أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة موازنة نشر قوة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور تتألف من 26 ألف عنصر بكلفة 1.2 بليون دولار، وأمرت بالتحقيق في تعاقد الأمانة العامة للمنظمة الدولية مع شركة «لوكهيد» الأميركية لإنشاء البنية التحتية للقوة المشتركة من دون فتح الباب أمام عطاءات تنافسية. ويستعد شريكا الحكم السوداني لإجراء تعديل في مجلس الوزراء يُنتظر إعلانه نهاية الأسبوع.
ورافق إقرار موازنة القوة المشتركة جدلاً، إذ طالبت دول مانحة بخفض الموازنة بنحو 50 في المئة من المبلغ المطلوب الذي قدرته اللجنة الخامسة في الجمعية بـ1.4 بليون دولار. ورأت أن الموازنة «مترهلة ومتضخمة وغير واقعية»، لكن المناقشات انتهت بتخصيص 1.2 بليون دولار بتخفيض 200 مليون دولار، وطالبت دول مانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، المنظمة الدولية بـ «الاستخدام الأمثل» لهذه الموارد.
وحسب مندوب السودان في الأمم المتحدة السفير عبدالمحمود عبدالحليم، فإن الجلسات شهدت مناقشات ساخنة، تجلت في تمديدها أربعة ايام بعدما كان مقرراً لها أن تنتهي الثلثاء الماضي.
وأعربت الجمعية العامة للمنظمة الدولية عن قلقها إزاء منح شركة «لوكهيد» الأميركية صفقة إنشاء مخيمات وبنية تحتية للبعثة المشتركة في دارفور من دون منافسة. وطالب ممثلو بعض الدول الأمانة العامة بمراجعة الخطوة والالتزام بالقواعد المالية للأمم المتحدة. ووجهت الجمعية العامة قسم المراجعة الداخلية بالتحقيق في إجراءات منح العطاء للشركة الأميركية.
واعتبر عبدالمحمود أن اتهام حكومته بعرقلة نشر قوة مشتركة في دارفور «كان الهدف منه صرف الأنظار عن تجاوز الأمانة العامة للأمم المتحدة نظمها، ومنحها شركة أميركية صفقة بمبلغ 250 مليون دولار لإنشاء مخيمات وبنية للقوة المشتركة من دون منافسة».
وأعلن مسؤول سوداني استعداد حكومته لقبول دعم فني من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لعملية حفظ السلام الدولية في دارفور، لكنه أكد أن أولوية توفير الجنود هي للدول الإفريقية ثم الآسيوية. وقال وكيل الخارجية السودانية مطرف صديق في تصريح إن حكومته أكملت ترتيباتها استعداداً لنشر القوة المشتركة في دارفور «وأنجزت ما عليها من تجهيزات وواجبات والتزامات، وفق ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن صديق قوله إن الأولوية للمشاركة في القوة المشتركة للدول الإفريقية «وإذا عجزت عن الوفاء بالمطلوب، فالأولوية للدول الآسيوية، وهى قادرة على المطلوب. لكن إذا لم تتوفر القوات لأي سبب من الأسباب، فسيتم البحث عن البدائل الأخرى في الإطار المشترك بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة بحيث لا تثير أي شكوك أو مخاوف».
وقال صديق إن هناك دولاً يمكن أن تساعد في مجالات أخرى، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة ساعدت في نقل القوات وفي العملية الإنسانية وتساعد في العملية السياسية. وأضاف: «لا يوجد حظر على دور أميركا في مساعدة السودان في مجالات النقل والدعم الإنساني والسياسي»، لكنه شدد على أن الأولوية في توفير الجنود «ليست لأميركا أو الدول الأوروبية». واستبعد أن تنتقل مهمة حفظ السلام إلى القوة المشتركة بنهاية العام الجاري وفق قرار مجلس الأمن، وعزا السبب في التأخير إلى أن «هياكل ونظم العملية لم تكتمل حتى الآن».
وينص قرار مجلس الأمن الرقم 1769 على أن تتحول مهمة حفظ السلام في دارفور من قوات الاتحاد الأفريقي إلى قوة أممية – أفريقية تتألف من 26 ألف عنصر، بداية من مطلع العام الجديد. غير أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن قبل أسبوعين أن المروحيات المطلوبة للعملية لم تتوفر بعد.
من جهة أخرى، يُنتظر أن يتسلم الرئيس عمر البشير خلال اليومين المقبلين من نائبه الأول رئيس حكومة إقليم جنوب السودان سلفاكير ميارديت لائحة بأسماء ممثلي «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي يتزعمها، في الحكومة الاتحادية، بعد تجاوز الطرفين أزمة في تنفيذ بنود مهمة من اتفاق السلام دفعت المتمردين السابقين إلى تعليق مشاركتهم في مجلس الوزراء أكثر من شهرين. وسيؤدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية الخميس المقبل.
وقال الأمين العام لـ «الحركة الشعبية» باقان أموم إن سلفاكير أكمل مشاوراته في شأن التعديلات التي أدخلها على لائحة منسوبي حركته في الحكومة، موضحاً أنها ليست كبيرة. ولفت إلى أن معظم المرشحين في اللائحة السابقة سيظلون في الجديدة، خصوصا دينق ألور للخارجية وكوستى مانيب للاستثمار وجيمس كوك للشؤون الإنسانية.
وسيغيب من اللائحة وزراء آخرون منهم مالك عقار الذي عين حاكماً لولاية النيل الأزرق، وكوال مجانق الذي انتقل حاكماً لولاية جونقلي، كما سترشح وجوه جديدة بدل وزيري الدولة للعدل تيلارا دينق والزراعة أليو أجانق اللذين فُصلا من «الحركة الشعبية». وأضاف أموم أن «الحركة الشعبية» و «حزب المؤتمر الوطني» شرعاً في تنفيذ ما تضمنته «مصفوفة» شملت جدولاً زمنياً وإجراءات لترجمة ما اتفقا عليه إلى جانب قرارات مؤسسة الرئاسة الأخيرة، مبيناً أن اجتماعاً بين الشريكين سيعقد الخميس المقبل لاستكمال المشاورات الخاصة بترميم العلاقات بينهما عقب تجاوز الأزمة أخيراً، مؤكداً عزمهما على تطبيق ما اتفقا عليه بنهاية الشهر الجاري.
وعُلم أن «المؤتمر الوطني» فوّض البشير لإجراء تعديل محدود في وزراء الحزب يُتوقع أن يشمل وزارات الداخلية والثقافة والشباب والعدل والحكم الاتحادي. ويشغل الحزب 52 في المئة من مقاعد مجلس الوزراء، بينما لـ «الحركة الشعبية» 28 في المئة، وبقية القوى السياسية الصغيرة 20 في المئة، حسب اتفاق السلام.
في غضون ذلك، اصطدمت أمس طائرتان تابعتان للخطوط الجوية السعودية والمصرية في مدرج مطار الخرطوم من دون وقوع خسائر أو ضحايا. وقال مدير مطار الخرطوم الفريق يوسف إبراهيم في تصريح صحافي إن الحادث وقع حين ارتطمت الطائرة المصرية المتجهة إلى القاهرة التي كانت تستعد للإقلاع بالطائرة السعودية التي هبطت في المطار عقب مغادرة جميع ركابها من الحجاج العائدين من الأراضي المقدسة. واصطدم جناح الطائرة المصرية عند تحركها استعداداً للإقلاع بمؤخرة الطائرة السعودية. واضاف أن الحادث لم يسفر عن وقوع إصابات، موضحاً أن لجنة تحقيق شُكلت للنظر في ملابساته، كما حجزت الطائرتان لحين التأكد من صلاحيتهما، واستؤنفت حركة الطيران فى المطار بصورة عادية.