رأت قيادات سياسية سودانية بارزة، أمس، أن البلاد تعيش أزمة سياسية كبيرة، وتعاني من انتقال متعثّر من حال الحرب إلى السلم، وانتقدت في حدة «اعتداء السلطات على الحريات السياسية والصحافية» وطالبت باطلاقها قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وأعرب زعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي، وسكرتير الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد، والأمين العام لـ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» باقان آموم في ندوة نظمتها أربع صحف، أمس، عن خيبة أملهم ازاء تباطؤ عملية التحول الديموقراطي، واعتبروا الأوضاع السياسية في البلاد «شاذة»، وحذروا من تكرار هجوم «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور على أم درمان، ودعوا الى سيادة حكم الدستور والقانون.
وانتقد آموم، وهو وزير شؤون مجلس الوزراء، الأوضاع في البلاد خصوصاً الحريات الصحافية والسياسية، وقال إن هذه الأوضاع دفعت السودانيين إلى اللجوء إلى الخارج، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من السودانيين غادر إلى اسرائيل على رغم العوائق التي تعترضهم. ورأى أن تدهور حال الحريات هو نتيجة للمشكلات التي تواجهها البلاد ويصنّفها «دولة فاشلة». وذكر أن الحريات شرط أساسي لإجراء الانتخابات، ورأى أن التعدي عليها بداية للرجوع إلى الحرب، ولا يساعد على الاستقرار والانتقال إلى الديموقراطية. وقال إن هناك تدهوراً في مجالات سياسية واقتصادية، لافتاً إلى أن الهجوم على أم درمان يمكن أن يتكرر في حال استمرت الأزمة السياسية في البلاد.
وطالب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بقيام جهة قضائية مستقلة معنية بالتعاطي مع العمل الصحافي، وقال إن الاعتداء على الحريات تسبب في انخفاض توزيع الصحف في شكل كبير. ودعا الى حرية مصادر الأخبار والمعلومات الصحافية، وإزالة العقبات أمام النشاط الصحافي، وطالب بعدم محاسبة الصحف إلا بأمر قضائي عادل.
أما سكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم فقد وصف التعدي على الحريات ووقف الصحف أو تعطيلها بأنه «أمر شاذ» ويدل على ضعف الحكومة، ونادى بتكوين لجنة دائمة للدفاع عن الحريات بمشاركة قيادات العمل السياسي وقيادات المجتمع.
محاكمة متمردي «العدل والمساواة»
إلى ذلك استمرت أمس محاكمة 37 من عناصر «حركة العدل والمساواة» متهمين بالمشاركة في الهجوم على أم درمان أمام ثلاث محاكم، لكن هيئة الدفاع عن المتهمين أعلنت اعتزامها تقديم طعن دستوري لدى المحكمة الدستورية خلال اليومين المقبلين لوقف ما تعتبره «عملاً غير دستوري»، وطالبت بوقف اجراءات محاكمة المتهمين الى حين رد المحكمة على طعنهم.
وقال المنسق القانوني للهيئة الوطنية للدفاع عن المتأثرين بأحداث أم درمان أمين مكي مدني في مؤتمر صحافي إن الهيئة ستتقدم بطعن لدى المحكمة الدستورية حول قواعد القانون التي أعطت قاضي المحكمة سلطات مطلقة جعلته يواصل اجراءات المحاكمة بدون هيئة الدفاع، وقال إنها تعطي القاضي سلطة فوق القانون، فضلاً عن تشكيل محاكم خارج الإطار القضائي المعروف. وذكر أن قانون الإرهاب «من القوانين الاستثنائية المخالفة للدستور واتفاقية السلام ومبادئ الشرعة الدولية»، مشيراً إلى أن لجوء هيئة الدفاع للمحكمة الدستورية هو لوقف ما سماه الانتهاك الواضح لحقوق المتهمين الإنسانية، مشيراً إلى أنهم علموا من النيابة أن هناك 100 شخص آخرين لا يزالون رهن التحري.
كذلك اعتبر عضو البرلمان المحامي صالح محمود أن كل الإجراءات المتبعة في المحاكمة الحالية غاية في التعسف «وأنها لا تتيح المحاكمة العادلة للمتهمين على الإطلاق». ورأى ان إمكان الدفاع عن المتهمين في هذه القضية «تكاد تكون معدومة» وبالتالي فإن اللجوء إلى المحكمة الدستورية لوقف إجراءات المحاكمة أمر ضروري الآن.
وفي تطور آخر، يجري عدد من الفصائل المسلحة في دارفور اجتماعات منتظمة في العاصمة التشادية نجامينا في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق للوحدة والاندماج بمبادرة من الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي اعلن دعمه الكامل لهذه الفصائل.
وتشمل الفصائل المسلحة، بحسب موقع «سودان تربيون» الإخباري، «حركة العدل والمساواة» بزعامة خليل ابراهيم، و «حركة تحرير السودان – الوحدة» برئاسة عبدالله أحمد يحيى، و «حركة تحرير السودان» بزعامة عبدالله خميس ابكر، و «الجبهة المتحدة للمقاومة» بقيادة بحر ادريس ابو قردة. وكان فصيلا عبدالله يحيى وأبو قردة اتفقا على دمج فصيليهما في نهاية تموز (يوليو) المقبل تحت رعاية القيادة الليبية.
متمرّدو دارفور يضعون «اللّمسات الأخيرة» على اتفاق لتوحيد فصائلهم برعاية الرئيس التشادي ... قادة سودانيون: البلاد تعيش انتقالاً متعثراً من الحرب إلى السّلم
June 2008 · 3 minute read