اعلنت بعثة الامم المتحدة في الخرطوم امس انه تم إحصاء نحو 140 الف نازح جديد منذ مطلع السنة الحالية في دارفور (غرب السودان) حيث تدور حرب اهلية.
وافادت البعثة ان «الوضع في دارفور ما زال يشهد نزوح المدنيين قسرا بسبب تدهور الظروف الامنية وتزايد عدد النازحين من المدنيين والتوتر المتزايد في المخيمات وتزايد الهجمات التي تستهدف العمليات الانسانية». ويناقض هذا المشهد تقييم السلطات السودانية التي تتحدث عن تحسن في وضع سكان دارفور الأمني وترفض حصيلة المنظمات الدولية التي تفيد بسقوط 200 الف قتيل بسبب تداعيات النزاع في غضون اكثر من اربع سنوات ونزوح اكثر من مليوني شخص.
وقالت بعثة الامم المتحدة في تقرير عرضته على الصحافيين ان عدد النازحين خلال مايو (ايار) وحده يتجاوز 10 آلاف، وأن 300 عائلة فرت خلال الاسبوع الحالي من هجمات الميليشيات في جنوب دارفور.
وافادت الوثيقة ان تزايد عدد النازحين الذي قدرته الأمم المتحدة بنحو مليوني نسمة خلال 2007، يعكس عدم قدرة المخيمات على استيعابهم باستثناء مخيم زمزم القريب من الفاشر بشمال دارفور الذي ما زال قادرا على استيعاب 3 آلاف شخص. وقالت نفس المصادر إنه خلال مايو، سرقت 17 سيارة تابعة للعمليات الانسانية ليبلغ عددها الاجمالي منذ بداية العام، 67. وكثرت الهجمات على المنظمات غير الإنسانية وتعرض عشرون من العاملين الانسانيين للامم المتحدة خلال احداها لنهب ممتلكاتهم.
لكن رغم انعدام الأمن، قدرت الامم المتحدة عدد الاشخاص الذين لا يستفيدون من مساعدة انسانية في دارفور بنحو 566 الفا مقابل 900 ألف في فبراير (شباط) الماضي، موضحة ان ذلك عائد الى الجهود التي يبذلها العاملون في العمل الانساني للوصول الى اكبر عدد من المنكوبين.
إلى ذلك، قال النائب في البرلمان الاوروبي يورغن شرودر من (الديمقراطيين الأوروبيين)، إن البرلمان سيرسل بعثة إلى دارفور «لدارسة حقيقة الوضع وتقدير ما يمكن عمله لإيجاد مخرج للأزمة الإنسانية هناك». ونقلت مصادر في البرلمان الاوروبي تفاصيل من الجلسة التي انعقدت اول من امس في بروكسل لمناقشة الوضع في دارفور. وقالت ان رؤساء المجموعات الحزبية اتفقوا على ضرورة التحرك بشكل اكثر فعالية في سبيل ايجاد حل للنزاع.
وأكدوا ضرورة تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار، و«انه لا تقدم بدون وقف إطلاق نار حقيقي قادر على الاستمرار». ورأى نائب برلماني من المجموعة الاشتراكية أن الحكومة السودانية «تمارس التطهير العرقي ضد مواطنيها أنفسهم في الوقت الذي يجب عليها حمايتهم». واضاف «يجب ألا تفلت الخرطوم من العقاب». أما النائب غراهام واطسون (تحالف الديمقراطيين والليبراليين من أجل أوروبا)، فقال إن الاتحاد الأوروبي «يجب ألا يكون مراقباً فقط في دارفور»، متسائلاً «كم يجب أن يموت من الناس حتى نتعرف جيدا على مسؤولياتنا تجاه الوضع هناك؟». وأبدى البرلماني الأوروبي معارضة مجموعته لاقتراح الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، فرض عقوبات تجارية مشددة على الخرطوم، قائلا ان «مثل هذه العقوبات لن تكون مجدية، يجب أن يتخذ الاتحاد إجراءات أبعد من ذلك». ودَعَا واطسون قمة الثمانية الكبار في ألمانيا، إلى التركيز أكثر على دارفور والوسائل العملية لحل النزاع من جوانبه الإنسانية والسياسية هناك، وقال إن «الدروس المستقاة من تجارب سياسية أخرى، تؤكد ضرورة التدخل قبل أن يمتد الصراع إلى كل القارة الأفريقية». وكان كل من الأسقف ديسموند توتو (جائزة نوبل للسلام 1984) وجودي وليامز (نوبل للسلام 1997)، كانا قد تحدثا في جلسة البرلمان الأوروبي، مطالبين الاتحاد بضرورة التحرك بدون انتظار باقي اللاعبين الدوليين لإنهاء الأزمة الإنسانية والسياسية «المخجلة» في الإقليم. واشارا الى ان العقوبات ستكون فعالة لإرغام الحكومة السودانية على وضع حد للتجاوزات التي ترتكب في دارفور كما اثبتت فعاليتها في جنوب افريقيا في ظل نظام الفصل العنصري.
وقال الأسقف السابق لجنوب أفريقيا في كلمة أمام البرلمان الأوروبي لدعم فرض عقوبات على الخرطوم، ان العقوبات الدولية في عهد نظام الفصل العنصري «كانت سلاحا مهما جدا في نضالنا لأننا اردنا نضالا سلميا». ورأى ان «العقوبات فعالة خصوصا عندما تكون محددة الاهداف. لقد اثبتت فعاليتها معنا». واضاف وسط تصفيق النواب الاوروبيين «دعوني اؤكد انني ادعم من صميم قلبي فرض عقوبات محددة الاهداف للتصدي لموقف الخرطوم المتعنت».
وقال توتو «واجهنَا أوضاعاً معقدة في جنوب افريقيا. وكان الناس يظنون ان حمام دم وحده سيؤدي الى تسويتها. هذا لم يحصل إطلاقا. لا تتخلوا عن الامل بحصول تغيير في الخرطوم».
وأيدت جودي وليامز التي تولت رئاسة البعثة الخاصة في مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة بدارفور، بدورها مثل العقوبات المفروضة على بريتوريا خلال عهد الفصل العنصري. ودعت خصوصا الاتحاد الاوروبي الى تطبيقها. وقالت «اطلب من الاتحاد الاوروبي ان يعمل لعزل السودان اقتصاديا وسياسيا كما تم عزل جنوب افريقيا خلال نظام الفصل العنصري وتماما كما يجب عزل النظام العسكري الحاكم في بورما».
وذكرت الدول الـ27 اعضاء الاتحاد بعدم توقع دعم من الصين لتحرك دولي. وقالت حائزة نوبل السلام لـ1997 «لا ينبغي ان ينتظر الاتحاد الاوروبي إجماعا بعيد المنال في مجلس الامن الدولي». واضافت «لا تنتظروا بقية العالم». ودعت الاوروبيين الى ممارسة ضغوط على الصين من خلال التهديد بمقاطعة الالعاب الاولمبية التي تنظم في بكين العام المقبل.