأفريقية». وبدوره حاول الأمين العام بان كي مون التخفيف من حدة هذا الخلاف وقال «من الممكن حل الجوانب التقنية بالوسائل الفنية» في حين أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الفا عمر كونار قائلا «لدينا عروض كافية على كل الجهات وسوف يخضع هذا الأمر للتقييم».