هددت الحكومة السودانية أنها سترفض أي قرار من مجلس الأمن الدولي لتمويل نشر القوات المختلطة «الهجين» من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور، بدون إجراء تعديلات على مشروع القرار المطروح حاليا من قبل بعض الدول الكبرى لإجازته، مشيرة الى وجود تحفظات عليه.
كما تحفظت الخرطوم على زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون للسودان. وقال وزير الداخلية الدكتور الزبير بشير طه، ان منحهما الاذن بدخول البلاد رهين «تبرئتهم من أي اجندة أو مؤامرات تحاك ضد السودان خارجيا»، وأضاف «لن نرحب بهم فى هذه البلاد ما لم يفعلوا ذلك»، ومضى الى القول «لسنا خائفين او مرعوبين منهما أو من أميركا وليست بين ظهرانينا ابادة جماعية او تطهير عرقي كما يروجون»، وتابع «التطهير العرقي والإبادة الجماعية تمت أمام اعينهم فى البوسنه والهرسك والعراق«.
وقال طه للصحافيين فى اعقاب تدشين 75 عربة لشرطة دارفور أن السودان وقع على اتفاق الحزم الثقيلة الثلاث مع الامم المتحدة ووقع على اتفاق العملية المختلطة غير ان ساركوزي وبراون ارادا الالتفاف على هذه الاتفاقيات والعودة للقرار 1706 الخاص بنشر قوات دولية في دارفور، الذى لن ترضخ الحكومة له. وشدد طه على ان «لحس الكوع» اقرب لهم من ان يوافق السودان على هذا القرار.
وأعلن في ذات الوقت عن عودة مليون نازح من المعسكرات الى قراهم تحت حماية الشرطة السودانية المنتشرة في ولايات دارفور، وكشف ان أفراد عدد الشرطة في الاقليم وصل الى «20» ألف شرطي، وتخطط الوزارة الى رفعه الى 40 ألفا خلال الفترة المقبلة. وشدد على ان ما يحدث في دارفور الآن ليس حربا وانما عمليات جريمة منظمة وان الشرطة كفيلة بالقضاء عليها وبسط هيبة الدولة. الى ذلك، دعت ثلا دول من أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى الإسراع في نشر قوة حفظ السلام مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إلى إقليم دارفور. وبعثت الولايات المتحدة مخططين عسكريين إلى مقر الأمم المتحدة للمساعدة في تنسيق عملية تحويل قوة حفظ السلام الأفريقية المنتشرة حاليا في الإقليم إلى قوة هجين (مشتركة) في أقرب وقت ممكن. وقال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليلزاد في تصريحات للصحافيين، إن نظيريه الفرنسي والبريطاني أحرزا «تقدما طيبا» خلال اللقاء مع نظرائهما الأفارقة، للعمل من أجل وضع جدول زمني لنشر القوة المشتركة. وأضاف أن الأسبوع الحالي سيشهد عقد اجتماعات تضم مسؤولين من إدارة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة.
وقال زلماي: «نأمل في التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن.. إننا نعمل على تحديد جدول زمني معقول ومن الممكن تجميع القوة المشتركة في أقرب وقت ممكن». وأشار إلى أن نشر القوة المشتركة سيكون تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يجعل ذلك إجباريا على أعضاء الأمم المتحدة. وأضاف أن السفراء الثلاثة يعملون مع الزعماء والقادة الأفارقة لإقامة نظام مراقبة وقيادة موحدة تابعة للأمم المتحدة لقيادة القوة المشتركة، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
واستبق مندوب السودان لدى الامم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم اجازة مجلس الامن لمشروع القرار البريطاني الفرنسي والخاص بتمويل العملية الهجين، بإعلان تحفظ شديد على مشروع القرار. وقال ان عناصره تتعارض مع المرجعيات التي يفترض ان يستند اليها. وأضاف ان بعثته ابلغت جميع الدول الاعضاء بمجلس الامن بأن السودان لن يقبل قرارا لا يستند الى المرجعيات المتفق عليها. وقال ان القرار في نسخته المتداولة حاليا يثير مجموعة من النقاط الخلافية والتي سبق وان أثارت في الماضي جدلا حادا بالمجلس وفي صدرها القرار (1706). وأضاف ان المشروع يذهب في بعض جوانبه للاشارة الى عقوبات وان الجوانب المتعلقة بتفويضات القوة الهجين غير واضحة.
وقال ان بعثة السودان والدول المساندة لها داخل المجلس أبدت تحفظها على القرار، مؤكدا على انه تجاوز الغرض منه لقضايا اخرى بدلا من تركيزه على تمويل العملية المتفق عليها. وحذر عبد الحليم من ان طول فترة التشاور داخل المجلس ستزيد من الخلافات بين الدول حول القرار، وأكد أن بعثة السودان ما زالت تواصل مشاوراتها مع الدول الأعضاء مسنودة بتلك التي تبني رؤيتها. من جهة ثانية، اعلنت المعارضة التشادية عن رفضها محاولة تحويل القوات الفرنسية الموجودة حاليا في شرق تشاد الى قوات اوروبية بذريعة حماية اللاجئين السودانيين والنازحين التشاديين التي أقرها اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي أخيرا.
وحذر بيان لتحالف المعارضة التشادية تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه، الاتحاد الاوروبي من ان التورط بمغامرة عسكرية في شرق البلاد سيحول المنطقة الى خراب وعواقبه وخيمة «وسيؤدي الى مواجهة الخطر»، معتبراً ان نشر قوات اجنبية لدواع انسانية عبارة عن دعاية فرنسية. وحملت المعارضة الاتحاد الاوروبي مسؤولية ما سيسفر من نتائج التدخل العسكري، متهمة الحكومة الفرنسية انها وراء الاقتراح وتقديمها الدعم اللوجستي والعسكري والدبلوماسي للرئيس التشادي ادريس دبي. وأشارت المعارضة في بيانها الى ان الحكومة التشادية أغلقت الباب أمام العملية السلمية، محملةً الرئيس دبي مسؤولية العودة للمواجهة العسكرية، ومناشدة الوسطاء ودول الساحل والصحراء (س ص) لمواصلة الجهود للحل السلمي في تشاد. من جهة ثانية، عاد الى السودان حوالي (392) مواطناً سودانياً من الجماهيرية الليبية عبر (5) طائرات هبطت في مطاري الفاشر والخرطوم ضمن برنامج العودة الطوعية الذي سيستمر طوال الاسبوع القادم لإعادة اكثر من عشرة آلاف مواطن سجلوا طوعاً للعودة الى البلاد.
وقال مدير ادارة القنصليات بوزارة الخارجية السودانية محمد عمر، ان عمليات العودة الطوعية للسودانيين في ليبيا ستستمر خلال الاسبوع القادم لإعادة اكثر من عشرة آلاف مواطن سجلوا طوعاً للعودة الى البلاد، مشيرا الى ان الدوائر السودانية المختصة ستنظر في اوضاع السودانيين الذين ينتظرون دفع الديات لجرائم قتل وأودعوا السجون الليبية منذ فترة طويلة.