لم تصدر أية مقررات أو توصيات عن الاجتماع الموسع لمجموعة الاتصال حول دارفور الذي عقد أمس في باريس بدعوة من فرنسا ورئاستها. ولم يدم أكثر من ست ساعات، غير أن هذه الفترة الزمنية القصيرة كانت كافية لإظهار تضامن المجموعة الدولية وعزمها على وضع حد لمأساة الاقليم السوداني.
واجتماع أمس كان مناسبة للدبلوماسية الفرنسية لتؤكد أولوية هذا الملف في تحركها ولتأكيد قدرتها على جمع الدول والمؤسسات المعنية. غير أن الاجتماع الذي عقد في مقر المؤتمرات الدولي التابع لوزارة الخارجية الفرنسية غاب عنه السودان، المعني الأول بالموضوع كما غابت عنه حركات المعارضة المسلحة الناشطة في دارفور والدول المجاورة كتشاد وأفريقيا الوسطى وكذلك الاتحاد الأفريقي الذي أرسل قوة من 7 آلاف رجل الى دارفور منذ عام 2004. لكن بالمقابل، حضرته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بما فيها الصين التي لم تحضر أبدا مثل هذه المؤتمرات.
وحضرت كذلك 11 دولة أوروبية اضافة الى خافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كما حضره أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية واليابان وجنوب أفريقيا والبنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية. وتكتسي مشاركة الصين أهمية خاصة، إذ أنها الدولة العظمى التي تقف حتى الآن الى جانب السلطات السودانية والتي تعارض أي مواقف أكثر تشددا إزاءها.
وقال ليو غيوجين، الرجل الثاني في البعثة الصينية، إن «التهديدات والضغوط على السودان يمكن أن تأتي بنتائج عكسية». وأضاف المسؤول الصيني أنه «من أجل إيجاد حل للأزمة في دارفور، يتعين على المجموعة الدولية أن ترسل إشارات إيجابية ومتوازنة». وخلص الى القول: «أعتقد أن الحكومة السودانية راغبة وبصدق بتحسين الأوضاع الإنسانية غير أنها تلاقي صعوبات حقيقية بسبب غياب وقف جدي لإطلاق النار». وحرص الرئيس ساركوزي على استقبال رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر في قصر الإليزيه حيث ألقى كلمة متشددة دعا فيها الى الحزم مع السودان ومع الذين يعيقون التوصل الى حل لكارثة دارفور. وقال «نريد تعبئة المجموعة الدولية لنقول: كفى، لسنا نعيش في القرن الواحد والعشرين لنقبل التفرج على صور المأساة». وأضاف الرئيس الفرنسي: «الصمت يقتل في دارفور ولذا يجب التحرك والتحرك بسرعة». ودعا ساركوزي الى التشدد «الآن حزم المجموعة الدولية هي الطريقة الوحيدة التي تجبر الجميع على قبول النقاش». واستطرد قائلا: «يتعين على السودان أن يفهم أنه إذا تعاون فإننا مستعدون لمساعدته وإذا رفض التعاون فيجب التزام الحزم تجاهه». وتريد باريس وفق ما قاله وزير الخارجية الإسراع بإرسال القوة المشتركة الى دارفور التي من المفترض أن تحل محل القوة الأفريقية المؤلفة من سبعة آلاف رجل، والتي ينظر اليها أنها غير كافية وغير فاعلة. وأكد وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران صباح أمس أن وصول القوة الى دارفور «يمكن أن يبدأ مع بداية العام المقبل».
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي إنه يتعين الانتقال الى «التدابير العملية» لإرسال القوة المشتركة. وقال الوزير كوشنير إن من مهمات المؤتمر النظر في كيفية ضمان تمويل القوة المشتركة.
وأعلن ساركوزي في خطابه أن باريس مستعدة للمساهمة بـ10 ملايين يورو لدعم القوة المشتركة.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقد نهاية الاجتماع، قال كوشنير إن الأهداف التي سعت اليها باريس ثلاثة، وهي المساعدة على التوصل الى حل سياسي وتوفير المساعدات الإنسانية وإعادة اعمار المناطق التي تضررت بسبب الحرب. من جهتها، قالت كوندوليزا رايس إن «الأسرة الدولية انتظرت طويلا للتوصل الى حل ولم يعد بمقدورها الانتظار». وأشارت رايس الى أن العقوبات «تبقى أمرا قائما طالما الوضع لم يتجه الى الأحسن، ولم يتم الالتزام بالاتفاقات» التي تم التوصل اليها في السابق؛ بما في ذلك نشر القوة المختلطة.
ونحا الأمين العام للأمم المتحدة باللائمة على الأسرة الدولية التي «تأخرت في التحرك»، مشددا على ضرورة الإسراع بإنشاء القوة المختلطة. لكن اللافت في المؤتمر الصحافي أن بان كي مون وكذلك كوشنير «اشادا» بالدور الذي لعبته الصين، ووصفه الوزير الفرنسي بأنه كان «مرضيا».
وفي الخرطوم، تراوحت رد الفعل «الرفض والتحفظ والتحذير». وقال الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم أنه لا حاجة لقيام مؤتمر باريس. واشار للمبادرات الإقليمية والدولية لحل الأزمة.
وفي تصريحات صحافية، ارسل الدكتور مجذوب الخليفة مستشار الرئيس رسالة واضحة لباريس، وقال «نحن نرفض أي قرارات سالبة». واضاف «ان اي عمل لا يتوافق مع ما اتفقنا عليه مع الاتحاد الافريقي والامم المتحدة اخيرا وهو اتفاقية السلام واحترام سيادة السودان لن نكون طرفا فيه». غير ان الدكتور مطرف صديق، وكيل وزارة الخارجية، قال ان حكومته «ليست متحفظة»، مشيرا الى ان حكومته لم تدع للمشاركة باعتبارها ليست طرفا فى مجموعة الاتصال، ومع ذلك رأى ان المؤتمر يجب ألا يفتح الباب لتعدد المبادرات، قبل ان يرحب بأي دعم تنموي وانساني من المؤتمر.