اتهمت السلطات السودانية أمس «حركة تحرير السودان» المتمردة في دارفور بزعامة عبدالواحد محمد نور، بالتخطيط لتنفيذ أعمال عنف في الخرطوم وتفجير مواقع مهمة، وقالت إنها وراء انفجار حاملة وقود في قلب العاصمة أمس، وأعلنت توقيف مجموعة من أعضاء الحركة.
وشهدت منطقة السوق العربي في وسط الخرطوم أمس تظاهرات للباعة المتجولين الذين كانت السلطات تطاردهم، ما أدى إلى اشتباكات بين الطرفين أوقعت جرحى. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريقهم، كما جُرح مواطنون كانوا يتسوقون. وألقى مجهولون قنبلة يدوية على حاملة وقود في وسط السوق، ما أدى إلى إعطابها وتفجير مقدمتها، وتدفق حمولتها من الغازولين. وجُرح ثلاثة يعملون في محطة الوقود واثنان من المارة.
وقال مسؤول في قيادة الشرطة لـ «الحياة» إن مجموعة من أنصار عبدالواحد محمد نور طلبت أول من أمس السماح لها بالتظاهر للمطالبة بوقف العنف في دارفور وتجريد ميليشيا «الجنجاويد» من السلاح وحماية المدنيين. وأضاف أنهم توعدوا بتفجير محطات وقود وإثارة قلاقل في الخرطوم، بسبب عدم موافقة السلطات على طلبهم. وأكد أن الشرطة اعتقلت المجموعة التي ألقت القنبلة على محطة السوق العربي، وتطارد آخرين فروا. وأكدت الشرطة في بيان أن «الأوضاع عادت إلى طبيعتها في وسط الخرطوم». ووصفت المتظاهرين بأنهم «خارجون على القانون». واتهمتهم بـ «رشق المارة بالحجارة وتعريض ممتلكات المواطنين إلى الخطر».
إلى ذلك، دعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير أمس إلى فرض عقوبات دولية على السودان في حال واصل «الهجمات العشوائية» ضد المدنيين في دارفور. وحضت على نشر سريع لقوات حفظ السلام الدولية والأفريقية المشتركة «لمعالجة موجة العنف المتصاعدة في دارفور».
وحذرت من أن «الموقف تطور في الإقليم وتحول من نزاع مسلح بين المتمردين والحكومة إلى تنافس عنيف على السلطة والموارد تتورط فيه القوات الحكومية وميليشيا الجنجاويد والمتمردون والمتمردون السابقون». لكنها شددت على أن «هذه التعقيدات يجب أن لا تحول الانتباه عن مسؤولية الخرطوم عن الهجمات العشوائية الجوية والبرية، ولا عن الفشل في محاسبة منتهكي الحقوق، ولا عن عدم استعداد الحكومة لتشكيل قوة شرطية قادرة على حماية المدنيين».
ودعت المنظمة كلاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى «نشر عناصرهما على نطاق واسع وبشكل استراتيجي، وأن يتم توفير قدرات استجابة عالية السرعة وبالغة القوة للعناصر، لتسيير دوريات منتظمة نهاراً وليلاً».
وطالبت السلطات السودانية بإنهاء «حال الإفلات من العقاب عبر التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك تنفيذ ما جاء في أوامر الاعتقال، وإجراء إصلاحات قانونية وغيرها من الإصلاحات لدعم النظام القضائي السوداني». وشددت على ضرورة «فرض عقوبات هادفة ضد الحكومة السودانية والأحزاب الأخرى المنضوية في الصراع، في حال إخفاقهم في تلبية ما يُؤمل منهم لتحسين الأوضاع في الإقليم».
لكن وزير الخارجية السوداني الدكتور لام أكول رفض الدعوات إلى فرض عقوبات دولية، ووصف اتهام الحكومة بشن هجمات على المدنيين بأنه «هراء». وقال: «سمعنا دعوة هيومان رايتس ووتش إلى فرض عقوبات مرات عدة من قبل، ولكن كيف يتأتى لهم أن يقولوا هذا ونحن نرحب بنشر قوات حفظ السلام ونسعى جاهدين إلى تحقيقها وتنفيذها؟».
ووصفت الخارجية السودانية تقرير المنظمة بـ «الكاذب والمفبرك». وقال الناطق باسم الوزارة السفير على الصادق لـ «الحياة» إن «على المنظمة أن تفهم أن الحملات التي ظلت تقودها ضد الحكومة والمعلومات المفبركة التي ظلت تنشرها في عواصم العالم لم تعد تتفق مع المرحلة ولن تفيد، بل على العكس هناك عمل جاد وتعاون مستمر بين السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتنفيذ قرار نشر القوات المشتركة في دارفور، إضافة إلى جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي». واعتبر أن «الجهود كافة تصب الآن نحو الحل السلمي، لذلك على المنظمة أن لا تصطاد في الماء العكر».
وفي سياق متصل، يترأس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري اليوم الجمعة اجتماعاً رفيعاً في نيويورك تشارك فيه الحكومة السودانية والاتحاد الأوروبي لوضع اللمسات النهائية على محادثات السلام بين الحكومة ومتمردي دارفور المقررة الشهر المقبل في طرابلس، وتسريع نشر القوة المشتركة.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن بان تأكيده أن الأمم المتحدة ستكون «متنبهة جداً لمراقبة تنفيذ التعهدات» التي قطعها الرئيس السوداني عمر البشير بدعم قوة دارفور والسعي إلى وقف للنار. وقال الأمين العام في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» الأميركية إن البشير «سيحترم تماماً قرارات مجلس الأمن كافة وتعهدات حكومته». واعتبر أن نشر القوة المختلطة أحرز «تقدماً واضحاً».
وذكرت «فرانس برس» أن فصيلاً من متمردي «حركة تحرير السودان» بقيادة أحمد عبد الشافي طلب تأجيل موعد مفاوضات السلام في طرابلس إلى ان يتم التوصل الى هدنة حقيقية على الأرض. واعتبر فصيل عبد الشافي في رسالة وجهها الى الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، ان الأطراف المعنيين بالنزاع «ليسوا مستعدين بعد لبدء مناقشات سياسية حقيقية».