فاروق أبو عيسى: لاحظنا بانزعاج شديد ملاحقة المواطنين على أساس اللون
مني أركو مناوي: على السلطات أن تتحرك نحو الفاعل والابتعاد عن الأبرياء
ياسر عرمان: الهجمة بدأت قبل 10 مايو وبدأت بالصحافة لأن هناك قوى تتضايق من الحريات
الحاج وراق: لو وجدت حرية تعبير لما حدثت أزمة دارفور
ما أشبه الليلة بالبارحة..ففي عام 1976م وبعد الأحداث التي صاحبت المحاولة الانقلابية المعروفة بانقلاب محمد نور سعد في ذاك الوقت اطلقت أجهزة الإعلام والأمن على تلك اوقائع أحداث المرتزقة, وقد شملت حملات الأجهزة الأمنية كل ابناء دارفور من بائعي السجائر والعمال وتمت ملاحقتهم وقتل بعضهم خارج نطاق القانون في جريمة كانت طابعها الانتقام من ابناء دارفور وكان وصفهم بالمرتزقة هي جريمة أخرى. وبعد 32 عاماً جاءت أحداث السبت 10/مايو فكان لابناء دارفور النصيب الأكبر من الاعتقالات والملاحقات.. فإذا كان الشكل واللون يوحي بأنك من ابناء دارفور فقد يتم القبض عليك مباشرة وعلى الهوية..
الهيئة الوطنية للحماية والدفاع عن المتأثرين بأحداث 10 مايو تناولت هذه الأحداث من خلال المؤتمر الذي استضافته صحيفة (أجراس الحرية) تحدث فيه القانونيون والسياسيون على حد سواء.
قال.. فاروق أبوعيسى: ما دعانا للتلاقي هو ردة فعل الأجهزة الأمنية وتعبئة المتنفذين في السلطة ضد نوع خاص من المواطنين وذلك بملاحقتهم وتعذيبهم, وأضاف بأن الشئ الملاحظ هو تصريحات المسؤولين في الدولة ودعوتهم للمواطنين بملاحقة كل من ينتمي لحركة العدل والمساواة وأشار الى انهم لاحظوا بانزعاج شديد ملاحقة المواطنين على أساس اللون والسحنة. قائلاً: لقد سمعنا وقرأنا أن مسؤولين في الدولة وعبر وسائل الاعلام يتحدثون بأن جهاز الأمن لن يتقيد بأي حال من الأحوال بوظيفته في الدستور وانه سوف يضرب بيد من حديد، وهذا مخالف لقانون الأمن الوطني الوارد في المادة 151 من دستور السودان.
وأضاف: نحن نعمل من أجل حماية الدستور وهم يعملون من أجل انتهاك الدستور.
من جانب آخر أكد بأن من مهام الهيئة الوطنية للحماية والدفاع عن المتأثرين بأحداث 10 مايو هو العمل مع كل المسؤولين وفي كل الأحزاب لنقف ضد الحملة العمياء التي تنتهك حقوق الانسان والحريات الديمقراطية حرصاً منا على حماية النسيج الاجتماعي, وبرفض هذه الحملة الجائرة ـ كما رأينا أنه واجب مقدس ستتلوه التزامات يقوم بها المحامون في الدفاع عن كل شخص يقدم للمحكمة والمطالبة من أجهزة النيابة العامة بالاسراع في تقديم المتهمين مع الالتزام بالقانون وحماية الدستور.
واتفق كبير مساعدي رئيس الجمهورية مني أركو مناوي مع فاروق أبوعيسى قائلاً : (القبض على الأبرياء الذين ليست لديهم أية صلة بما حدث هو عمل مرفوض من قبل أجهزة الأمن وعلى السلطات ان تتحرك باتجاه الفاعل بدلاً من القبض على الأبرياء), وقال برغم تصريحات المسؤولين بانهم لا يستهدفون جهة ما فان الفعل يكذب ذلك. ويضيف بأن هنالك الكثيرين من أبناء دارفور مفقودين وان البعض الآخر ممتلكاتهم صودرت منهم بحجج واهية من ضمنا لواري كانت واقفة أمام بيوت أصحابها أخذت والآن ظهرت في المعرض.
ويقول السيد مني (نحن محتاجين بأن يكون السجل الاجتماعي لأهل السودان نظيفاً ونحن لا نطالب او ندافع عن الذين يثبت تورطهم في هذه الأحداث بل نحن نطالب من أجل حماية الأبرياء الذين لا ذنب لهم، محذراً من أن هذه الأعمال سوف تغذي الحساسيات وقد تحل اشياء أخرى من جراء الغبن، ومشكلة أبيي ودارفور حدثت نتيجة الغبن الذي يعبر عنه الفرد في صور وأشياء أخرى.
من جانب آخر قال كبير مستشاري رئيس الجمهورية، تم تشكيل لجنة برئاسة الأخ يعقوب الملك, وأي مواطن لديه شكوى تتعلق بالقبض الانتقائي, عليه تقديم شكواه، وأشار الى انهم على مسعى تام مع السلطات لمعرفة حقائق الأمور.
وقال حول التصريحات الصادرة من بعض المسؤولين باطلاق يد الأمن (هذه التصريحات توقع المزيد من الابرياء دون أن يكون لهم صلة بتلك الأحداث).
وأكد على حل هذه المشاكل والعمل على منع تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل وذلك بتطبيق اتفاق سلام دارفور بدلاً من الالتفاف حول الاتفاقية وبدلاً من اضعاف الموقعين عليها. ولفت مناوي النظر عبر إفادته في المؤتمر الصحفي ليقول بأن إقامة المشاريع التنموية في دارفور يمتص جزءاً كبيراً من طاقة الشباب التي تذهب باتجاه الحروبات وحركات التمرد. واختتم حديثه: نحن معكم في السعي لايجاد الحل والسعي من أجل الحق والدفاع عن المتأثرين والبحث عن المفقودين.
من جانب آخر انضم الى المؤتمر ياسر سعيد عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية قائلاً (ما يحدث اليوم ومنذ اليوم الأول للأحداث كانت قيادة الحركة الشعبية قد حذرت من أن تستغل هذه الاحداث كذريعة للقفز والهجوم على الحقوق، وان الحركة الشعبية نبهت الحكومة بأن لا تستغل هذه الأحداث وتحولها الى حملة ذات طابع إثني). وأكد قائلاً (بالفعل ما يحدث الآن هو هجوم ذا طابع اثني وهذا طابع موروث من قبل في سنوات 1955ـ 1966 ـ1976م وهذه الحملة مماثلة لتلك الحملات التي سبقتها.
وأشار الى أن النائب الأول لرئيس الجمهورية حذر من مغبة أي هجوم إثني تقوم به السلطات الأمنية.
من جانب آخر قال ياسر عرمان بأن الهجمة بدأت قبل 10 مايو وقد بدأت بالصحافة لأن هناك قوى تتضايق من الحريات، والهجمة هذه خرقت الدستور والاتفاقية، وقال بأن أجهزة الأمن اليوم برزت لها أنياب ودخلت في الصراع السياسي, على الحكومة ان لا تعاقب ابناء وبنات دارفور بجرائم لم يرتكبوها.. ولا تزر وازرة وزر أخرى.
ويتفق ابراهيم الأمين من حزب الأمة القومي مع المتحدثين قائلاً (نحن نرفض استغلال هذه الأحداث) وأشار الى انه من ضمن القضايا الاساسية لحزب الأمة الحريات والمواطنة التي تشمل البعد السياسي والاحساس بالوطنية وقال نرفض بأن يتم الاستهداف في اطار اثني واشار الى ان حزب الأمة القومي كون عدداً من اللجان على مستوى العاصمة القومية كمحاولة استباقية لمنع القبض العشوائي وأكد بأن هناك قضيتين لن يتخلى عنهما حزب الأمة القومي وهما ـ العمل القومي والدفاع عن الحريات.
وقال كمال الجزولي (ما يقلق هو تصريح رئيس الجمهورية ومدير جهاز الأمن حيث قالا «ان جهاز الأمن والمخابرات لا يقتصر دورهما في جمع المعلومات وانما تعمل كقوة مسلحة»).
وأشار الجزولي (نحن بنص اتفاقية السلام نسعى من أجل التحول الديمقراطي ومن بينها المادة 151) كما قال بأن النائب الأول لرئيس الجمهورية قال صراحة بأن كلام الرئيس ومدير جهاز الأمن مخالف تماماً لنصوص الدستور الانتقالي وغير مسموح لأي كان، ومهما كان وضعه مخالفة نصوص الدستور أو القانون.
وأوضح بأن القانونيين لهم رأي فيما قاله السيد رئيس الجمهورية وسوف يصدرون بياناً في هذا الخصوص.
وفي مداخلة للحاج وراق من جريدة أجراس الحرية قال (أنا أريد أن أربط ما بين كفالة حرية التعبير وبقية الحريات الأخرى، فالاعتداء على حرية التعبير هي بداية الاعتداء على بقية الحريات). وأشار الى حرية التعبير قائلاً: لو توفّرت حرية التعبير لما حدثت أزمة دارفور لأن الحكومة وضعت حجاباً على الانتهاكات الواسعة عما كان يجري في دارفور.
وأكد وجود استهداف عنصري يجري حالياً ضد المواطنين واستدل بالمراسلة صالح في جريدة أجراس الحرية حيث قال بأن أجهزة الشرطة اوقفته وعندما قال لهم بأنه قرعاني صفعه رجل الشرطة على وجهه وسبه بعنف مشيراً الي وجود شواهد أخرى عديدة. وقال بأن ما جرى في أم درمان لايمكن ان يقاس بأي حال بما جرى في دارفور. مؤكداً بأن أحداث أم درمان يمكن ان تكون بلسماً لمداواة الجراح وطالب حزب المؤتمر الوطني بالتعقل لا محاولة تصوير الأحداث بانها أمر منبت الجذور أو وقع فجأة من السماء، او جاء هكذا من خارج البلد وخارج التاريخ.
وانتقد ورّاق الخطاب الاعلامي الموجه من قبل الدولة وطالب بايقاف الاستهداف العنصري.
وتحدث الاستاذ كمال عمر من المؤتمر الشعبي قائلاً ( يجري الاآن تنفيذ برنامج أمني من أجل حماية الشمولية التي يتميز بها المؤتمر الوطني) وقال ان البلاد تعيش تحت وطأة حكم الطوارئ غير المعلنة وهي ليست وليدة أحداث السبت 10 مايو. وأضاف بأن أزمة الحكومة انها لا تحترم أي اتفاق أو عهد وقعته. ويقول بعد كل هذا نحن في القوى السياسية لا نقتنع بل نحاول تقوية الحكومة في اشارة منه الى اتفاق التراضي الذي تم بين الأمة والمؤتمر, واشار الى ان الاحداث التي حدثت في دارفور اضعاف ما حدث في أم درمان والذين جاءوا حضروا من أجل ارسال رسالة بأن دارفور ايضاً تقع ضمن وطأة نيران طائرات الحكومة. وقال نطالب باطلاق سراح جميع الذين تم القبض عليهم، واضاف نحن نعتقد بأن فرص المحاكمة العادلة غير متوفرة في المحاكمات الخاصة. وقال قصدت من المشاركة التعبيربوصفي قانوني وايضاً كمشارك من حزب المؤتمر الشعبي وهذا تأكيد بأن منظمات المجتمع المدني والقانوني كلهم في خندق واحد.
وتحدث طارق الشيخ من هيئة محامي دارفور قائلاً (سعداء بأن الدعوة وجدت الكثير من التجاوب, ونحن لدينا عدد من المحامين من تم اعتقالهم.. ذكر منهم عبد الشكور هاشم وبارود صندل وسيف عثمان)، واضاف بأن محاولات خلق الجفوة بين ابناء الغرب وابناء النيل بدأت منذ موت الامام المهدي. وأضاف: بالرغم من مرارة الأحداث نحن نعمل دعماً لوقف هذه الانتهاكات والاسراع بتقديم المتهمين لمحاكمات عادلة.
انتهت أحداث السبت 10 مايو بأحداث مؤسفة أدينت من كل الجهات الداخلية والخارجية، الا ان ردة الفعل التي صاحبت هذه الأحداث قد بدأت تولد مرارات قد تكون نتيجتها ان يتساوى البرئ بالمتهم في ظل ردة الفعل العكسية، نتمنى من الذين تقع على عاتقهم حماية المواطن العمل بعقلانية في أداء واجبهم بما لا يدع مجالاً للشك في نزاهتهم ومحافظتهم على سلامة الجميع وهي أمانة في الرقاب.